اللجنة التقنية الحكومية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد تستأنف اجتماعاتها الأسبوع المقبل

الصحراء المغربية
الثلاثاء 09 شتنبر 2025 - 22:17

يتوقع أن تستأنف اللجنة التقنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، اجتماعاتها مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية يوم الخميس 18 شتنبر الجاري.

وعبرت الحكومة بمعية المركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين، خلال الجولة الأولى من الحوار الاجتماعي لأبريل 2022، عن عزمها إطلاق الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد، وذلك في إطار حوار مفتوح بين مختلف الشركاء، بهدف وضع منظومة التقاعد المستهدفة تشمل قطبين "عمومي" و"خاص". كما اتفقوا خلال الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي التي انطلقت نهاية 2022، على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة مجموعة من المواضيع ذات الأهمية القصوى، كورش إصلاح منظومة التقاعد.

وكانت اللجنة، التي يأتي إنشاؤها بهدف تنزيل رؤية مشتركة ومتكاملة لقطبين "العمومي" و"الخاص"، في أجال معقولة تأخذ بالاعتبار التحديات وكذا الإكراهات المرتبطة بها، عقدت أول اجتماع لها ركزت خلاله على التذكير بالوضعية الراهنة لأنظمة التقاعد بالمغرب، وإعطاء نبذة عن مخرجات الدراسة المتعلقة بإصلاح التقاعد، ثم التوافق حول تركيبة هذه اللجنة والجدولة الزمنية لأشغالها.
وحسب معطيات صادرة عقب الاجتماع الأول للجنة إصلاح أنظمة التقاعد، يقدر عدد السكان النشيطين بالمغرب بنحو 11 مليون شخص، منهم 3.5 ملايين فقط يشتغلون في القطاع الخاص المهيكل و970 ألف موظف عمومي، إضافة إلى 187 ألف مستخدم بالمؤسسات العمومية. في المقابل، يشتغل حوالي 6.3 ملايين شخص دون أي تغطية تقاعدية.
وسبق للجنة الوطنية لإصلاح التقاعد أن قامت بوضع خارطة الطريق لإصلاح أنظمة التقاعد خلال سنة 2013، أوصت من خلالها بخلق نظام تقاعد بقطبين "العمومي" و"الخاص"، وذلك في أفق وضع منظومة تقاعد بنظام أساسي موحد، يتجلى بالنسبة للقطب العمومي في نظام أساسي مسقف باستحقاقات محددة ونظام تكميلي إجباري مسقف مبني على الرسملة، في ما يتعلق بالنسبة للقطب الخاص، بنظام أساسي بسقف يشمل الأجراء وغير الأجراء مع وضع أنظمة تكميلية اختيارية.

كما أوصت باعتماد الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية، فضلا عن إطلاق دراسة لتوسيع تغطية أنظمة التقاعد ليشمل العمال غير الأجراء.
كما شملت محطات إطلاح التقاعد ما بعد 2013، حيث اقترحت اللجان بمنظومة القطبين وبالإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية سنة 2013، بتنزيل الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية الذي مكن من تأجيل أفق استدامة النظام من 2022، إلى 2028، من خلال الرفع التدريجي إلى 63 سنة، وزيادة نسبة المساهمات إلى 28 في المائة بدل 20 في المائة، وكذا تحديد المعاش على أساس 2 في المائة عوض 2.5 في المائة، وتوسيع قاعدة تصفية المعاشات إلى متوسط الراتب خلال 8 سنوات الأخيرة من الخدمة الفعلية.
وخلال سنة 2017، تمت المصادقة على القانون بإحداث نظام للمعاشات لغير الأجراء، كما تم خلال سنة 2019 إصلاح دراسة لبلورة تصميم دقيق لمنظومة التقاعد المستهدفة، كما دخل نظام المعاشات لغير الأجراء حيز التنفيذ سنة 2022، وجرى الشروع في الإصلاح المقياسي لنظام منح رواتب التقاعد سنة 2021.

وكشفت اللجنة من خلال تشخيصها وتحليلها للوضعية الراهنة لأنظمة التقاعد، أن هذه الأخيرة غير متجانسة، على مستوى الأداء الاجتماعي، حيث يعاني أكثر من نصف السكان النشطين (حوالي 54 في المائة) من عدم وجود حماية ضد مخاطر الشيخوخة، بسبب ضعف تغطية الأنظمة، وكذا على مستوى متوسط المعاشات الممنوحة، إذ يختلف متوسط المعاشات الممنوحة بشكل كبير بين الأنظمة، حيث بلغت 2022 درهما للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و5678 درهما للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، و7873 درهما لنظام المعاشات المدنية.
كما شمل عدم تجانس أنظمة التقاعد قواعد إعادة تقييم المعاشات، على اعتبار أنه بالنسبة لنظام المعاشات المدنية، لا تتم إعادة التقييم بشكل تلقائي، ويعود آخر إعادة تقييم إلى سنة 1997، في حين تتطلب إعادة التقييم إصدار مرسوم بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، وإعادة تقييم سنوية بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، فضلا عن كون شريحة كبيرة من أجراء القطاع الخاص، التي لا تستوفي شرط 3240 يوما للمطالبة لمعاش تكتفي بالحصول على اشتراكاتها الأجرية.
عدم التجانس، حسب المعطيات نفسها، طال أيضا مستوى مقاييس الاشتغال، إذ تختلف نسب المساهمات بين القطاع العام والخاص، ففي الوقت التي تبلغ فيه بالنسبة لموظفي القطاع العام 28 في المائة، وتقسم بالتساوي بين الموظف والمشغل، تناهز بالنسبة لمستخدم المؤسسات والمقاولات العامة نسبة 18 في المائة ويساهم المنخرط بثلث النسبة والمشغل بالثلثين، في حين تصل بالنسبة لأجراء القطاع الخاص 11.89 في المائة، ويساهم المنخرط بالثلث والمشغل بالثلثين. ويؤثر هذا الاختلاف على سقف الأنظمة، حيث لا يوجد سقف لنظام معاشات الموظفين، في حين يبلغ 19.252 درهما للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، و6.000 درهم لنظام أجراء القطاع الخاص.

كما أن أنظمة التقاعد تعاني، وفق المعطيات ذاتها، من كون توازناتها المالية مهددة، حيث يبلغ عجز الصندوق المغربي للتقاعد 7.8 ملايير درهم، ويعاني النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد من عجز يصل إلى 3.3 ملايير درهم، ويناهز عجز صندوق الضمان الاجتماعي 375 مليون درهم.
وتوقعت الأرقام نفسها، أن يستنفد الصندوق المغرب للتقاعد احتياطه البالغة 68 مليار درهم سنة 2028، كاشفة أن هذا الصندوق يحتاج إلى 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجزه، كما تترقب أن تنفد احتياطات النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد التي تناهز 135 مليار سنة 2052، ويستنفد صندوق الضمان الاجتماعي احتياطاته التي تناهز 61 مليار سنة 2038 .
وأفادت معطيات اللجنة أن نظام صندوق الضمان الاجتماعي غير مصنف، حيث يشترط على مؤمن له أن يتوفر، لاستفادة من معاش التقاعد على 3240 يوما كحد أدنى من التصريح أي ما يعادل في المتوسط 15 عاما من العمل، كاشفة أن المحرك الديمغرافي الإيجابي يجلب السيولة للنظام حاليا.

وأكدت اللجنة في تشخيصها على أن تنزيل القطب العمومي يظل الخيار الأمثل لمعالجة إشكالية سيولة نظام المعاشات المدنية وكذا مشكلة عدم التوازن البنيوي الذي يعرفه النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، مشددة بالنسبة للقطب الخاص، على أن الدينامية الإيجابية لمحركه الديمغرافي ستخفف من مشكل عدم توازن تقاعد أجراء القطاع الخاص، مبرزة في هذا الصدد، أنه بمجرد تراجع هذا المؤشر الديمغرافي، ستتدهور الوضعية المالية للنظام مما يستوجب إصلاحا مقياسيا مستعجلا لجعله أكثر إنصافا والحد من اختلالاته المالية.
وكانت وزارة الاقتصاد والمالية أعدت دراسة لبلورة تصميم دقيق لنظام التقاعد المستقبلي، وتقترح هذه الدراسة هيكلة النظام المستهدف في ثلاثة مستويات لكل من القطاعين العام والخاص. ومن أهم أهداف الإصلاح الذي اقترحته الدراسة ضمان ديمومة النظام على المدى الطويل، وإرساء العدالة والحفاظ على الحقوق المكتسبة، فضلا عن الحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة، وكذا تسهيل الانتقال المستقبلي نحو نظام أساسي موحد.
لتحقيق هذه الأهداف، تقترح الدراسة عدة إجراءات، تهم توحيد سقف النظام الأساسي ليصبح مرتين الحد الأدنى للأجور (SMIG) في كلا القطبين، وتقليص نسب استبدال الدخل لأصحاب الأجور المرتفعة في القطاع العام، بالإضافة إلى تجميد الحقوق المكتسبة في الأنظمة الحالية وعدم إعادة تقييم المعاشات لمدة 10 سنوات، وكذا رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، بما في ذلك القطاع الخاص، ثم زيادة نسب المساهمات في كلا القطاعين.

ولتفعيل هذه المقترحات، تم تشكيل لجنة خاصة لإصلاح التقاعد برئاسة وزيرة الاقتصاد والمالية. تتألف اللجنة من ممثلي الدولة، وممثلي المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وكذا ممثلي المنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين. وتتلخص مهامها في تحديث التشخيص، ومناقشة سيناريوهات الإصلاح، والاتفاق على التوجهات الاستراتيجية، ووضع خارطة طريق لتنزيل الإصلاح.
وتتضمن خارطة الطريق المقترحة جدولا زمنيا محددا، حيث كان من المقرر أن تقوم اللجنة خلال الفترة من أكتوبر 2022 إلى مارس 2023 بتحديث التشخيص، وعرض ومناقشة مخرجات الدراسة، والتوافق على التوجهات الاستراتيجية، ووضع تصور وخارطة طريق للإصلاح، والشروع في تنفيذ الإصلاح الفعلي اعتبارا من ماي 2023.
 




تابعونا على فيسبوك