في لحظات الأزمات، يتجلى عمق العلاقات الإنسانية التي تتجاوز السياسة والمصالح الاقتصادية، لتظهر قيم الأخوة والتعاون في أبهى صورها. هذه هي الرسالة التي بعث بها المغرب وإسبانيا خلال الأزمات التي واجهتهما مؤخرًا، حيث تلاحم البلدان في مواجهة الكوارث الطبيعية، ليثبتا أن الجغرافيا والتاريخ يمكن أن يكونا أساسًا لتضامن لا يعرف الحدود.
فلم تكد تمضي أيام على الفيضانات العنيفة التي ضربت فالينسيا ومناطق أخرى جنوب شرق إسبانيا، حتى أرسل المغرب قافلة مساعدات استثنائية بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، شملت قافلة من 24 شاحنة ضخ وشفط و72 عاملًا متخصصًا، انطلقت من ميناء طنجة-المتوسط إلى ميناء موتريل الإسباني. وقد استُقبلت القافلة بحفاوة من السلطات الإسبانية لتأمين وصولها إلى المناطق المنكوبة، حيث انطلق عملها في المساهمة في إزالة الطين والمياه وإنقاذ الممتلكات.
وقد أعربت الحكومة الإسبانية، ممثلة في وزارة الداخلية وسفارتها بالرباط، عن شكرها العميق لهذه الخطوة الإنسانية، مؤكدة على أهمية هذا التعاون في تعزيز العلاقات بين البلدين. كما أشادت وسائل الإعلام الإسبانية بالتقنيات الحديثة التي حملتها الشاحنات المغربية والدور الفعّال الذي لعبته الفرق المغربية في التخفيف من معاناة السكان.
من جهتها، صرحت سفيرة المغرب بإسبانيا، كريمة بنيعيش، إن هذا الدعم يجسد عزم المملكة المغربية الراسخ على المساهمة بفعالية في جهود الإغاثة بروح من التعاون والأخوة مع إسبانيا.
وأبرزت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه من خلال هذا الالتزام الملكي، يجدد المغرب التأكيد على تشبثه الراسخ بقيم الاحترام والصداقة والتضامن الفاعل، التي تشكل جوهر الروابط العميقة التي تجمع البلدين.
واعتبرت السفيرة أن زخم التضامن الوطني مع إسبانيا لقي صدى في صفوف الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا، والتي تفاعلت بتعبئة نموذجية للمشاركة في عمليات الإغاثة بالمناطق المتضررة.
واغتنمت بنيعيش الفرصة للإشادة بالجمعيات المغربية والعديد من المتطوعين الذين ساهموا بمساعدتهم الملموسة وتضامنهم الجلي في ترسيخ أواصر الأخوة التي تربط الشعبين المغربي والإسباني.
زلزال الحوز: المغرب يرد الجميل
استرجع محمد تامر، رئيس جمعية البوغار للمهاجرين المغاربة المقيمين في إسبائنا، في تصريح لـ"الصحراء المغربية" مشهدا مشابها حين ضرب زلزال الحوز مراكش قبل سنة تقريبا. كانت إسبانيا من أوائل الدول التي أرسلت فرق إنقاذ وتجهيزات تقنية لمساعدة المغرب على تجاوز الكارثة. وقد أسهمت فرق البحث الإسبانية في إنقاذ العديد من الأرواح في المناطق المنكوبة، مما ترك أثرًا عميقًا لدى المغاربة وأكد أهمية هذا التضامن الإقليمي في مواجهة الكوارث الطبيعية.
لقد أثبت المغرب وإسبانيا، ما بين زلزال الحوز وفيضانات فالينسيا، أنهما قادران على بناء نموذج تضامني يعكس قيم الجوار والإنسانية. وهذه التجارب تمثل دعوة لتعزيز التعاون في مجال إدارة الكوارث الطبيعية، وهو تحدٍ عالمي يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية.