الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء تواصل حملاتها التحسيسية بآسفي

التمثيلية النسائية والقوانين المقيدة

الخميس 05 أبريل 2007 - 12:47

تتابع "الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء في أفق المناصفة«، حملتها التحسيسية والنضالية

من أجل خلق وعي بضرورة إيلاء المرأة نصيبها من الاعتبار في التمثيلية السياسية، وكذا الضغط في اتجاه تحميل المسؤولية للأحزاب ضعف هذه المشاركة رغم خطاباتها التي تدعي العكس


وفي هذا السياق، نظمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بتنسيق مع الجمعية النسائية لمناهضة العنف ضد المرأة، مؤخرا بأسفي، ندوة حول القوانين الانتخابية : أية تمثيلية للنساء؟

وكانت ربيعة لعلام عن الجمعية النسائية لمناهضة العنف ضد المرأة بآسفي، أشارت في مداخلتها حول »المرأة والمشاركة السياسية« إلى أن هذه المشاركة هي حق من حقوق الإنسان في البلدان العربية، لكن الواقع السائد يبقى بعيدا عن هذا الاعتبار مؤكدة على الهوة بين ما تنص عليه معظم دساتير الدول العربية من مبدأ المساواة بين الجنسين أو مبدأ المساواة بين المواطنين، ومبدأ عدم التمييز بين الجنسين، وبين ما تضعه بقية القوانين الأخرى من قيود على ممارسة الحقوق

واعتبرت لعلام أن ضعف مشاركة المرأة في العملية الانتخابية ومحدودية تمثيل النساء في البرلمانات، وضعف مشاركتهن في السلطة التنفيذية، وغيابهن عن مواقع اتخاذ القرارات الحكومية، وهذا حتى على مستوى منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، راجع بالأساس إلى مجموعة عوامل تتلخص في : ضعف التجارب الديمقراطية في البلدان العربية التي تؤثر سلبا في التمتع بالحق في المشاركة عامة والمشاركة السياسية خاصة، وفي محدودية الدور الاجتماعي لحركة حقوق الإنسان عامة و حركة حقوق النساء خاصة، وضعف الثقافة السياسية عند النساء والرجال على حد سواء، وفي انتشار ظاهرة العنف على المستويات المختلفة بدءا من الأسرة ووصولا إلى الفضاء السياسي، وسيادة خطاب الأولويات بمفهومه الخاطئ والذي غالبا ما يضع حقوق النساء واحتياجاتهن في أدنى سلم تلك الأولويات مقارنة مع القضايا الوطنية العامة، وظهور حركات الإسلام السياسي وانعكاساته على المشاركة السياسية للمرأة، ثم تأثير الوضع الاقتصادي على المرأة الذي أفرز ظاهرة تأنيث الفقر

وحذرت المتدخلة من أن تتحول آلية الكوطا، رغم أهميتها مرحليا، إلى سقف للتمثيلية النسائية، ما يستدعي تطبيقها في ظل استراتيجية ورؤية واضحة تمكن من توظيفها في زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية حاليا وصولا إلى تمكين النساء من الممارسة الحقيقية للعمل النسائي

واعتبرت الأستاذة لعلام أن أرقى شكل للممارسة السياسية، هو المشاركة في انتخاب الممثلين والممثلات »لأن حق الانتخاب يعتبر شرطا من شروط الممارسة الحقيقية للديمقراطية، التي تحترم رأي مواطنيها وذات مصداقية و ليس انتخابات الواجهة التي غالبا ما تخرج بنتيجة 99.99 في المائة التي تفقد العملية الانتخابية مصداقيتها ومعناها«. لكن الواقع، برأي الفاعلة الجمعوية، يبرز مشاركة من نوع آخر، تتميز بضعف كبير سواء في البرلمان، أو المجالس المنتخبة، أو على مستوى الأجهزة التقريرية والتنفيذية في الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وضعف تمثيلها حتى على مستوى الجمعيات ذات الطابع الخيري، وإن وجدن على رأس بعض الوزارات فالأمر لا يتعدى تلك التي لها صبغة اجتماعية "وهي وظائف تمثل امتدادا للدور التقليدي كربات بيوت أو أمهات« تقول ربيعة لعلام

وتربط المحاضرة ضعف المشاركة النسائية بعدد من الأسباب التي ترجع في غالبيتها إلى الموروث الثقافي للمجتمعات العربية التي يطغى فيها النظام الأبوي، الذي يرتكز على تقسيم جنسي للأدوار، الأعمال المنزلية للنساء والوظائف الاجتماعية والسياسية بدون استثناء للرجال، محملة المسؤولية للمنظومة التربوية التي تكرس هذا التمييز من خلال برامجها التعليمية

أما في ما يخص الأسباب السياسية فهناك غياب التقاليد الديمقراطية في العديد من الدول العربية، وقلة اهتمام المواطنين والمواطنات بالشأن السياسي أو العزوف عنه، نتيجة تجارب طويلة محبطة من التزوير لإرادتهم ، مما أدى إلى الإمساك عن التصويت، أو مقاطعة المسلسل جملة و تفصيلا

وتتجلى الأسباب الذاتية في عدم وعي النساء بأهمية دورهن السياسي كنتيجة للتربية العائلية والمدرسية التي تلقتها منذ الصغر، وارتفاع نسبة الأمية النسائية والقانونية، وكذا ضعف تناول الحركات النسائية العربية لمسألة المشاركة السياسية، وعدم التعامل معها كقضية مجتمعية عامة غير مقتصرة على النساء، هذا بالإضافة إلى نظرة المجتمع السلبية للنساء اللواتي يتحملن مسؤوليات سياسية، »فالمجتمع يحمل النساء السياسيات مسؤولية الأزمات العائلية »الطلاق« أو الأزمات الاجتماعية »تدهور الأخلاق وتفاقم العنف والإجرام"

وأكدت ربيعة لعلام من جهة أخرى، على دور الحملات التحسيسية في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة باعتبارها أداة في تغيير الدهنيات والاتجاهات، معتبرة أن أهم الشروط اللازمة لإنجاح الحملات هو التركيز على المطالب الأكثر إلحاحا بالإضافة إلى ضرورة اختيار الآليات المناسبة وتوسيع نطاق الحملات من خلال تشكيل ائتلافات بين المنظمات النسائية واللجان والقطاعات النسائية في الأحزاب والنقابات والجمعيات، وتدريب المنظمات النسائية على تنظيم وإدارة الحملات، وتوظيف وسائل الإعلام المختلفة أثناء الحملات، كما يجب أن تستهدف الحملات الأحزاب السياسية لحثها على ترشيح أكبر عدد من النساء في لوائحها الانتخابية

ويبقى دور الشبكات مهما في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة من خلال تشكيلها للوبي ضاغط يعزز هذه المشاركة، ودعوة المنظمات النسائية المغربية لتعزيز التشبيك والانخراط في الشبكات

من جهته، تحدث الدكتور الخمري سعيد في مداخلته، عن ارتباط التمثيلية السياسية للنساء بطبيعة النظام السياسي وبالفاعلين الحزبيين وبالثقافة السياسية السائدة و بالنظم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحيطة

وقال إن العالم شهد زيادة متصاعدة في عدد الدول التي تأخذ بنظام الكوطا الانتخابية حتى فاق عددها 80 دولة، ويحدد أساتذة العلوم السياسية وخبراء العمل السياسي نسبة 20 في المائة و40 في المائة، لضمان التوازن النوعي في العمل السياسي، ويعتبر تطبيق الكوطا تدبيرا مرحليا وإجراء مؤقتا حتى يصل المجتمع إلى مرحلة تسقط فيها العوائق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أمام مشاركة المرأة في السياسة
وإذا كان البعض يهاجم نظام الكوطا باعتباره نظاما للتمييز الايجابي فإن النظرة المعاصرة ترى فيه تحقيقا للحياد الاجتماعي بين الرجال والنساء وذلك بأن يحظى كل نوع بنصف التمثيل السياسي بنسبة تتراوح بين 40 في المائة و60 في المائة في كل المجالس المنتخبة وكل مواقع اتخاذ القرار

وبذلك فنظام الكوطا يمكن اعتباره انتقالا من المفهوم الليبرالي التقليدي الذي يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص، بإسقاط كل الحواجز الرسمية أمام خوض المرأة الحياة السياسية، ومنحها نفس الحقوق في الترشيح والانتخاب، واعتبار هذه الإجراءات كافية، على مفهوم آخر للمساواة يقوم على تكافؤ النتائج بدل الفرص
وينبني مبدأ تكافؤ النتائج على أساس أن إسقاط الحواجز الرسمية ليس كافيا في ظل معوقات واقعية مركبة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية يقول الخمري
وتطرق المحاضر إلى مبررات المعارضين للكوطا الذين يعتبرون الكوطا خرقا لمبدأ المساواة و مناقضا لتكافؤ الفرص وليس تحقيقا لها، كما يعتبرونه إجراء غير ديمقراطي بإجباره الناخبين على الاختيار من بين المرشحات في حين قد يفضل البعض اختيار مرشح من الرجال، وبكونه قد يؤدي إلى منح فرص للمرشحات بمقتضى النوع الاجتماعي وليس على أساس الكفاءة مما قد يقلل من فرص أصحاب الكفاءة، وما قد يولده هذا النظام من خلافات وصراعات داخل الأحزاب مع الرجال الطامحين للترشيح باسم الحزب
لكن الأستاذ الخمري طرح أيضا مميزات نظام الكوطا كرد على معارضتها وقال : »لا يمكن اعتبار الكوطا تميزا ضد الرجال بل هو تعويض للمرأة عن التمييز الذي تعانيه خصوصا في المجال السياسي، وهو مسعى لتحقيق المساواة و إجراء مرحلي يهدف إلى تحويل تكافؤ الفرص من مبدأ واقع إلى اعتبار أن زيادة المشاركة السياسية والمكانة السياسية للنساء مدخل من مداخل تطوير الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للمرأة
كما لا يمكن اعتبار الكوطا إجراء يمس بحقوق الناخبين في اختيار مرشحهم لأن الأحزاب هي التي تقوم باختيار و تقديم المرشحات و المرشحين و ليس الناخبين أنفسهم، وبالتالي فنظام الكوطا هو حافز للأحزاب لصناعة أطر نسائية والتقدم بمرشحات من السيدات لشغل المقاعد المخصصة بالفعل لهن

من جهة أخرى، تؤدي المشاركة السياسية للمرأة إلى زيادة ممارستها لحقوق المواطنة و هي التعبير السياسي والمدني في المساواة في الحقوق السياسية المنصوص عليها في الفصل الثامن من الدستور، ويؤدي نظام الكوطا من الناحية المبدئية إلى خلق تجمع للنساء في المجالس النيابية مما قد يساهم في طرح قضايا الأسرة والمجتمع على الحكومة، وإن دعم المشاركة السياسية للمرأة يحتم الآن الانطلاق من مرحلة جديدة تتسم بنقلة نوعية تقتضى تدخلا إيجابيا للدولة"

وبعد أن استعرض الدكتور أنظمة الكوطا عبر العالم، تطرق إلى تاريخ نضال الحركات النسائية من أجل رفع التمثيلية السياسية للنساء، منذ أول مقترح حول التمييز الإيجابي في أواسط التسعينات من القرن الماضي، وتقديم مذكرة سنة 2000 تضم مقترحات تدخل ضمن مفهوم التمييز الايجابي والمتمحور حول أفكار نظام الكوطا واقتراح نظام اقتراع عادل وإجراءات تحفيزية وزجرية مالية لدعم التمثيلية السياسية للنساء

وفي سنة 2002 حدث تغيير مهم على هذا المستوى تمثل في تعويض نمط الاقتراع الأحادي بالأغلبية بنمط الاقتراع باللائحة وبالنسبة والاتفاق بين الأحزاب على تخصيص اللائحة الوطنية للنساء بما يضمن فوز 30 نائبة على الأقل في مجلس النواب دون أن يتم التنصيص صراحة على تخصيص 30 مقعدا خوفا من أن تتعرض للبطلان من قبل المجلس الدستوري

ومكن هذا الإجراء القاضي بفوز 30 امرأة بمقاعد داخل مجلس النواب من احتلال المرتبة 69 عالميا والثاني على المستوى العربي بحسب ترتيب البرلمانات وتم النظر إلى المبادرة المغربية كتجربة نموذجية

لكن عدم الاتجاه نحو مأسسة وتقنين التمييز الإيجابي أدى إلى أكثر من تراجع تمثل في عدم الاتفاق على إجراء التمييز الايجابي و عدم التنصيص عليه قانونيا أدى مباشرة في انتخابات 12 شتنبر 2003 إلى إجهاض المكتسب المحقق في انتخابات 2002 الخاصة بمجلس النواب حيث لم تتعد الترشيحات النسائية في انتخابات 2003 الجماعية نسبة 5 في المائة وأسفرت عن فوز 127 مستشارة فقط

وهو ما يشكل نسبة 0.53 في المائة فقط من مجموع عدد المستشارين الجماعيين
وهو ما يبين حسب الحركات النسائية قصور المقاربات الإدارية عن تحقيق تمثيلية أفضل للنساء ويحتم ضرورة اللجوء إلى المعالجة القانونية عن طريق تدخل الدولة لإقرار تدابير إيجابية مرحلية لصالح النساء تساهم في تفعيل مبدأ المساواة في التمتع بالحقوق السياسية المنصوص عليه في الفصل الثامن من الدستور : الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية لكل مواطن، ذكرا كان أو أنثى، الحق في أن يكون ناخبا إذا كان بالغا سن الرشد ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية

وتمثل التراجع أيضا في تهميش الحركات النسائية في النقاش حول قانون الأحزاب إذ أن المادة 22 من قانون الأحزاب لم تنص على النسبة المخصصة للنساء، واكتفت بالتأكيد على المبدأ الديمقراطي بينما ألزمت المادة 21 الأحزاب بالتنصيص على النسبة المخصصة للنساء والشباب في الهياكل الحزبية وبالمقابل تم إغفال تمثيلية النساء في اللوائح الانتخابية

وخلصت مداخلة سعيد الخمري إلى أن دعم التمثيلية السياسية للنساء من خلال إجراء التمييز الإيجابي يجب النظر إليه من زاوية دعم المشاركة، كما أن التقوية الارادوية لحضور النساء في مراكز القرار يساهم في تغيير التمثيلية عن أدوار النساء وقد أصبح هذا الإجراء جزءا من القانون الدولي من خلال اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء ويرجع له الفضل في تقوية حضور النساء في الميدان السياسي والمؤسسات المنتخبة
ولكل هذه الأسباب يبقى من الضروري مأسسة هذا الإجراء و ذلك بدسترته وتقنينه
ولم يفت خديجة الرباح عن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في عرضها حول الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء

في أفق المناصفة، التأكيد على مواصلة هذا الائتلاف للنضال من أجل التمثيلية الأفضل للنساء




تابعونا على فيسبوك