أكد عبد اللطيف كداي، أستاذ علم الاجتماع بكلية علوم التربية بالرباط أن جرائم اغتصاب الأطفال المقرونة بالقتل رغم فضاعتها إلا أنها لا تمس بلدنا فقط، بل هي جريمة تحدث في كل العالم ولا تقتصر على شعب من الشعوب أو لغة أو لون أو مستوى علمي أو اجتماعي أو اقتصادي.
وأضاف أن ضحايا الاغتصاب بصفة عامة لا يستطيعون أن يمحوا من ذاكرتهم الحدث، "حدث الاغتصاب"، فهو دائم الحضور لديهم، ومن الصعب نسيان هذه اللحظات الأليمة، مؤكدا أن الاندماج بالنسبة إلى الضحية يكون صعبا ويستدعي في بعض الأحيان وجود مراكز مختصة لعلاج وإعادة إدماج الأطفال ضحايا الاغتصاب والعنف. وأوضح كداي أن الاغتصاب مع القتل هو عمل تُعرف به الشخصيات السيكوباتية، التي لا تعرف شيء اسمه الشعور بالندم ويكون القتل هو الهدف، وبالتالي تعذيب الضحية بأي وسيلة كانت قبل الشروع في قتله، أما إذا كان الفاعل مجرما عاديا فالخوف من الفضيحة أو من إلقاء القبض عليه قد يكون في حد ذاته دافعا للقتل.
ارتفعت ظاهرة اغتصاب الأطفال المقرونة بالقتل، كيف تكيفون هذه الظاهرة؟
أولا ينبغي التأكيد على واقع ارتفاع مؤشرات الجريمة بصفة عامة وبكل أنواعها في الآونة الأخيرة بالمغرب، ما يطرح أكثر من سؤال عن طبيعة التحولات التي أدت إلى هذه الوضعية، ولا شك أن جرائم اغتصاب الأطفال رغم طابعها الخاص، فهي لا تخرج عن الإطار العام الذي هو الجريمة، صحيح أنها جريمة أشنع وأبغض ومرتكبها هو شخص غير عادي ومريض، لكن مع ذلك يمكن القول بشكل موضوعي إنها لا تقتصر على بلدنا فقط، فهي جريمة تحدث في كل العالم ولا تستثني أي شعب من الشعوب، أو لغة، أو لون، أو مستوى علمي أو اجتماعي أو اقتصادي، والمغتصب غالبا ما يكون إما ذا سوابق أو شخصا متسكعا أو في بعض الأحيان شخصا أهلا للثقة بالنسبة إلى أسرته، بمعنى مرتكب هذا الفعل، قد يكون أي شخص، وهذه هي الصعوبة التي يمكن إيجادها في البحث عن هوية مرتكبي هذا الفعل، خاصة إذا تم قتل الطفل ضحية الاغتصاب...
كيف تكون الحالة النفسية للطفل ضحية فعل الاغتصاب؟
ضحايا الاغتصاب بصفة عامة لا يستطيعون أن يمحوا من ذاكرتهم الحدث، "حدث الاغتصاب"، فهو دائم الحضور لديهم، ومن الصعب نسيان هذه اللحظات الأليمة، ويزداد الأمر تفاقما عندما يتعلق ذلك بالأطفال، فالطفل يختزن في ذاكرته كل تجاربه الأليمة، ومنها على الخصوص ما يرتبط بالمسألة الجنسية لحساسيتها المفرطة بالنسبة إليه، مما يجعل لدى ضحايا الاغتصاب صعوبة في العيش حياة جنسية عادية فيما بعد، عموما هؤلاء الضحايا يجري تبعهم من لدن معالجين نفسانيين.
وهل يسهل إدماجه في المستقبل؟
أعتقد أن الاندماج سيكون هنا صعبا بالنظر إلى ما ذكرناه آنفا، وهذا يستدعي في بعض الأحيان وجود مراكز مختصة لعلاج وإعادة إدماج الأطفال ضحايا الاغتصاب والعنف...، لأنه في الغالب تكون الأسرة عاجزة وغير قادرة على تفهم الطفل الضحية، في الوقت الذي تستمر فيه معاناته في صمت، سواء كان ذكرا أو أنثى، على اعتبار أن ثقافة المجتمع لا تسمح بالحديث عن هذه الأمور لأنها تدخل في خانة " حشومة أو عيب"...
هناك من يقول أن الطفل بمجرد تجاوز سن الثامنة عشر ينسى العنف الجنسي الممارس عليه، هل هذه الفرضية صحيحة؟
هذه الفرضية غير مؤكدة علميا، ويصعب أن نقول مثل هذا الكلام، كل ما هو معروف إلى اليوم أن الاغتصاب تظل نتائجه وتداعياته تلاحق شخصية الفرد إلى سن متأخرة من عمره، هناك من يستطيع مع مرور الزمن وبفعل عوامل معينة التخلص من الآثار النفسية لجرائم الاغتصاب، وفي المقابل قد نجد أشخاصا كانوا ضحايا وأصبحوا ساديين مثلا أو يحبون تعذيب الآخر، والأمثلة في هذا الباب كثيرة.
هل الطفل الممارس عليه الجنس يصبح في المستقبل شاذاجنسيا؟
ليس بالضرورة، صحيح أن هناك بعض الشواذ الذين يعترفون اليوم أنهم كانوا ضحية اغتصاب متكرر لما كانوا أطفالا مورس عليهم الجنس من قبل الراشدين، لكن هناك أيضا افتراضات جينية واستعدادات أولية موجودة لدى بعض الأفراد ليصبحوا شواذا، وبالتالي يصعب ربط الشذوذ الجنسي بالاغتصاب الذي طال هؤلاء.
هل الشخص الذي يغتصب طفولة بريئة يكون إنسانا عاديا أم مريضا؟
بالطبع هذا الشخص لا يمكن تصنيفه إلا في خانة المرضى والشخصيات اللاسوية على العموم، فمعروف أن الاغتصاب مع القتل هو عمل تُعرف به الشخصيات السيكوباتية، التي لا تعرف شيئا اسمه الشعور بالندم، كما أنها تتصرف بشكل عادي وطبيعي حتى يجري استدراج الضحية، وارتكاب أبشع الجرائم في غاية من التخطيط والدقة، وأعتقد أن مجتمعنا في الآونة بات يعرف نماذج من هذه الشخصيات، وهذا يستدعي تكوينا علميا نفسيا واجتماعيا لأجهزة الضبط، (الشرطة على الخصوص).
هل يكون المغتصب واعيا بارتكاب الجرم، ولماذا يفكر في القتل بعد الانتهاء من عملية الاغتصاب؟
إذا افترضنا أن الفاعل هو شخص سيكوباتي هذا معناه، أن القتل هو الهدف، وبالتالي تعذيب الضحية بأي وسيلة كانت قبل الشروع في قتله وهذه من الطقوس التي تميز هذه الشخصيات، لذا فالأمر واضح وفق هذا الافتراض. أما إذا كان الفاعل شخصا ليس سيكوباتيا بل مجرما عاديا، فأعتقد أن الخوف من الفضيحة أو من إلقاء القبض عليه قد يكون في حد ذاته دافعا للقتل، خاصة إذا كان معروفا من قبل الضحية، هذا في الوقت الذي لا يستطيع الطفل مقاومة المعتدي، مما يسهل من مأمورية الفاعل.