مسيرة حاشدة أمس الجمعة

العنصرية تضرب في سبتة المحتلة

الخميس 09 مارس 2006 - 16:46
من أعضاء الفرقة التي أدت الأغنية التي هزت المدينة وإسبانيا

خرج سكان سبتة، أمس الجمعة، في مسيرة حاشدة، تتوج ما عاشته هذه المدينة المغربية السليبة من احتقان وحالة غضب ثائر غير مسبوق، منذ الأسبوع المنصرم، احتجاجا على محتويات إحدى الأغاني الساخرة في ما يسمى (chirigota).

الأغنية فازت بالجائزة الأولى لكرنفال سبتة السليبة لهذه السنة، باعتبارها تذكي نعرات العنصرية والتمييز العرقي والديني.

وتحط من كرامة المغاربة، والمسلمين عموما، وبينما هاج السكان "المسلمون"، الاسم الذي يطلق على مغاربة سبتة، وتحركت جميع الفعاليات الممثلة لهم، معبرة عن إدانتها لكل مظاهر العنصرية والتحقير الموجهة ضد مكون أساسي من مكونات المدينة السليبة، عملت السلطات المحلية على تحفيز العناصر الموالية لها من "المسلمين" للعمل على تطويق الموقف.

وكانت الأغنية المذكورة تطفح بمحتويات عنصرية تحقيرية، تنعت الأتراك بـ "الحيوانات"، لكونهم أحرقوا الأعلام الدانماركية، وتسخر من المسلمين عامة، معتبرة أنه كان "يتوجب على هتلر أن يصفيهم عوض اليهود"، وتستهزئ بـ "مسلمي" سبتة (أي المغاربة)، واصفة إياهم بنعوت مشينة، ومحذرة من تزايد أعدادهم مقارنة بالإسبان، وما زاد من خطورة هذا الفعل، أن مؤلف الكلمات، وكذا أعضاء الفرقة التي أدت الأغنية، ينتمون إلى سلك الشرطة المحلية.

ويعد الكرنفال مناسبة سنوية للاحتفال والفرجة، تؤدى خلاله مجموعة من العروض يأخذ بعضها أشكالا ساخرة، ومنها على الخصوص الأغاني، التي تتبارى بها عدة مجموعات معروفة، التي تسخر من كل شيء، أرضيا كان أم روحيا، سياسيا أم اجتماعيا، ومما زاد في غضب السكان أن الأغنية الفائزة جرت تأديتها أمام الجمهور، ومن بينهم مسؤولو الحزب الشعبي، المسيرون لحكومتها المحلية، كما أن جائزة الفوز ستصرف من صناديق هذه الحكومة، التي تغذيها أموال كل سكان سبتة السليبة

وجاءت ردود الفعل القوية، التي ما زالت متواصلة، لتظهر لمختلف الأوساط الإسبانية حجم الإهانة، التي وجهت إلى السكان، مما ينبئ بتطورات قد لا تحمد عقباها تداعيات الحادث دفعت الحكومة الإسبانية إلى التحرك سعيا لتطويق الموقف بسرعة، وسارع ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير الخارجية الإسباني، إلى إدانة مضمون هذه "الأغنية"، أمام نظيره التركي عبد الله غول، نهاية الأسبوع المنصرم، مؤكدا على "روابط الصداقة"، بين الشعبين الإسباني والتركي بينما ينتظر أن يسائل يمساريس، زعيم حزب اليسار الموحد، الحكومة رسميا حول هذه القضية قبل نهاية هذا الأسبوع.

وعلى صعيد المدينة السليبة، بادر حزب الاتحاد الديمقراطي السبتي، وهو حزب يحتكر تقريبا تمثيلية العنصر "المسلم" في "البرلمان" المحلي (3 نواب مقابل 1 للحزب الديموقراطي الاجتماعي لمصطفى أمزيان، من أصل 25 نائبا، ينتمي 19 منهم للحزب الشعبي، و2 للحزب العمالي الاشتراكي)، إلى الإعلان عن نيته في مقاضاة أصحاب الأغنية، كما بادر إلى الإعلان عن تنظيم مظاهرة غدا الجمعة تحت شعار "من أجل التعايش وضد العنصرية"، وذلك بمشاركة اليسار الموحد والشبيبة الديموقراطية
بدورها، ومنذ البداية، نددت الجماعة الإسلامية بالمدينة السليبة، التي تضم تسع منظمات إسلامية، بما أسمته تهجما وإهانة مجانية للمسلمين عامة، والسبتيين منهم خاصة، كما نددت بموقف الحكومة المحلية غير الواضح، وقررت المشاركة في مسيرة يوم الجمعة المقبل

ولم تستبعد هذه الجماعة كذلك إمكانية اللجوء للقضاء، وفي السياق نفسه، حث أئمة مساجد سبتة، المجتمعين في ما يسمى "مجلس علماء المدينة"، المسلمين على التحلي "بالصبر والهدوء والوعي المدني" في "هذه الظروف الدقيقة".

وانضم مصطفى أبرشان، زعيم حزب "التحالف من أجل مليلية"، إلى الإعلان عن نيته في مقاضاة أصحاب "الأغنية" العنصرية، معبرا بدوره عن استياء "مسلمي" مليلية السليبة من هذا الاعتداء العنصري غير المسبوق في غضون ذلك، يحاول رئيس الحكومة المحلية، خوان فيفاس (الحزب الشعبي)، تهدئة الوضع، من خلال الدعوة إلى اجتماع ممثلي جماعات المدينة الدينية والثقافية الأربع، قصد التباحث في تفاعلات المشكل، خلال هذا الأسبوع.




تابعونا على فيسبوك