تشجيع البحث العلمي

مدخل أساسي لربح رهان التحديث في زمن العولمة

الخميس 02 مارس 2006 - 14:58

بات مسلما به أنه لا يمكن تأهيل مختلف بنيات الدولة لمواجهة إكراهات العولمة والتنافسية، بدون إرساء قاعدة علمية صلبة تواكب مستجدات الثورة التقنية المتسارعة في مختلف المجالات.

ويمر هذا الرهان التحديثي الحاسم عبر بلورة سياسة جدية طموحة للنهوض بالبحث العلمي وجعله أداة استراتيجية للإجابة عن حاجيات المجتمع .

وتعد النسبة المخصصة للبحث العلمي من الناتج الداخلي الخام مؤشرا دالا على مدى توفر إرادة سياسية حقيقية في هذا الباب.

وفي هذا الصدد، يؤكد مدير العلوم بقطاع التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي أحمد الحطابي أن هذه النسبة تصل حاليا إلى نحو 0.8 %، في الوقت الذي كانت تصل فيه سنة 1998 إلى 0.3 %، وهذا يؤشر على رغبة الدولة في الرفع من حجم التمويلات المخصصة للبحث العلمي، كرهان حقيقي في بناء الدولة الحديثة.

وقال أحمد الحطابي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الدولة المغربية لم تخصص قبل سنة 1998 تمويلا رسميا للبحث العلمي، حيث إن الأموال التي كانت تصرف في هذا المجال تقتطع فقط من ميزانية تسيير الجامعات.

لكن ابتداء من سنة 1998، أوضح الحطابي أن الدولة خصصت تمويلا رسميا للبحث العلمي بلغ45 مليون درهم سنويا للتسيير، أما الاستثمار فقد جرى عن طريق المخطط الخماسي 2000 -2004، بغلاف مالي بلغ 560 مليون درهم .

وأبرز أن هذه المبالغ المالية، ساعدت على الرفع من مستوى قدرات فرق ومراكز ومختبرات البحث العلمي من خلال تجهيزها بأحدث الآلات والأجهزة، وتمويل عدد من البرامج الكبيرة للبحث العلمي على المستوى الوطني، مشيرا إلى أنه جرى أيضا إحداث هيئات جديدة كالمعهد المغربي للإعلام العلمي والتقني الذي يوجد الآن في طور البناء بمدينة العرفان، والذي سيكون بمثابة مؤسسة تجمع كل المعلومات التي لها علاقة بالبحث العلمي لتضعها بعد المعالجة رهن إشارة الباحثين على المستوى الوطني
وأضاف أن هذه التمويلات، ساهمت أيضا في إنشاء الشبكة المعلوماتية "مروان" تربط بين الجامعات ومؤسسات تكوين الأطر، وتفتح المجال أمام الأساتذة والمؤسسات والجامعات لتبادل المعلومات والخبرات في مجال التعليم والبحث العلمي، إضافة إلى إحداث وحدتين للدعم التقني للبحث العلمي الأولي للتحليل الكيميائي والثانية للتحليل الفيزيوكيمائي.

ومن جهة أخرى، أكد مدير العلوم بقطاع التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي على أهمية تعزيز علاقة البحث العلمي بمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حتى نتمكن من تطبيق نتائج بعض الأبحاث المهمة.

وقال في هذا السياق إن الترابط القائم بين البحث العلمي ومختلف القطاعات الاقتصادية لا يزال ضعيفا، نظرا لأن الأبحاث التي تمارس في المختبرات تظل أبحاثا أكاديمية ينجزها الباحثون للوصول إلى نتائج تبقى حبيسة المجلات.

ولتجاوز هذا الوضع، قامت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، يقول الحطابي، بإنشاء بعض الهيئات التي سيعهد إليها بلعب دور الوسيط بين البحث العلمي ومختلف المستعملين المفترضين لنتائج البحث العلمي، أطلق عليها اسم "الواجهات".

كما أنشأت الوزارة هيئات أخرى لتتميم نتائج البحث العلمي، تتمثل في محاضن للمقاولات المبدعة، يلجأ إليها الطلبة الحاملون للدكتوراة الذين توصلوا في نهاية أبحاثهم لنتائج مهمة قابلة للتطبيق، مشيرا إلى أن هذه المحاضن التي توجد بمدن الرباط والدار البيضاء والجديدة يستفيد في إطارها هؤلاء الطلبة من تمويل لمدة سنة ونصف السنة إلى أن يستوفوا الشروط التي تؤهلهم لإنشاء مقاولاتهم الخاصة.

وأكد في هذا السياق، أنه جرى تشجيع المقاولات للقيام بالبحث التنموي داخل جدرانها، وخصصت تحفيزات مهمة لها من أجل دفعها للانخراط في مسلسل البحث التنموي الذي بدونه لا يمكن للاقتصاد الوطني أن يتطور، مضيفا أن البحث العلمي سيمكن هذه المقاولات من تحسين أساليب عملها وإنتاجها ومن إنتاج قيم مضافة تعود بالنفع على البلد، على مستوى خلق مناصب للشغل والرفع من النسبة المخصصة لتمويل البحث العلمي من الناتج الداخلي الخام .

وأشار إلى أن النسيج الاقتصادي لا يساهم في البحث العلمي إلا بنسبة تتراوح بين 6 و12 %، بينما تمول الدولة نسبة تفوق80 %، هذا في الوقت الذي يصل فيه التمويل القادم من القطاع الخاص بدول أخرى كالولايات المتحدة إلى70 % وأحيانا إلى 75 % والباقي هو الذي تضمنه الدولة، كذلك الأمر على صعيد الاتحاد الأوروبي الذي يضمن فيه القطاع الخاص 50 % من التمويل و50 % المتبقية تأتي من القطاع العام.

ومن جانب آخر، أكد أحمد الحطابي أن هيكلة البحث العلمي بالمغرب، شهدت تقدما ملموسا على مستوى التنظيم، حيث جرى خلق هيئات لتسهر على توجيه وتخطيط تنسيق وتمويل وبرمجة البحث العلمي .

وأوضح في هذا السياق أن هذه الهيكلة توجت بإحداث كتابة للدولة مكلفة بالبحث العلمي، إلى جانب اللجنة الوزارية الدائمة المكلفة بالبحث العلمي والتنمية التكنولوجية والتي يترأسها الوزير الأول والتي تضم في عضويتها عددا من الوزارات التي لها علاقة سواء مباشرة أو غير مباشرة بالبحث العلمي، مثل وزارة الفلاحة التي تشرف على المعهد الوطني للبحث الزراعي ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة. (و م ع)




تابعونا على فيسبوك