في إطار الاحتفالات بالذكرى التاسعة والأربعين لذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، نظمت جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، نهاية الأسبوع المنصرم، ندوة بعنوان "دور الجامعة في الترافع والدفاع عن الوحدة الترابية والهوية المغربية".
وأسفرت الندوة عن مجموعة من التوصيات العلمية والعملية، تمحورت حول تعزيز دور الجامعة والمجتمع المدني في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، وتشجيع البحث الأكاديمي في موضوع الوحدة الترابية، من خلال تعزيز "الدبلوماسية الطلابية" عبر الدعوة إلى إنشاء أندية بحثية ومراكز طلابية، تشجع على إعداد أبحاث وأطروحات علمية وتطور أدوات الترافع لدى الطلبة.
طلبة مستمرون في الدفاع عن الوحدة الترابية
في كلمته الافتتاحية، أكد محمد شادي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية، أن الجامعة تسعى من خلال هذه الفعالية إلى تسليط الضوء على دورها الأساسي في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب وعن الصحراء المغربية وهي القضية الأولى والمقدسة للشعب المغربي.
وأشار إلى أن الندوة تعد فرصة لتكوين جيل من الطلبة وإعطائهم بعض الأفكار من خلال تمكينهم من المعارف اللازمة ليستمروا في درب الدعم والدفاع عن القضية الأولى الصحراء المغربية، مذكرا بمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كإطار لحل القضية في ظل السيادة المغربية.
وتطرق شادي إلى خطاب جلالة الملك السامي تخليدا لهذه الذكرى، والذي دعا فيه جلالته جميع القوى الوطنية الحية في البلاد إلى وحدة الصف ووجوب الدفاع عن الوحدة الترابية من خلال دحض الأكاذيب ومواجهة التضليل التي يقدمها الخصوم، وإبراز الحقائق وشرعية المغرب على صحرائه والدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بأقاليمه الجنوبية.
وشدد العميد على دور الجامعة والتزامها المستمر في تقديم مزيد من الجهود في هذا الصدد، حيث تم إنشاء كرسي للدفاع عن قضية الصحراء المغربية العام الماضي، وستظل الجامعة ملتزمة بتنظيم فعاليات مشابهة تسهم في تكريس وتعزيز دور الجامعة في خدمة القضية الوطنية.
مرتكزات نجاح الدبلوماسية المغربية
من جانبه، أوضح الأستاذ سعيد خمري، مدير مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن النجاح الكبير للدبلوماسية المغربية في الدفاع عن القضية الوطنية وما تشهده تطورات قضية الصحراء المغربية وطنيا وقاريا ودوليا، يعود لعدة مرتكزات يعتبرها أساسية في استراتيجية المغرب في الدفاع عن الوحدة الترابية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وحسب خمري، تمثلت هذه المرتكزات في:
1: تنويع الشركاء: حيث أن المغرب لم يعد يعتمد فقط على الشركاء التقليديين بل تم الانفتاح على شركاء آخرين في آسيا كالصين مثلا وروسيا والهند وغيرها وكذلك بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي ونسج علاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية قوية مع عدد من البلدان الافريقية
2: الواقعية في التعامل مع قضية الوحدة الترابية للمغرب: وذلك بناء على المصالح المشتركة والمنافع المشتركة مع عدد من الدول ولعل ذلك هو الذي أفضى إلى اعتراف عدد من الدول العظمى بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
3: التأكيد على معطى علاقات "جنوب جنوب" و"رابح رابح" في علاقات المغرب مع عدد من الشركاء، وهو ما أدى إلى تعزيز مكانته، وعزز من داعمي وحدته الترابية. دون أن ننسى انخراط المغرب في السياسة العالمية للهجرة بحيث أصبحت سياسة اللجوء والهجرة في المغرب مثالا يحتذي بالنسبة للدول النامية، وتعزيز علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، فضلا عن دور مغاربة العالم في تعزيز الوحدة الترابية للمغرب وفي الترافع حول القضية الوطنية وهو ما أثنى عليه جلالة الملك في خطابه الأخير.
5: ما يمكن أن تسميه بـ "الدبلوماسية الفوسفاطية"، وذلك بناء على انخراط المغرب في المسلسل العالمي حول الحد من آثار التغيرات المناخية واعتماد سياسة الطاقات المتجددة، حيث ظهرت أزمة الغذاء العالمي والحاجة الملحة للأسمدة وزيادة الطلب على الأسمدة، ظهر هنا الموقف القوي للمغرب من خلال المركب الاقتصادي مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط.
تشجيع البحث في تاريخ المسيرة الخضراء
وأفاد بوشعيب حمراوي، الكاتب والصحافي، أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة فعاليات نظمتها جامعة الحسن الثاني، مؤكداً أن الهدف منها ليس الاحتفال بالذكرى فقط، بل استلهام العبر من المسيرة الخضراء وتوعية الجيل الجديد بأهميتها.
وأوضح الحمراوي أن الهدف من هذه الفعاليات ليس مجرد الاحتفال السنوي بذكرى المسيرة الخضراء المجيدة، بل تسليط الضوء على العبرة والدروس العميقة التي تحملها هذه الذكرى، مضيفا أن المسيرة الخضراء كانت إنجازا جماعيا لشعب مغربي متلاحم، حيث شارك فيها 420 ألف شخص، منهم 350 ألف متطوع، الذين عملوا في نظام وانتظام لمدة شهر. وهذه التفاصيل المهمة يجب أن تكون محور اهتمام الجيل الجديد، ليعرفوا أهمية الوحدة الوطنية في تحقيق أي هدف وطني.
وأكد الحمراوي أن الجامعة، من خلال هذه الندوات، تسعى إلى تحفيز الطلبة للبحث في المسيرة الخضراء، ودراسة تاريخها، وتوثيق تفاصيلها من خلال الأبحاث والأطروحات العلمية.
كما شدد على أهمية تشجيع الطلبة على البحث في تاريخ المسيرة الخضراء، وعلى إنشاء أندية ومراكز بحثية تساهم في تطوير قدراتهم في مجال الترافع والدفاع عن قضية الصحراء المغربية، القضية الأولى للمغاربة، عبر جمع الأدلة والشهادات التي تعزز المواقف الوطنية في هذا الشأن.
الترافع الأكاديمي للدفاع عن القضايا الوطنية
أما الأستاذ المهدي منشد، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية، فقد اعتبر الندوة امتداداً لمسار الترافع الأكاديمي، الذي تبنته كلية الحقوق منذ سنوات، مؤكداً على ضرورة أن يسهم الأستاذ الجامعي في الدفاع عن القضايا العادلة التي تواجه المغرب، بتقديم أبحاث علمية رصينة ومثبتة تُعنى بإقناع المجتمع الدولي.
كما أكد على دعم المغرب للدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية التي تقوم بها الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، لتعزيز الموقف المغربي في المحافل الدولية.
واختتمت الندوة بدعوة الحاضرين إلى إنشاء "دبلوماسية طلابية" فعالة تساهم في دعم القضية الوطنية، عبر التدريب على فنون التواصل والتفاوض، ليكون للطلبة دور فعال في تمثيل المغرب ودعمه في المنتديات الوطنية والقارية والدولية.