البعد الإفريقي في السياسة الخارجية للمغرب

الأحد 19 فبراير 2006 - 17:22

أقام المغرب، البلد الإفريقي المتجذر عضويا وعاطفيا، منذ أمد بعيد علاقات عميقة مع بلدان افريقيا جنوب الصحراء على اختلاف مكوناتها وتنوعها.

فقد عملت المملكة المغربية، غداة حصولها على الاستقلال سنة1956، مع بعض البلدان الإفريقية الحديثة الإستقلال على إنشاء منظمة الوحدة الافريقية التي أخذت على عاتقها مهمة تعزيز الروابط بين دول القارة وإعطاء الأولوية لإرساء أسس الديمقراطية.

كما لم يسبق للمغرب أن تخلى أبدا عن دور إصلاح ذات البين بين الأشقاء الأعداء الذين دخلوا في معارك ونزاعات مسلحلة بسبب مشاكل موروثة عن المستعمر خاصة ظواهر الانشقاق والانفصال والخلافات العرقية أو تلك التي لها ارتباط بالهوية.

وقد عرف المغرب، بفعل اعتماده ديبلوماسيبة "المصالحة" كيف يغلب جانب الحكمة والرزانة بين هؤلاء وأولائك، بل إنه شارك عندما اقتضت الضرورة ذلك، في إطار الأمم المتحدة، في عمليات الحفاظ على السلم كما كان الشأن بالنسبة لحالة الكونغو سنة 1960 والزايير في أبريل سنة1979 والصومال سنة1994، وكذا الكوت ديفوار.

كما أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس الواعي بأهمية المصالحة لم يتوان، كلما عبرت الأطراف المتنازعة عن رغبتها في ذلك، في بذل الجهود من أجل تعزيز تماسك الدول والمجموعة الإفريقية.

وفي هذا السياق، كان صاحب الجلالة قد ترأس في أبريل2002 بالرباط وساطة تتعلق بالنزاع بين بلدان نهر مانو، جمع رؤساء دول غينيا وليبيريا وسيراليون، التي دخلت حينها في تصعيد كان يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

وقد أظهرت التسوية التي توصلوا اليها تحت إشراف صاحب الجلالة، مرة أخرى وزن وفعالية مفاوضات مباشرة جرت برعاية جلالة الملك وتمت الإشادة بها من طرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وهكذا، فإن "الديبلوماسية الإفريقية" للمغرب تستمد جذورها وعمقها من علاقات الصداقة والأخوة التي تجمع بين جلالة الملك ورؤساء دول القارة، مما مكن جلالته من بلورة رؤية واقعية عن إفريقيا التي تشاطرها المملكة المغربية نفس القيم الأساسية والإمكانيات، بل وأيضا المشاكل.

وقد تمكن المغرب من إعطاء دينامية جديدة لتعاونه وشراكته مع الدول الإفريقية سواء على المستوى الثنائي أو المستوى المتعدد الأطراف، خاصة داخل اتحاد المغرب العربي والشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (نيباد)، ومجموعة دول الساحل والصحراء أو على مستوى هيئات إفريقية أخرى كالاتحاد الاقتصادي والمالي والنقدي لغرب إفريقيا.

فبالسينغال يجري التأكيد على صداقة قوية وعميقة وتداخل عضوي، كلما أثير موضوع العلاقات المغربية السينغالية كما يجري التأكيد على المصير المشترك للبلدين.
وفي كوت ديفوار، تقيم منذ عشرات السنين جالية مغربية، كما أن أحد الشوارع الرئيسية بمدينة الدار البيضاء يحمل إسم هوفيت بوانيي، فيما يوجد شارعان بكوت ديفوار يحملان اسمي محمد الخامس والحسن الثاني.

يضاف الى ذلك أن المغرب هو الذي شيد ذلك المسجد -المعلمة- بياموسوكرو، لاستقبال المسلمين الإيفواريين وإشاعة روح الأخوة والتسامح.

وعلى الرغم من انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية وما عكر علاقاته مع الاتحاد الإفريقي الذي حل محل المنظمة، فإن المملكة المغربية لم تتخل أبدا عن دورها كدولة إفريقية، بل على العكس من ذلك، حافظت على تواجدها بإفريقيا من خلال العلاقات الثنائية والتعاون مع أغلب دول القارة.

والواقع أنه من خلال هذه المقاربة الجديدة ل "الديبلوماسية الإفريقية" للمغرب، كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس صاحب تلك النظرة الثاقبة الداعية إلى التكامل والشراكة بين دول الجنوب.

وفي هذا الإطار، سيتوجه جلالة الملك ابتداء من أمس الأحد، في إطار زيارة رسمية، إلى غامبيا ضمن جولة ستقود جلالته، بعد ذلك إلى الكونغو برازافيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية بالإضافة إلى زيارة خاصة للغابون.

وتعد هذه الجولة، التي تأتي بعد الجولتين اللتين قام بهما صاحب الجلالة في فبراير2005، إلى كل من الغابون والسينغال وبوركينا فاسو وموريتانيا، وفي يونيو2004 لكل من بنين والغابون والكامرون والنيجر والسنغال، الاولى من نوعها لجلالته لبانجول وبرازافيل وكينشاسا منذ اعتلائه العرش، كما تعتبر الأولى لرئيس دولة مغاربية لهذه الدول.




تابعونا على فيسبوك