أجمع متدخلون في ندوة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات، على أن تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد المالي يعتبران من أولويات السياسة الجنائية بالمملكة المغربية، وهو ما تؤكده الخطب الملكية السامية.
وأضاف المتدخلون، من مسؤولين في القضاء ومجلس الحسابات، خلال الندوة المشتركة، المنظمة في اليوم الرابع من عمر المعرض الدولي للنشر والكتاب، أمس الاثنين، أن تخليق الحياة العامة يعد أمرا محوريا لتعزيز ثقة المواطن في علاقته بالمؤسسات، وتيسير الولوج إلى الخدمات والمرافق العمومية، كما يخلق البيئة السليمة الحاضنة للاستثمار المثمر، وضمانة للنزاهة والشفافية.
وفي هذا الصدد، قال عبد اللطيف طهار، عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاة، في مداخلته، إن تخليق الحياة العامة هو خيار استراتيجي للدولة، وكل مؤسساتها معنية بذلك، وهو ما يظهر من خلال استقراء مجموعة من المبادئ الواردة في دستور المملكة.
وأوضح أن المشرع أوجب في الفصل 36 في فقرته الثانية على السلطات العمومية الوقاية - طبقا للقانون - من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها، وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، والزجر عن هذه الانحرافات، فضلا عما أوجبه في الفصلين 154 و155.
وأضاف المتحدث أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره المؤسسة الدستورية، التي تشرف على القضاء كسلطة مستقلة، لم يكن بمعزل عن هذه الدينامية التي يعرفها المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، لأجل ذلك تبنى المجلس استراتيجية لعمله على المديين القريب والمتوسط (2021-2026) وهي عبارة عن خارطة طريق، وموضوع التخليق كان حاضرا بقوة في هذا المخطط الاستراتيجي.
من جانبه، أكد جلال الأدوزي، مفتش بالمفتشية العامة للشؤون القضائية، أن الأخيرة تعبأت منذ دخول القانون المتعلق بها في 3 أكتوبر 2021 حيز التنفيذ، وأن مساهمتها في مجال التخليق، تبرز من خلال مباشرة اختصاصاتها المتمثلة في التفتيش القضائي المركزي لمحاكم المملكة، رئاسة ونيابة عامة، وتنسيق وتتبع التفتيش اللامركزي والإشراف عليه، ودراسة ومعالجة الشكايات والتظلمات التي يحيلها الرئيس المنتدب، والقيام في المادة التأديبية بالأبحاث والتحريات التي يأمر بها الرئيس المنتدب، وتتبع ثروات القضاة بتكليف من الرئيس المنتدب، وتقدير ثروات القضاة وأزواجهم وأبنائهم بتكليف من الرئيس المنتدب وموافقة المجلس.
من جانبه، شدد صالح تزاري، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، على أن تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد المالي يعتبر من أولويات السياسة الجنائية بالمملكة المغربية، مستندا إلى ما أكدته الخطابات الملكية، من بينها الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة بمناسبة ثورة الملك والشعب (سنة 2014)، مستعرضا التوجيهات التي تصدرها رئاسة النيابة العامة، عبر دورياتها، بهدف تخليق الحياة العامة وحماية المال العام ومحاربة الفساد، وتعقب مختلف جرائم الفساد، وتعزيز ثقة المواطن في قدرة العدالة الجنائية على مواجهة تلك الانحرافات، وحماية الاستثمار والمستثمرين، من آثارها السلبية.
هشام مكرم، رئيس المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء - سطات، قال في مداخلته، إن تخليق الحياة العامة يعد أمرا محوريا لتعزيز ثقة المواطن في علاقته بجميع مناحي حياته، وفي المؤسسات وفي تيسير الولوج إلى الخدمات والمرافق العمومية، مضيفا أن تخليق الحياة العامة يخلق البيئة السليمة الحاضنة للاستثمار المثمر والكفيل بخلق فرص الشغل، والمساهمة الفعالة في تنشيط الدورة الاقتصادية، ما ينعكس على الدولة بتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية، وعلى المواطن بتحقيق العيش الكريم.
بدوره، أعلن يوسف غلام، نائب وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات بجهة الدار البيضاء سطات، أن المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة مجالس الجهات والجماعات الترابية وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها، ويعاقب عند الاقتضاء على كل إخلال بالقواعد السارية على الهيئات المذكورة، مضيفا أن الوظيفة العقابية تظهر كنتيجة وتكملة للأعمال الرقابية الأخرى لهذه المحاكم المالية، بما يحقق التكامل في اختصاصاتها بين ما هو قضائي وغير قضائي، أي الجمع بين السلطة الرقابية والسلطة العقابية في احترام تام للمعايير الدولية في هذا الشأن.
تصوير: عيسى سوري