أكد عبد العظيم الحافي المندوب السامي للمياه والغابات أن المغرب يواجه، جديا، خطر مرض أنفلونزا الطيور، ولو أن الوباء لم يصل لحد الآن إلى البلاد.
بيد أن هذا يفرض وجود حالة استنفار قصوى، من باب الاحتياط والوقاية، بالنظر إلى موقع المغرب الجغرافي كممر للطيور المهاجرة في رحلتها الربيعية، عائدة إلى الشمال، بما يجعل احتمال الإصابة قويا.
وقال عبد العظيم الحافي، في حديث تنشره بالتزامن "الصحراء المغربية" و"لوماتان"، إن المناطق الرطبة تشكل أبرز البؤر المغربية المرجحة للإصابة، لكونها تستقطب هذه الطيور، وهي تخضع حاليا لإجراءات صارمة على مستوى المراقبة.
وإذا كان خطر أنفلونزا الطيور قائما في المغرب علميا ومن الناحية النظرية، فإن أي حالة لم تسجل في الميدان لحد الآن، الأمر الذي قد يثير الشك والتساؤل بين المواطنين
بيد أن عبد العظيم الحافي، الذي يبدد في الحديث مخاوف المغاربة، ويسلط الأضواء على كل ما يرتبط بأنفلونزا الطيور، على مستوى الوقاية وطرق الإصابة، يؤكد أن الإصابة بالوباء لا يمكن حجبها والتستر عليها، معتبرا أن فيروس H5N1 سريع الانتقال، فبمجرد أن يصل إلى مكان ما يبيده ويهلك دواجنه، حيث يفوق معدل الوفيات 60٪ .
وأكد الحافي "إنه وباء لا يمكن إخفاؤه، لأنه يعلن عن نفسه من خلال عمليات إبادة حقيقية".
٭ لم يستسغ الرأي العام المغربي كون العديدمن البلدان البعيدة لحقها الوباء، دون أن يصل إلى المغرب
في حالة وصول الفيروس إلى المغرب، هل يمكن إيقافه؟
ـ إن فيروس أنفلونزا الطيور هو فيروس معد، بمعنى أنه حين يصل إلى بلد معين، فهناك إصابة 100٪ ، بمعنى آخر أنه مرض لا يمكن إخفاؤه.
ويأتي الخطر الأكبر من الطيور التي تحتضن الفيروس من دون أن تكون مريضة، وتبقى الطيور الأكثر عرضة للمرض هي البط الوحشي والإوز، والتي من خلال تجمعها في البرك المائية، يسهل انتقال العدوى، كما يمكن أن تنقل الفيروس بدون أن تصاب بالمرض، بل يمكن أن تسافر به إلى أماكن تقع على بعد مسافات طويلة.
إن فيروس H5N1 سريع الانتقال، فبمجرد أن يصل إلى مكان ما يبيده ويهلك دواجنه، إذ يفوق معدل الوفيات 60٪ ,إنه وباء لا يمكن إخفاؤه، لأنه يعلن عن نفسه من خلال عمليات إبادة حقيقية.
٭ ما هو حجم التهديد الذي يواجهه المغرب؟
ـ إن التهديد جدي، فالمغرب يوجد في محور مهم لهجرة الطيور، إذ يتموقع في محور للهجرة الساحلية، حيث تأتي الطيور من أوروبا الغربية، وتمر عبر الساحل
إنها منطقة خصبة للتوالد والمرور، وكذلك للاختباء من البرد القارس.
أما المحور الثاني، فيمر عبر وسط المغرب، ويأتي من أوروبا الغربية كذلك، ابتداء من شهر أكتوبر، ويدوم إلى غاية نونبر، وخلال مرحلة دجنبر- يناير، تستقر الطيور المهاجرة في المناطق الرطبة، ومنها التي تستقر في المغرب، ومنها الطيور التي تواصل رحلتها نحو الجنوب.
ويوجد حوالي 500 ألف طائر تحل بهذه المناطق، أي ما بين 200 و210 من الأنواع المختلفة.
وابتداء من فبراير، وإلى غاية نهاية مارس، تكون مرحلة العودة، حيث تغادر الطيور المغرب، لتعبره أخرى قادمة من الجنوب إنه تدفق خطير، نظرا لكون المحور الأول من العبور يجري في اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء، حيث هناك خطر كبير لاختلاط أسراب الطيور، خاصة في مناطق الاحتماء من البرد في جنوب الصحراء.
المحور الآخر، الذي تمر عبره الطيور هو محور إيطاليا وتونس، أما الطيور القادمة من آسيا، فتمر عبر ليبيا ومصر وتركيا.
وفي إفريقيا الوسطى تلتقي الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى بعضها ليجري نشره على نطاق واسع، وخلال فترة العودة هذه، يكون الخطر أقوى من المرحلة السابقة
بالنسبة للمغرب، فإن الخطر قائم بقوة، لكن ينتظر أن يتراجع بداية من أواخر شهر مارس المقبل.
٭ أثار نفوق الطيور الخوف والشك، هل تستطيعون أن تؤكدوا ذلك؟
ـ إن كل حالات النفوق مرتبطة بأمراض عادية كانت دائما موجودة، ولنا برنامج للمراقبة الوبائية يسمح بتحديد أسباب الوفاة لدى كل حالة.
إن حالات النفوق مرتبطة بعوامل خارجية، مثل الإنهاك بعد 2000 كلم من التحليق والمبيدات والبرد، ذلك أن الهجرة تسبب دائما وفيات في وسط الطيور .
إن سرعة التحرك في الوقت الراهن مسألة أساسية، فكل ساعة لها قيمتها، فبين أخذ العينات للتحليل وظهور النتائج، يتطلب الأمر 10 أيام، ومهما تكن النتائج، فإن هذه الفترة في حد ذاتها حساسة.
إن المطلوب هو الحيلولة بسرعة دون انتقال الفيروس من الطيور البرية الى الدواجن، وعلى هذا المستوى تبرز أهمية الإجراءات المتخذة في الفترة الأخيرة.
إن انفلونزا الطيور تخلف خسائر ملموسة، ولكن يجب التحرك بسرعة ونشر كل ما يتعلق بالموضوع، ذلك أنه لا يمكن إخفاء أي شيء.
٭ هناك الكثير من الضيعات المتفرقة، فما هي الإجراءات المتخذة لتفعيل المراقبة في ظل هذا الانتشار؟
ـ كل حالات النفوق يجري التصريح بها مباشرة، ووزارة الداخلية تتوفرعلى جهاز جيد من خلال المقدمين والقياد.
كما أن القناصين يبلغون عن حالات النفوق عند وجودها، وهكذا، فإن حالة الاستنفار في أوجها، بل يمكن القول إننا إزاء فائض في المعلومات.
لقد جرى إحصاء كل الضيعات الواقعة في المناطق الرطبة، واتخذت الإجراءات الأولى المتمثلة في تلقيح الدواجن بالقرب من هذه المناطق.
وانطلقت الحملة يوم الجمعة 24 فبراير وإذا كان للتلقيح دور وقائي، فإنه يفقدنا أيضا وضعية البلد السليم من الإصابة.
لقد تقرر عزل الدواجن، والمغرب لا يتوفر على الخاصيات نفسها في هذا المجال مثل باقي الدول، ففي فرنسا، هناك تربية مكثفة للبط والإوز .
أما في حالة المغرب، فيتعلق الأمر في الغالب بحضائر صغيرة، مما يجعل خطر الانتقال محدودا,ففي نيجيريا، هناك تسليم بعدم مسؤولية الطيورالبرية، والإشارة إلى استيراد طيور موبوءة تسببت في إدخال المرض، وإضافة إلى أنهم تأخروا كثيرا في اتخاذ الإجراءات الصحية، التي لم تنطلق إلا بعد 3 أو 4 أسابيع, كما أن مصر أيضا لم تقم بالوقاية من المنطلق.
٭ ماهي درجة الخطر على المستوى البشري؟
ـ على المستوى البشري، الخطر في حدود 2.5 من أصل 169 حالة لأشخاص مصابين بالمرض، إذ لم تسجل سوى 91 حالة وفاة بالنظر إلى ملايين الطيور المصابة، فإن الخطر بالنسبة للإنسان يبقى إذن محدودا,إن حالات الوفاة حصلت خصوصا بسبب الاختلاط الذي يشكل مصدر العدوى, وفي الوقت الراهن ليست لدينا أي حالة لانتقال المرض من شخص لآخر أو من طائر بري إلى إنسان ليس هناك أي خطر على مستوى استهلاك الدواجن، ذلك أن الفيروس هش، ولا يتحمل الحرارة العالية، حيث يموت في حدود 60 درجة مائوية كما أن انتقاله يتم عن طريق الجهاز التنفسي أو من خلال الاتصال بطيور برية أو بدواجن مصابة، أو بفضلاتها.
إن الحملة المقبلة ستتوقف على عاملين، فيفترض أن تختفي بؤر أنفلونزا الطيور من الدواجن المنزلية في بلدان جنوب شرق آسيا، كما يجب الانتباه إلى هذا الخزان الكبير للطيور البرية في سيبيريا.
إن الحالة في الموسم المقبل، أي أكتوبر 2006 سوف تحدد على ضوء هذين المعطيين، وتبقى سيبيريا خزانا كبيرا لهذا المرض، وبسبب الانخفاض الكبير للحرارة هناك، يظل الفيروس مجمدا في انتظار النشاط.
٭ مع ذلك حلت أوبئة كبيرة في الماضي أتت على جزء من الساكنة مثل وباء الأنفلونزا الإسبانية؟
ـ الأوبئة الكبيرة الثلاث كانت هي H1 Nعام 1918، وفي عام 1957 H2 N2، وفي 1968 (H3 N2)، وفي الحالات الثلاث، كان الوباء ينتقل باستمرار، لنأخذ اليوم حالة نيجيريا وحالة الصين، إنه ليس الفيروس نفسه، لقد تحول بنسبة 2 في المائة.
ولشرح الإكراهات الحالية، تصوروا أن شخصا أصيب بأنفلونزا موسمية، وتعرض لأنفلونزا الطيور، فإن الفيروس يمكن أن يتحول إلى مادة عضوية، وستحدث في هذه الحالة عدوى كبيرة لـ H5 N1، والقدرة على إصابة ونقل الأنفلونزا الموسمية إلى الأشخاص، وإذا تلاقت على الشخص هاتان الحالتان، فهذه هي الكارثة، وهذا ما تخشاه السلطات الصحية العالمية، في ما يخص الأنفلونزا الإسبانية، فإن تنقل الفيروس إلى البشر أتى عن طريق الخنزير، الذي يشكل الوسيلة الأسهل في تطوره.
وعلماء الأوبئة الكبيرة يعتقدون أن هذه الأوبئة حدثت، لكنهم لا يعرفون متى؟ وتبقى كل الاحتمالات خاضعة للتحقيق مثل حالات جنون البقر.
الخطر في المغرب قليل، لأننا تجاوزنا المرحلة الحساسة لشهر يناير، موسم أنفلونزا البشر، وليست لدينا تربية الخنازير، وإذا ما حدث هذا، فسيكون خارج المغرب، الخطر الوحيد اليوم هو أن هذا الداء يمكن أن يتنقل من الطيور البرية إلى الطيور الداجنة، وهنا ستكون الكارثة على الطيور، هذا إذا ما أصاب الداء الطيور الداجنة بشكل جدي، حالات المرض البشري تصيب أساسا الأشخاص الذين يتعاملون مع الدجاج أو يعيشون بالقرب من أماكنها.
٭ ما هي الخطوات، التي يمكن القيام بها فيما إذا جرى الكشف عن حالة في المغرب؟
ـ إن الاتحاد الأوروبي مول مشروعا لتحديد تدفق وسريان الطيور المهاجرة، وحدد أماكن الخطر، وهناك أيضا إجراءات صحية وقائية تتخذ بشكل أوتوماتيكي، إذ يجري عزل وإعدام كل الطيور المصابة وغير المصابة داخل دائرة ثلاثة كيلومترات، وحول هذا الموقع تحاط دائرة أخرى من عشرة كيلومترات، ويجري منع تدفق وسريان كل الطيور في هذه المنطقة، وكذا عدم التنقل إليها، وفي حالة الضرورة تجري حملة تطهير, إن الفيروس لا يتنقل إلا مع حالة الاتصال والاحتكاك، وإلى جانب هذا تجري عملية تلقيح.
٭ في مثل هذه الحالة، هل يعوض مربو الدجاج؟
ـ مرسوم التعويض جاهز، والمربون في حالة إعدام الدجاج المصاب يتلقون بشكل مباشر تعويضا عنها في الأربع والعشرين ساعة التي تلي العملية وبسعر السوق، وأخذا بعين الاعتبار انخفاض السعر، فسيجري الأخذ بتسعيرة تكلفة الإنتاج، التي تتراوح ما بين 12 إلى 14 درهم للكيلو، وعملية التخلص من الدجاج المصاب تتولاها لجنة تترأسها السلطات المحلية وممثلون عن مختلف الوزارات، بحضور لجنة متعددة الاختصاصات.
٭ في ما يخص الذبيحة السرية، هل لديكم وسائل للمراقبة؟
ـ بالنسبة للسلطات المخولة، فإن مصادر الدواجن معروفة، والجهات الصحية تقوم بعملية المراقبة، وبالمقابل، فإن "الرياشة" هم من يضعون المشكل.
على أية حال، بمجرد أن يتأكد لدينا أن الفيروس دخل البلد، علينا أن نتخذ كافة الإجراءات لمنع كل القنوات، التي هي خارج القواعد المعمول بها.