تعيش ساحة جامع الفنا القلب النابض لمراكش، خلال هذه الأيام، التي تتزامن مع تنظيم الدورة 19 من المهرجان الدولي للفيلم، لحظات حماسية، وأجواء احتفالية من نوع خاص، من خلال عروض الأفلام المبرمجة خارج المسابقة الرسمية، على شاشة كبرى جرى نصبها في الساحة العالمية، التي شكلت على مر العصور مادة ملهمة للشعراء والأدباء والمؤرخين والمبدعين، وهو التقليد الذي دأبت عليه مؤسسة المهرجان لعدة سنوات رافعة شعار "السينما للجميع".
وتعرف الساحة التاريخية، حيوية كبيرة وطفرة مهمة من الناحية الاقتصادية، مما ساهم في خلق رواج يؤشر على عودة الحياة الطبيعية إلى مختلف المناحي الاقتصادية والسياحية والثقافية بها، خاصة وأنها شكلت على الدوام الوجهة الأكثر جاذبية للسياح الأجانب والمغاربة القادمين للمدينة الحمراء.
ويساهم المهرجان الدولي للفيلم في تحريك عجلة الاقتصاد والسياحة بساحة جامع الفنا، والأسواق المحيطة بها لترتفع الإيرادات بشكل ملحوظ، وتعيد الساحة التاريخية مكانتها كأول قبلة للسياحة الوطنية وتعزز تمركزها ضمن المواقع التاريخية الأكثر جاذبية للسياح في العالم باعتبارها تدخل ضمن قائمة الساحات المصنفة ضمن التراث الثقافي اللامادي لليونسكو.
وحسب عدد من المهتمين بالشأن السياحي، فإن المهرجان الدولي للفيلم، ساهم في إنعاش الحركة السياحية والاقتصادية بالمدينة الحمراء، لتترسخ بذلك المكانة المتميزة التي تحظى بها مدينة مراكش على الصعيدين الوطني والدولي باعتبارها الوجهة المفضلة لدى العديد من السياح المغاربة والأجانب.
ويعتبر مشاهدة الأفلام في ساحة جامع الفناء، التي جرى تصنيفها كتراث للإنسانية من طرف اليونسكو، سحرا في حد ذاته بخصوصيات متفردة، تعود من خلالها عشاق الفن السابع مغاربة وأجانب على مشاهدة الأفلام وسط مسرح فني يختلط فيه الغناء الكلاسيكي بالغناء الشعبي بمختلف ألوانه،ومعرضا للوحات فولكلورية تتشكل من غناء الروايس وعيطة الحوزي ودندنة كناوة، مانحة إياهم فرجة سينمائية ممتعة وليلا ساهرا.
وتمنح ساحة جامع الفنا لزوارها مغاربة وأجانب، فضلا عن كونها نواة اقتصادية مهمة، فرجة سينمائية ممتعة، وسهرا جميلا بصخبه وسحره وأضوائه ونجومه، وسمرا يصعب وصفه، حيث تمثل أحد الفضاءات ذات الطابع الثقافي والسياحي التي يقف من خلالها الزوار على العديد من التقاليد الشعبية التي تزخر بها الثقافة المغربية (الحكواتيين والمجموعات الموسيقية والألعاب البهلوانية وغيرها من الفرق الشعبية المنتشرة داخل هذه الساحة) .
وتوحدت آراء الجمهور حول هذا الفضاء الساحر الذي ازداد جمالا ورونقا بفضل سحر وعجائبية السينما، التي تحل ضيفا مرحبا به بساحة جامع الفناء مع كل دورة من دورات المهرجان، منافسا ل"الحلقات"وقصصها المستوحاة من ألف ليلة وليلة.
وفي هذا الإطار، عبر الفرنسي جون لوك كلير عن سعادته بتواجده في مراكش وساحة جامع الفناء التاريخية لمتابعة فقرات هذا المهرجان الشيق والمنظم بمستوى كبير، والذي يتضمن أفلاما جد مهمة فضلا عن حضور متميز لفنانين مرموقين على الصعيد العالمي.
من جانبه، أشار الإيطالي جورجيو الى أنه بالنظر الى عشقه وولعه للفن السابع، فان المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعتبر تظاهرة كبيرة، وبالتالي فإن زيارته لمراكش وساحة جامع الفناء خلال هذه الفترة ستمكنه من الاستمتاع بفقرات هذا المهرجان وبالأفلام التي ستعرض به.
وعبر الصحافي الاسباني خوان أنخيل أورتز عن سعادته بحضوره لهذا العرس السينمائي، بعد توقفه لعامين بسبب جائحة كوفيد-19، مشيرا الى أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أصبح موعدا بارزا في الأجندة السينمائية الدولية ضمن سلسلة المهرجانات العالمية للفن السابع.
ويبقى المهرجان الدولي للفيلم قيمة خاصة تزداد بازدياد عدد نجومه ومشاهيره، لأنهم وجدوا فيه فرجة السينما العالمية بجميع أصنافها، كما وجدوا فيه الجمهور المحب المتعطش لرؤيتهم والمتتبع لأعمالهم، ووجدوا أيضا المدينة الساحرة بأضوائها ومعالمها وشمسها الدافئة، لتحول كل تلك العوامل مهرجان مراكش إلى أهم مهرجان مغربي بين دول البحر الأبيض المتوسط.