معاناة القاصرين المهاجرين في الضفة الأخرى

أب مغربي يهجر ابنه المعوق في مستشفى بامليلية

الجمعة 09 فبراير 2007 - 12:16

تفشت ظاهرة تخلي بعض الآباء عن أبنائهم، الذين أغلبهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مستشفيات كل من مدينتي سبتة ومليلية

وتشير معطيات بعض المصالح الطبية أن أغلب هؤلاء الأطفال يتركون من قبل ذويهم دون أي معطيات تمكن من التعرف على اسمهم أو عنوانهم أو مقر سكناهم، كما أضافت المعطيات نفسها أن عددهم في تزايد مستمر

وأفادت مصادر من مصلحة الشؤون الاجتماعية بالمراكز الصحية للمدينتين، أن ظاهرة التخلي عن الأطفال تزيد من حدة معاناة القاصرين المهاجرين في الضفة الأخرى من المتوسط، إذ تشير تقارير بعض الجمعيات الحقوقية أنهم عرضة للضياع والإهمال والإقصاء حتى داخل المراكز السكنية التي تؤويهم

وأشارت صحيفة »أب س« الإسبانية أن زوج مغربي هجر ابنه ذو ثلاث سنوات الأعمى والأخرس في المستشفى المحلي بمدينة مليلية المحتلة

وحسب مصادر تابعة للمصالح الطبية للمستشفى نفسه، فإن الصبي أدخل الجمعة الماضي إلى قسم الإسعافات لتلقي فحوصات وعلاجات أولية، إذ أنه يعاني من عجز جسدي حاد، وبقي هناك دون مرافقة ذويه

وأضافت المصادر نفسها أن مصلحة الشؤون الاجتماعية بالمركز الصحي اهتمت بالطفل، وضمته إلى خمسة صغار آخرين يعانون من عاهة جسمية مختلفة، والذين تخلى عنهم آباؤهم خلال الخمسة شهور الأخيرة

ونددت المستشارة في الشؤون الاجتماعية، أنطونيا كاربين، في تصريحات لها لوسائل الإعلام المحلية، بتفش ظاهرة تخلي بعض الآباء عن أبنائهم المعوقين في مراكز صحية في كل من المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، كما وجهت رسالة إلى الحكومة المركزية تعلمها فيها أن مراكز إيواء القاصرين من المهاجرين غير الشرعيين في المدينة جد ممتلئة و لم تعد تستوعب عددهم المتزايد باستمرار

وقدمت المستشارة في الشؤون الاجتماعية في الرسالة نفسها شروحا مفادها أن المسؤولين عن المستشفى المذكور سبق أن أعلموا الشرطة المحلية ومصالح وقاية القاصرين عن تخلي عائلة عن ابنها في الثالثة من عمره، في إحدى صالات المركز الصحي

وحسب معلومات أدلت بها جهات مسؤولة بالمستشفى نفسه، فإن والدا الطفل تركاه دون أن يتركا أية معلومات عن وجهتهما وهويتهما الحقيقية ولا عن مقر إقامتهما

وأوضحت أنطونيا كاربين كذلك، أنه جرى نقل الطفل إلى المركز الاجتماعي في انتظار ظهور الأبوين أو إيوائه في أحد المراكز المتخصصة

وأضافت كاربين أن المشكلة تزداد حدة مع وجود قاصرين أجانب غير مرفقين بأهاليهم من بينهم من يعانون من أمراض وعاهات مختلفة، مشيرة أنه حاليا يجري الاهتمام بـ 11 حالة منها اثنتان يعانون من سرطان في حالة متقدمة، وأخرى لطفل في الثالثة عشرة من عمره يتنقل عبر كرسي متحرك تخلت عنه عمته في أحد شوارع مدريد، وحالة لطفل يعاني من قصور كلوي وفي حاجة إلى تصفية دم اصطناعية

من جهة أخرى، أكدت أنطونيا كاربين أنه خلال الاجتماع الأخير حول سياسة الهجرة، والتي جرى التطرق فيها إلى اتفاقية التعاون بين المغرب وإسبانيا المتعلقة بمشكلة هجرة القاصرين الذين يصلون إلى الجزيرة الإيبيرية بطريقة غير شرعية، أشار مسؤولون من مندوبية الحكومة في مليلية أنه أصبح من الصعب استيعاب العدد المتزايد باستمرار لهؤلاء القاصرين داخل مراكز المدينة، خاصة القادمين من بلدان جنوب الصحراء

وللإشارة فيوجد في مليلية 313 قاصرا من بينهم 239 مغربيا
وأوضحت باحثة اجتماعية وعضو في منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن الحقوق الإنسانية لهؤلاء الأطفال منتهكة وظروف معيشتهم، سواء في مركز »سان أنطونيو« في سبتة، أو بوريسيما كونزيبزيون فور« في مليلية، جد سيئة، وأن المرافق دون المستوى المقبول، إذ الازدحام شديد ولا يتوفران على فضاءات للتسلية والترفيه أو أنشطة أخرى يمضي فيها الأطفال الفراغ

وللإشارة فإن القانون الإسباني يضمن للأطفال الأجانب المنفردين الرعاية والحماية وعلى قدم المساواة مع الأطفال الإسبانيين، بما في ذلك الحق في التعليم والعناية الصحية والحق في الحصول على الإقامة القانونية المؤقتة والحماية من الإعادة إلى الوطن إذا كان هذا الإجراء يعرِض الطفل إلى الخطر

من جهة أخرى، أشار تقرير أنجزته منظمة هيومان رايتش ووتس أن الأطفال المنفردين في كل من المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية لا تتوفر لهم العناية الصحية والوقائية المنتظمة، وكثيرا ما يجد بعضهم نفسه محروما، تعسفا، من العناية الطبية في حالة تعرضه لمشاكل صحية خطيرة، رغم أنهم مؤهلون لتلقّي العناية اللازمة وفقاً للقانون الإسباني. وأوضح التقرير أن هذا المشكل يبرز بصفة خاصة في سبتة، إذ لم تصرَف للأطفال البطاقة الصحية التي تصدرها الحكومة، رغم أهليتهم لاستلامها، ومن المعتاد أن ترفض مراكز الخدمات الطبية والمدعومة من الحكومة تقديم العناية الصحية للأطفال الذين لا يحملون البطاقة الصحية، أو إذا لم يكونوا مصحوبين بموظف من المراكز السكنية التي يقطنون بها. وركز التقرير كذلك على مشكل عدم مساعدة هؤلاء الأطفال في التعليم، إذ أن الأغلبية العظمى منهم في سبتة ومليلية لا يتلقون العلم في المدارس، مع العلم أنهم تحت رعاية الحكومة الإسبانية، التي يوفر قانونها تعليما إلزاميا لجميع الأطفال ما بين سن 6 سنوات و16 سنة، إنما نادرا ما تدمجهم الحكومة في المدارس الإسبانية

ويشرح التقرير نفسه أنه بدلا من ذلك فإن الإدارة الإسبانية تعتمد على موظفي المراكز السكنية في توفير تعليم أولي، ولكن المراكز السكنية كثيراً ما تحرم الأطفال اعتباطياً حتى من هذا المستوى من التعليم، أما الأطفال الذين يزيد عمرهم عن ستة عشر عاما فكثيرا ما يحرمون من الانتفاع من التعليم المهني لامتناع دائرة المراكز الاجتماعية عن تقديم الطلبات للحصول على وثائق العمل الضرورية

وأضاف التقرير أن أكبر عدد من مجموع الأطفال المنفردين الذين يعيشون في المراكز السكنية يتعرض للابتزاز والسرقة والعنف الجسدي من قبل الشباب الأكبر سنا أو حجما في المراكز، ونادرا ما يتدخل موظفو المراكز لحمايتهم، ولو كانت هناك عليهم هجمات حقيقية، بل على العكس من ذلك، فإن التقرير أكد أن بعض الموظفين ينخرطون في ممارسات من الإساءة من أجل الضبط، بما في ذلك الضرب والعقاب الجماعي والتهديد بالترحيل

وأشار المصدر نفسه أن بعضا من هؤلاء الموظفين في مركز »سان أنطونيو« يقومون بوضع الأطفال في غرفة عقاب صغيرة ومعتمة وقذرة، ولا تجد بها إلاَّ بعض الأفرشة وينعدم فيها حمام، وكأنهم سجناء

حسب ما توصلت إليه بعض وسائل الإعلام من خلال تصريحات أطفال من قاطني المراكز السكنية، فإن من المعاقبين منهم من يمضي في تلك الغرفة ما يصل إلى أسبوع لارتكابهم مخالفات، مثل التدخين والخروج من غير إذن أو الهروب، مع العلم أن هروبهم، كما يشير إلى ذلك التقرير، من مراكز كلتا المدينتين يكون سببه الرئيسي هو سوء المعاملة من قبل الموظفين أو من قبل الأطفال الآخرين، ومن سوء الظروف التي يعيشونها.




تابعونا على فيسبوك