ذكر معهد الدراسات السياسية بالأراضي المنخفضة، أمس، أن المغاربة أضحوا قوة سياسية في هولندا، وأنهم لعبوا الدور الأساسي في إلحاق الهزيمة باليمين المتطرف في الانتخابات البلدية ليوم سابع مارس الجاري.
وتعتبر خسارة اليمين المتطرف، الأولى من نوعها، التي تكبدها بعدد من المدن الهولندية، خصوصا في معقل أنصاره ومهد نشأته مدينة روتردام، التي كان يتربع فيها على أغلبية المقاعد/17 مقعدا/ عن الفترة السابقة، حيث خسر ثلاثة مقاعد في انتخابات 7 مارس، بحصوله على 14 مقعدا فقط، فيما عادت الأغلبية إلى حزب العمل، الذي فاز لأول مرة في هذه البلدية بـ 18 مقعدا، في البلدية الرئيسية دون المقاطعات الأخرى الكثيرة في المدينة ذاتها، وضمن الفائزين يوجد أربعة مغاربة، وهم فاطمة الطالب، والزاكي باران، وفؤاد الحاجي ومحمد الطالبي.
وعلمت "الصحراء المغربية" أن زعيم حزب العمل في روتردام شرع في مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية الجديدة، بالتعاون مع أحزاب اليسار الممثلة في حزب اليسار الأخضر، والحزب الاشتراكي، بينما استبعد العمل مع حزب ليفبار روتردام اليميني المتطرف، الذي سيصبح في خانة المعارضة، ونزلت هذه النتيجة كالصاعقة على زعيمه ماركو باستورس.
وفي حفل كبير بقاعة البلدية الرئيسية، رفض زعيم لائحة ليفبرا روتردام تهنئة غريمه حزب العمل على الفوز الذي ناله، وظهر الحزن والغضب على وجهه، وكاد يجهش بالبكاء.
وتعود أسباب انهزام الحزب اليميني المتطرف في عقر داره، حسب إبراهيم فتاح، من المعهد الهولندي للدراسات السياسية، إلى الوعي السياسي، الذي تنامى لدى المغاربة في الفترة الأخيرة، التي تولت فيها أحزاب اليمين السلطة على المستوى الوطني والمحلي.
وقال فتاح، لـ "الصحراء المغربية"، إن هذا الحزب المعروف بعنصريته المفرطة ضد الأجانب، خصوصا المغاربة والمسلمين، عرف صعودا مثيرا منذ تأسيسه قبل أربع سنوات، وقد نال مقاعد مهمة على الصعيد الوطني في الانتخابات المحلية لعام 2002، مما مكنه من إدارة العديد من المدن الهولندية الكبرى، وعلى رأسها روتردام، التي توجه إلى استهداف المهاجرين والمسلمين، وفرض الكثير من القيود ومارس العديد من الضغوط على السكان المغاربة وعموم المهاجرين.
وذكر فتاح أن هذه الممارسات العنصرية في روتردام كانت وراء تنامي الوعي السياسي لدى المغاربة، ما جعلهم يتوجهون موحدين، وكأنهم رجل واحد، إلى صناديق الاقتراع لتغيير الوضع المرفوض من قبلهم.
وبلغت نسبة مشاركتهم، حسب الإحصائيات الرسمية، أزيد من 50٪ في روتردام، وهي نسبة لم تشهدها المشاركة المغربية قط.
ويضيف فتاح أن المغاربة والمهاجرين استعملوا حقهم الديموقراطي لهزم اليمين، وصوتوا على أحزاب اليسار، وضمنها أكبرها حزب العمل المعارض، بنسة 80٪ في روتردام، حسب المعهد المذكور. معتبرا ما حدث في روتردام وباقي المدن الهولندية انتفاضة للمغاربة ضد اليمين المتطرف والأحزاب الحكومية.
وقال إن تصويتهم العقابي، الذي كان لفائدة اليسار، وخاصة حزب العمل، هو إشارة قوية وواضحة للحكومة الحالية، المكونة من الحزب المسيحي الديموقراطي، والحزب الليبرالي، وحزب الديموقراطيين 66، بعدم رضاهم عن السياسة، التي تدار بها البلاد، وتستهدفهم على كل الأصعدة.
وأكد فتاح أن المشاركة المغربية في هذه الانتخابات، والنتيجة التي عكستها، بينت، مثلما أشارت إلى ذلك أحزاب اليمين نفسها، القوة السياسية، التي أضحى يتمتع بها المغاربة والمسلمون وعموم المهاجرين.
يذكر أن حزب ليفبار روتردام مارس كثيرا من الضغوط العنصرية على المغاربة والمسلمين فاقت استصدار القوانين ضدهم إلى ممارسة السب، ووصفهم بالإرهابيين واللصوص.
وكان مجلس المدينة، بتحالف أغلبية الأحزاب، تمكن من طرد محافظ القانون من الحكومة المحلية لروتردام بسبب سبه للمسلمين والمغاربة، وكان المعني يعتقد أن هذا الطرد سيزيد من شعبيته، إلا أنه أدرك متأخرا التهديد، الذي يمثله الوعي السياسي لدى المغاربة والمسلمين، فتراجع في آخر لحظة، قبيل موعد الانتخابات، وقدم اعتذارا علنيا للمغاربة والمسلمين في ندوة بلاهاي، وكذا على شاشة التلفزيون الهولندي، وفي ندوة مغربية بالمكتبة المركزية بروتردام . بيد أنه لم يفلح في تغيير وجهة المغاربة نحو اليسار، الذي ألحق هزيمة نكراء بحزبه.