الصحف الإسبانية: زيارة ماكرون للمغرب خطوة "تاريخية" للمصالحة ودعم الحكم الذاتي في الصحراء

الصحراء المغربية
الثلاثاء 29 أكتوبر 2024 - 13:36

تناولت الصحف الإسبانية الكبرى، بما في ذلك "إلباييس"، و"لاراثون"، و"لافانغوارديا"، زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، ووصفتها بأنها "خطوة تاريخية" تعزز علاقات باريس بالرباط، وتجسد تحولًا استراتيجيًا في موقف فرنسا تجاه قضية الصحراء المغربية. وترى الصحافة الإسبانية هذه الزيارة كتأكيد على دعم فرنسا الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وهي خطوة تعكس تحولًا عن الحياد التقليدي الفرنسي في هذا الملف، كما تهدف إلى تقوية الروابط الثنائية المتوترة سابقًا بين البلدين.

وفي هذا الصدد، اعتبرت صحيفة "إلباييس" أن زيارة ماكرون تمثل "بادرة مصالحة" وتعبر عن التزام فرنسا تجاه المغرب، خصوصًا في ظل دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل لقضية الصحراء. ويعكس هذا الدعم تغيرًا واضحًا في السياسة الفرنسية تجاه هذا الملف الحساس، وهو موقف يتسق مع توجهات الولايات المتحدة ويتجاوز حتى الدعم الذي قدمته إسبانيا لهذا الحل عام 2022. وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة ماكرون رافقها وفد رفيع المستوى يضم تسعة وزراء وأكثر من خمسين رجل أعمال، ما يدل على نية باريس تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الرباط، خصوصًا أن فرنسا تعتبر أكبر مستثمر أجنبي في المغرب. وتسعى من خلال هذه الخطوة إلى ترسيخ مكانتها كشريك استراتيجي أساسي في مجالات تنموية متنوعة في المملكة، بما في ذلك البنية التحتية والاستثمار الصناعي.
وأبرزت، من جهتها، وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي" ما جاء في خطاب مانويل ماكرون أمام البرلمان، حيث أكد أن فرنسا ستقف إلى جانب المغرب في الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي في المحافل الدولية.
ويعكس هذا التصريح، حسب المصدر الإسباني، التحول الواضح في السياسة الفرنسية تجاه المغرب، حيث كانت فرنسا تاريخيًا تتمتع بعلاقات وثيقة مع المملكة، ومع ذلك، فإن دعمها الواضح لمقترح الحكم الذاتي يعكس تغييرًا مهمًا في استراتيجيتها.

دعم الشراكات الاقتصادية والتجارية

وأفادت "إيفي" أن من أبرز ثمار الزيارة توقيع اتفاقيات اقتصادية تصل قيمتها إلى حوالي 10 ملايير أورو، وتشمل مجالات متنوعة مثل النقل والطاقات المتجددة والمياه. ومن ضمن الاتفاقيات الموقعة، شراكة بين المكتب الوطني للسكك الحديدية المغربي وشركة "ألستوم" الفرنسية لتزويد المغرب بقطارات عالية السرعة، ضمن مشروع يمتد بين مدينتي القنيطرة ومراكش. ويأتي ذلك ضمن خطة طموحة للمغرب لتحديث قطاعه الحديدي، حيث من المتوقع أن يشمل المشروع استثمارًا ضخمًا لتطوير بنية السكك الحديدية في المملكة. كما تشمل الاتفاقيات التعاون في مجال الطاقة المتجددة، حيث تم توقيع شراكات بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وشركة "إنجي" الفرنسية لتطوير مشاريع طموحة في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة. وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز مكانة المغرب كمركز إقليمي للطاقة المستدامة.

أبعاد تاريخية ودبلوماسية للزيارة

وصفت "لافانغوارديا" زيارة ماكرون إلى المغرب بأنها "تاريخية"، معتبرة إياها علامة بارزة في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين. وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا بتخليها عن موقف الحياد في قضية الصحراء لصالح مقترح الحكم الذاتي المغربي، فإنها تراهن على استقرار المغرب كحليف استراتيجي أساسي في المنطقة. كما ترى الصحيفة أن هذا الموقف الجديد يضع باريس في موقع يدعم تطلعات المغرب الإقليمية ويعزز دوره كقوة فاعلة في شمال إفريقيا. وتشير الصحيفة إلى أن فرنسا، كدولة ذات مصالح واسعة في المنطقة، تسعى إلى الحفاظ على علاقات قوية ومتينة مع المغرب في ظل المتغيرات السياسية والأمنية بالمنطقة، ما يسهم في خلق شراكات دائمة في مختلف المجالات.

مغزى الزيارة في السياق الإقليمي

تتجلى أهمية زيارة ماكرون في كونها تأتي بعد فترة من العلاقات المتوترة بين البلدين، كما تعكس رغبة فرنسا في استعادة نفوذها بالمنطقة بعد التراجع الكبير في غرب إفريقيا، حيث فقدت فرنسا نفوذها التقليدي لصالح قوى أخرى. ويرى المحللون أن استثمار فرنسا في المغرب يحمل أبعادًا تتجاوز البعد الاقتصادي، حيث تسعى باريس لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري في منطقة تشهد تحديات أمنية وتهديدات استراتيجية.
واتفق مراقبون ومحللون، حسب ما تناولته الصحف الإسبانية، على أن هذه الزيارة تعتبر نجاحًا دبلوماسيًا للمغرب، وأنها تعكس نجاح المملكة في بناء شراكات قوية ومتنوعة مع قوى دولية مختلفة. وعكست هذه الصحف أن زيارة ماكرون خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي، مشيرة إلى أن باريس ترى في الرباط شريكًا موثوقًا يمكن الاعتماد عليه.




تابعونا على فيسبوك