عبّر رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، عن أسفه الشديد لاستمرار غياب عدد كبير من النواب عن مواكبة أشغال المؤسسة التشريعية.
وفي رده على نقطة نظام أثارها رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، اليوم الثلاثاء، دعا فيها إلى تذكير مكتب مجلس النواب بضرورة تلاوة أسماء البرلمانيين المتغيبين عن الجلسات، تطبيقا للنظام الداخلي. قال الطالبي العلمي إن "موضوع غياب البرلمانيين هو موضوع شائك، ولم نتمكن من ضبطه، ولا غالب إلا الله"، مشيرا إلى أن استمرار الغياب يطرح تساؤلات جدية حول الالتزام السياسي والأخلاقي لبعض النواب، الذين لا يحضرون سوى في لحظات متفرقة ولا يساهمون بالشكل المطلوب في النقاشات التشريعية والرقابية.
ودعا رئيس المجلس رؤساء الفرق النيابية إلى تحمّل مسؤولياتهم، من خلال إلزام النواب المنتمين لفرقهم بالحضور والمشاركة في أشغال المجلس الرقابية والتشريعية، كما شدد على أن الرئاسة "لا تملك وسائل قانونية صارمة لإجبار النواب على الحضور"، داعيا جميع مكونات المجلس إلى ترسيخ ثقافة سياسية جديدة تقوم على الجدية والانضباط.
وأكد الطالبي العلمي أن استمرار الغياب عن الجلسات التشريعية يمس بصورة المؤسسة النيابية لدى الرأي العام، موجها نداء إلى الفرق البرلمانية لتحمّل مسؤوليتها السياسية في مواجهة هذه الظاهرة.
ورغم تكرار التنبيه بضرورة مشاركة كل أعضاء مجلس النواب في الجلسات التشريعية والرقابية، لا تزال ظاهرة الغياب تعالج بآليات محدودة الفعالية، حتى بعد التنصيص على إجراءات تنظيمية ضمن النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي يتضمن مقتضيات صريحة بخصوص الحضور والانضباط، إذ تلزم المادة 147 النواب البرلمانيين بحضور جميع الجلسات العامة وأشغال اللجان، وتعالج المواد من 148 إلى 151 منه، الغياب بدون عذر، والذي يعتبره القانون الداخلي "إخلالا بواجبات العضوية"، وينص على توجيه تنبيه كتابي لكل نائب يتغيب ثلاث جلسات متتالية أو خمس غير متتالية دون عذر، قبل إحالة أمره على مكتب المجلس.
وتتيح المادة 150 من القانون الداخلي "اقتطاع جزء من التعويضات الشهرية للمتغيبين، مع نشر الأسماء على الموقع الرسمي للمجلس". كما يجيز القانون الداخلي لمجلس النواب نشر أسماء المتغيبين أيضا في الجريدة الرسمية للمجلس أو في وسائل الإعلام العمومية.
لكن، رغم كل هذه المقتضيات، يتواصل غياب البرلمانيين، ويرى عبد الله بوانو، منسق المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن التنزيل العملي لتلك الإجراءات لا يزال ضعيفا، كما أن الإعفاءات المتكررة تحت مبرر "العذر المقبول" تفرغها من فعاليتها، ما يستدعي مراجعة أكثر صرامة في الدورات المقبلة، إذ يعتبر أن حضور البرلمانيين يمنح القوة للمؤسسة التشريعية، كما يتضمن احتراما للناخبين الذين وضعوا ثقتهم في النواب البرلمانيين.
ورغم اختتام الدورة التشريعية الربيعية، ستتواصل أشغال بعض اللجان النيابية خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، استعداداً للدخول السياسي المقبل.
ومن المرتقب أن يفتتح جلالة الملك الدورة الخريفية المقبلة في شهر أكتوبر، طبقاً لمقتضيات الفصل 65 من الدستور، وسط تطلعات لإصلاح النظام الداخلي للبرلمان بغرفتيه، النواب والمستشارين، وتعزيز أدوات الانضباط والمسؤولية البرلمانية، بما يكرس ثقة المواطنين في عمل ممثليهم داخل المؤسسة التشريعية.