نشر بالعدد الجديد رقم 7389 من الجريدة الرسمية، الصادر في 24 مارس 2025، القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب.
كما نشر ضمن هذا العدد، الظهير الشريف رقم 1.24.35 الصادر في 17 من رمضان 1446 (18 مارس 2025) المتعلق بتنفيذ هذا القانون التنظيمي المذكور، وأيضا قرار المحكمة الدستورية رقم 251.25 م.د الصادر في 11 من رمضان 1446 (12 مارس 2025)، المتعلق به، وبذلك يكون نص القانون التنظيمي استكمل مراحل تشريعيه الرئيسية في انتظار دخول مضامينه حيز التنفيذ بعد مرور 6 أشهر من الصدور بالجريدة الرسمية.
33 مادة ضامنة لحقوق العمال وأرباب العمل ومصلحة الوطن
يتضمن هذا القانون التنظيمي 33 مادة موزعة على أربعة أبواب رئيسية، تهدف إلى تنظيم كيفيات ممارسة حق الإضراب وفق مبادئ الدستور والمواثيق الدولية، وضمان التوازن بين حقوق العمال وأرباب العمل ومصلحة الوطن.
وفي هذا الصدد، نصت المادة الأولى من باب "الأحكام العامة" من هذا القانون على أن "الإضراب حق يضمنه الدستور وتحميه مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، في نطاق أحكام الدستور. وكل تنازل عنه يعد باطلا"، مضيفة أن "حق الإضراب، يمارس وفق شروط وكيفيات يحددها هذا القانون التنظيمي بما يكفل تنفيذ مضامين الخطاب الملكي السامي بتاريخ 9 أكتوبر 2015 والمتعلقة بضمان حقوق الفئة العاملة، ومصالح أرباب العمل، ومصلحة الوطن".
في حين، عرفت المادة الثانية ضمن الباب المذكور الإضراب بكونه "توقف مؤقت عن العمل كليا أو جزئيا للدفاع عن حقوق ومصالح مهنية أو اقتصادية أو اجتماعية..، وحددت المادة الثالثة الجهات المخول لها الدعوة إلى الإضراب وتشمل النقابات الأكثر تمثيلية، ولجنة الإضراب في بعض الحالات. واعتبرت المادة الخامسة أن "كل إضراب يمارس خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه هو إضراب غير مشروع".
وعنون المشرع الباب الثاني من القانون بـ"شروط ومسطرة ممارسة حق الإضراب"، وتطرق فيه إلى أن الدعوة إلى الإضراب على المستوى الوطني أو داخل المقاولة يجب أن تصدر عن جهة ذات تمثيلية قانونية. وأنه في حالة غياب نقابة أكثر تمثيلية، يمكن لثلث الأجراء الدعوة إلى الإضراب عبر لجنة مختصة. في حين يحدد القانون آجالا لإجراء مفاوضات قبل الدعوة إلى الإضراب، وهي 45 يوما للقطاع العام و15 يوما للقطاع الخاص. مع ضرورة تبليغ قرار الإضراب إلى السلطات المعنية قبل الشروع فيه بفترة محددة (7 أيام على الصعيد الوطني و5 أيام على المستوى المحلي)، وفقا للمواد من 11 إلى 14 منه.
وأفرد المشرع الباب الثالث من القانون لـ"الجزاءات والعقوبات"، معتبرا أن "كل عامل يشارك في إضراب غير مشروع في حالة تغيب غير مبرر عن العمل، مما يعرضه لإجراءات تأديبية. وتصل العقوبات المالية إلى 100.000 درهم لكل من يعرقل ممارسة الإضراب أو يمنع العمال من الانضمام إليه. كما يمنع تعويض العمال المضربين بأشخاص آخرين، وتصل العقوبة إلى 200.000 درهم في بعض الحالات. وتفرض غرامات على من يحتل أماكن العمل لمنع غير المضربين من أداء مهامهم، وفقا للمواد من 23 إلى 27 منه).
وخصص الباب الرابع لـ"الأحكام الانتقالية"، وأبرز فيها المشرع أن "الآجال المنصوص عليها في القانون هي آجال كاملة، لا يُحسب فيها اليوم الأول والأخير. وأن هذا القانون سيدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر من نشره في الجريدة الرسمية، ويلغي كل الأحكام السابقة المخالفة له"، وفقا للمواد 32 و33 من النص القانوني.
المحكمة الدستورية: القانون التنظيمي لا يتعارض مع الدستور
بالعودة إلى قرار المحكمة الدستورية الصادر بالجريدة الرسمية ذاته، الذي صرحت فيه بأن "القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب لا يتعارض مع الدستور، مع الأخذ بالاعتبار الملاحظات المتعلقة بالمواد 1 و5 و12".
ووفقا لهذا القرار فإن المحكمة الدستورية، أكدت أن المادة الأولى من الباب الأول من القانون "ورغم أنها لا تتناول شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب التي حددها الدستور كموضوعات للقانون التنظيمي المحال، إلا أنها لا تحمل طابع القانون التنظيمي، مضيفة أن الإشارة في المادة إلى المرجعيات والمواثيق والمبادئ الدولية المتعلقة بممارسة حق الإضراب، وإلى الحقوق المكفولة في الدستور، وإلى الأهداف والمبادئ المستمدة من أحكامه، لا يعد مخالفا للدستور".
وبخصوص المادة الخامسة من هذا القانون، شددت المحكمة على أنه "لا يوجد فيها ما يخالف الدستور، شريطة ألا تستحدث النصوص التنظيمية، التي تشير إليها شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب غير تلك المحددة في هذا القانون التنظيمي المحال". وبالنسبة للمادة 12، المتعلقة بـ"تحديد كيفيات الدعوة إلى الإضراب في المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص، وكيفيات الدعوة إلى الإضراب من قبل لجنة الإضراب، في حالة عدم وجود منظمة نقابية على صعيد المقاولة أو المؤسسة، والنصاب المتطلب لصحة محضر موافقة أجراء المقاولة أو المؤسسة على اتخاذ قرار الدعوة إلى الإضراب في هذه الحالة، وتحديد العدد الأقصى لأعضاء لجنة الإضراب، وشروط صحة عقد الجمع العام على صعيد المقاولة أو المؤسسة المعنية لإقرار صحة المحضر المذكور"، على أنه "يحدد نصر تنظيمي كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة".
وشدد القرار على أن شروط صحة محضر الموافقة على اتخاذ قرار الدعوة إلى الإضراب، وكذا الأنصبة المتطلبة لاتخاذ القرار المذكور، وتحديد العدد الأقصى لأعضاء لجنة الإضراب "لم تنل من حق الإضراب، ولم تحطه بقيود تمس جوهره، وكفلت للعاملين، بصرف النظر عن انتمائهم النقابي من عدمه، وسيلة لحماية مصالحهم المشروعة، كما راعت التوازن المتطلب دستورا بين ممارسة هذا الحق وحرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، وحرية العمل مما تكون معه الفقرة الأولى من هذه المادة غير مخالفة للدستور".
واعتبر أن ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة "من إسناد كيفيات تطبيق أحكامها إلى نص تنظيمي"، ليس فيه ما يخالف الدستور، شريطة ألا يستحدث النص التنظيمي أوضاعا أو كيفيات أخرى للدعوة إلى الإضراب في المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص من قبل لجنة الإضراب غير تلك المحددة في المادة المعروضة، وألا يتعدى نطاق ما أسند المشرع أمر تطبيقه في هذه المادة إلى نص تنظيمي".
ويهدف هذا القانون التنظيمي، حسب نصه، إلى "ضمان التوازن بين حق الإضراب وحرية العمل، والحفاظ على استمرارية المرافق الحيوية أثناء الإضراب، مثل الصحة والنقل والأمن، وفرض إجراءات تنظيمية تمنع الفوضى أو التعسف في ممارسة الإضراب"، وكذا "السعي إلى ضبط ممارسة حق الإضراب بشكل يحمي مصالح جميع الأطراف وفق مبادئ الدستور والمواثيق الدولية".