يشهد المغرب بفضل جهود جلالة الملك إطلاق العديد من الاوراش والمشاريع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية مكنت بلادنا من الوصول في مسارها التنموي إلى درجة كبيرة من التقدم، تستلزم ارتقاء الأداء البرلماني واستكمال الإنتاج التشريعي بما يساهم في فتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى. بقلم: الدكتور السعيد عتيق أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش ومحلل سياسي
افتتاح الدورة التشريعية، يعد حدثا مهما في مسار للعمل البرلماني بشكل عام وللإنتاج التشريعي لمؤسسة البرلمان وممارسة اختصاصاتها الدستورية ووظائفها المؤسساتية بشكل خاص، كما أن هاته الدورة تأتي في سياق زمني خاص يتطلب استكمال تفعيل سلسلة من الأوراش الإصلاحية المهيكلة والبرامج التنموية المتعددة التي يشهدها المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى ضمان تنفيذ كلي شامل وسليم لمختلف المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية والاستثمارية، التي أطلقها جلالته برؤية متبصرة نحو تحقيق الرقي الحثيث بمسارات التنمية البشرية وترسيخ الديمقراطية في مختلف أبعادها التنموية المستدامة تحقيقا للمزيد من التقدم والازدهار.
بفضل جهود جلالة الملك تمكنت بلادنا من الوصول في مسارها التنموي إلى درجة كبيرة من التقدم والتطور المستمر، تستلزم الارتقاء بالعمل البرلماني وتطويره بما يساهم في فتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى، وبالتالي يتحتم على الجميع أغلبية ومعارضة التعامل بمسؤولة على نجاح الولاية التشريعية، من خلال تفعيل مضامين الخطاب الملكي السامي والتحلي بروح الالتزام المسؤول وبخصال الصدق والتفاني في العمل البرلماني والتجاوب التلقائي مع الاحتياجات الداخلية من جهة، ومن جهة ثانية تعزيز الموقع الخارجي للمغرب والدفاع عن مصالحه العليا، لاسيما في ظرفية عالمية مشحونة بالعديد من الأزمات الدولية.
الدورة البرلمانية الدخول البرلماني امام سياق زمني محاط بالكثير من التحديات الداخلية تستدعي استكمال المؤسسة البرلمانية القيام بأدوارها ليس فقط في جوانبها التشريعية والرقابية أو الدبلوماسية، وإنما أن تعكس مخرجاتها في المقام الأول القيمة الحقيقية للديمقراطية التمثيلية التي تمثلها لدى جميع مكونات الأمة، وبالتالي الحرص على ضمان موقع المؤسسة البرلمانية كفاعل أساسي في عملية الإصلاح والتطور في مختلف المجالات سواء من خلال تجويد وتسريع الإنتاج التشريعي للقوانين أو من خلال مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، وهي كلها آليات تتطلب على الخصوص الحرص على الجدية والتفاني في العمل خدمة لقضايا المجتمع.
إن ورش تعميم الحماية الاجتماعية يعد ثورة اجتماعية حقيقية تؤسس لجيل جديد من التعاقد الاجتماعي، كما تجسد مبدأ التحصين الاجتماعي العام ضمانا لحياة آمنة وكريمة قادرة على تجاوز أعباء متغيرات الحياة، وبالتالي الفاعل السياسي منخرط في استكمال تنفيذ هذا الصرح الاجتماعي إن على مستوى التشريع أو على مستوى تتبع ومواكبة مراحله؛ تنزيلا وتدبيرا ميدانيا سليما، كما أراده جلالته، يعمل على تحقيق أهدافه التي تخول له الترقي في قائمة أكثر الأنظمة الفعالة والملامسة بشكل مباشر للأوضاع الاجتماعية أفقيا وعموديا، بما يتيح تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية.
ملفات اجتماعية كثيرة تنتظر من المؤسسة البرلمانية استكمالها وفي مقدمتها إعداد واستكمال حزمة من القوانين ذات الارتباط بالمادة الجنائية وقانون المسطرة الجنائية، أو التي تهم مختلف باقي الجوانب الاجتماعية كقوانين التغطية الاجتماعية وقانون الأسرة، بالإضافة إلى إتمام إصلاح نظام التقاعد، استكمالا للحوار الاجتماعي، والمؤسسة التشريعية، أيضا، أمام ضرورة مواكبة المتغيرات المناخية في إطار التحيين المستمر للقوانين ولآليات السياسة الوطنية للماء التي باتت في ظل الوضعية الحالية ملزمة بتحديد أهداف استراتيجية محددة في مختلف المناطق والظروف والأحوال.
إن اعتماد الجدية التي دعا اليها جلالته كافة الفاعلين للعمل بها كمنهج فعال وناجع لجميع آليات تدبير الشأن العام باعتبارها الإطار المرجعي المحفز والضامن لتحقيق مزيد من المنجزات وتحصين المكتسبات، يحتم على الفاعل السياسي العمل على تجويد الإداء البرلماني بما يضمن استكمال المشاريع والمبادرات خدمة لقضايا تشكل أولوية في هاته المرحلة التي يشهد فيها المغرب بفضل جهود جلالة الملك إطلاق العديد من الاوراش والمشاريع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية مكنت بلادنا من الوصول في مسارها التنموي إلى درجة كبيرة من التقدم، تستلزم ارتقاء الأداء البرلماني واستكمال الإنتاج التشريعي بما يساهم في فتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى.
إن تجسيد مبادئ الجدية التي دعا اليها جلالته تتجلى فعليًا وعمليًا في التفعيل الصارم والجاد للنظام الداخلي لمجلس النواب من خلال قواعد السلوك والأخلاقيات البرلمانية الذي ينص في المادة 238 على أنه يتوجب على النائبات والنواب التقيد بالأحكام والمقتضيات المنصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي ومن ضمنها المتعلقة بالحضور في جميع أعمال اللجان والجلسات العامة وأنشطة المجلس المختلفة، كما هو منصوص عليه في المادتين 68 و98 من النظام الداخلي.
المؤسسة البرلمانية مدعوة بكل مسؤولية إلى القيام بإتمام التشريع خصوصا ونحن أمام جيل جديد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي ستنخرط فيها البلاد في الفترة المقبلة، ولن يستقيم هذا التوجه دون تجاوز الصراعات والمناكفات والتجاذبات السياسية، بالإضافة إلى الالتزام الجاد والمسؤول بموقع كل فاعل سياسي داخل المؤسسة، كما أن المعارضة لها دور محوري في التدبير السياسي سواء تعلق بالمبادرة والاقتراح أو في أدوارها التقويمية للأداء الحكومي، وبالتالي هي مطالبة كذلك بتجويد ومضاعفة جهودها في تجويد الإنتاج التشريعي وتفعيل التزامها بإقرار مكانتها داخل البرلمان على أساس إعلاء مصلحة الوطن والمواطنات والمواطنين فوق كل اعتبار، وبالتالي يستلزم اليوم استمرار والمساهمة في إنجاح ما تبقى من المرحلة التشريعية.
المؤسسة البرلمانية، تشكل أسرة واحدة ومتكاملة، رغم اختلاف الانتماءات الحزبية فالمصلحة الوطنية واحدة، والتحديات واحدة، ويبقى الأهم هو حصيلة العمل البرلماني الموسوم بالعمل الجماعي، فالمغرب في سياق كل هاته المرحلة يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى تكثيف الجهود وإعطاء المثل الحسن لسير المؤسسة البرلمانية التي تحتضن وطنيين دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم الصادق تحمل المسؤولية بكل التزام ونكران ذات.