الأمن احتار بين مراقبة المظاهرة والتصدي لشغب الملعب الشرفي

الوجديون ينددون بمظاهر الإساءة لرسول الإسلام

الإثنين 06 فبراير 2006 - 18:06
الوجديون يحتجون ضد الإساءة للرسول (ص)

خرج الآلاف من أبناء مدينة وجدة، ذكورا وإناثا، كبارا وصغارا، عصر أول أمس الأحد، في مظاهرة حاشدة بشارع محمد الخامس للتنديد بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم محمد عليه أزكى الصلاة والتسليم.

وكشف مصدر مقرب من إحدى الحركات الإسلامية النشيطة بوجدة لـ "الصحراء المغربية" أن الداعين لهذه المظاهرة، من مختلف الانتماءات، قرروا التعبير عن غضبهم دون طلب الحصول على رخصة من السلطات المحلية على اعتبار أنه "عندما يتعلق الأمر بالمس بالمقدسات الإسلامية، وبدرجة أولى الإساءة لشخص الرسول المعصوم، لاداعي لطلب ترخيص أكثر مما يتطلب الأمر أخذ كل الاحتياطات الضرورية حتى تمر أجواء الاحتجاج في جو من الانضباط وروح المسؤولية" .

وأضاف المصدر أن "المنظمين قاموا، قبل الدعوة لهذه المظاهرة التنديدية، بالبحث عن إدارة تابعة لدولة الدانمارك، مصدر الإساءة لنبي الإسلام من خلال رسوم إحدى جرائدها، وذلك حماية لها من أي رد فعل طائش ينعكس سلبا على المغزى الحقيقي من وراء هذه التظاهرة السلمية" .

ورفع المتظاهرون، الذين فاق عددهم 30 ألف محتج، حسب مصادر متطابقة، لافتات تشيد بمناقب وشمائل النبي الأمين، وتنزهه من كل سوء وتشويه، وتستنكر المساس بشخصه الكريم، مرددين شعارات منددة برسومات الجريدة الدانماركية، ومن سار على ركبها، كما لم يتوان المحتجون في التنديد أيضا، بـ "الصهاينة الغاصبين لأرض فلسطين، وبالاحتلال الأميركي الجائر لبلاد الرافدين"، داعين في الوقت نفسه، إلى مقاطعة منتوجات الدولة الأوروبية .

وكان المتظاهرون، وربحا للوقت، أدوا صلاة العصر، بالمساجد القريبة من شارع محمد الخامس، التي ضاقت بما رحبت بحشود المصلين، كما هو الشأن بالنسبة لمسجد عمر بن عبد العزيز، الموجود بقلب الشارع المذكور، حتى أن أعدادا وفيرة من المواطنين اضطروا لأداء الصلاة بالرصيف وفي وسط الطريق .

ولوحظ حضور أمني مكثف، باختلاف أنواعه ودرجاته، قام بمحاصرة المظاهرة من كل الجوانب حتى لاتخرج عن سكتها الصحيحة، وكي تلتزم بحدودها المشروعة .

ومن غريب الصدف التي لم تكن في صالح أمن وجدة، هو تزامن مظاهرة الاحتجاج، مع مقابلة مهمة في كرة القدم بالملعب الشرفي بوجدة، كان فيها خصم فريق المولودية المحلية، فريق من العيار الثقيل، وهو الرجاء البيضاوي، الشيء الذي استقطب جمهورا غفيرا، فاق عدده 15 ألف متفرج، منهم العشرات من أنصار الفريق البيضاوي، وما عرفه اللقاء المذكور، من أحداث بعيدة عن الروح الرياضية.

ففي الوقت الذي كانت فيه الجولة الثانية، من اللقاء المذكور على أهبة انطلاقها، وبالتحديد عند الساعة الثالثة والنصف، كان شارع محمد الخامس، على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات من المركب الرياضي، يعرف هو الآخر انطلاقة مقابلة من نوع آخر، طرفها الأساسي محتجون غاضبون، الشيء الذي خلق متاعب كبيرة لرجال حفظ الأمن، وأوقعهم في حيرة من أمرهم، بين التصدي لشغب الملعب الشرفي، ومراقبة مظاهرة الشارع الرئيسي، حتى أن والي أمن وجدة عبد الله بلحفيظ، أشرف شخصيا على تنظيم رجاله بالمركب الرياضي، خلال الجولة الأولى، قبل أن يغادره على وجه السرعة، قبيل انطلاق جولته الثانية، للوقوف عن قرب لتظاهرة شارع محمد الخامس.

ومما زاد من متاعب قوات حفظ الأمن، هو كون نهاية لقاء الفريق الوجدي بنظيره البيضاوي، عرفت أحداث شغب خارج الملعب، عندما دخل العشرات من المشاغبين، والذين كانت غالبيتهم العظمى، من القاصرين والمراهقين، والذين جرى اعتقال البعض منهم، في مواجهات مع رجال الأمن، الشيء الذي خلق أجواء من الهلع، لساكنة الأحياء المجاورة، جراء الكر والفر للجمهور الغاضب من نتيجة اللقاء من جهة، ومن تحكيم المباراة من جهة ثانية، ومن استفزازات الجمهور البيضاوي من جهة ثالثة.

وتحولت أرضية الملعب إلى مايشبه مصرع الثيران عندما اقتحم جمهور الرجاء أرضية الملعب على شكل أمواج بشرية يموج بعضها في بعض، واستمر الوضع على هذه الحالة، خاصة خارج أسوار الملعب أزيد من ساعة على نهاية المباراة حتى أنه لوحظ توجه سيارات الأمن العمومي والتدخل السريع والقوات المساعدة، فور انتهاء مهمتها إلى مظاهرة الشارع الرئيسي، التي انتهت في حدود الساعة الخامسة، بعدما استغرقت مدة ساعة ونصف من الزمن.

يشار إلى أن هذه المظاهرة ضربت أروع مثال في التنظيم الجيد والاحتجاج السلمي الحضاري بروح عالية من المسؤولية .




تابعونا على فيسبوك