يؤكد سعيد أمسكان، وزير سابق، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية أنه لم تعد هناك دواع لاستمرار التشتت داخل العائلة الحركية، مضيفا أن وحدة العائلة الحركية، أصبح أمرا يفرض نفسه، وذلك من أجل مواجهة التحديات المطروحة إن على المستوى الوطني، أو على المستوى الدولي
ويبرز الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية في الحوار التالي مع "الصحراء المغربية "، أن المؤتمر الاندماجي للعائلة الحركية الذي سينعقد يومي 24 و25 مارس المقبل، يراد له أن يكون بداية عهد جديد للحزب الموحد، عهد يعتمد فيه الحزب على الشفافية في التسيير وعلى الديمقراطية الداخلية وتوسيع تمثيلية النساء والشباب في الأجهزة المقررة للحزب.
٭ بداية، كيف نضجت فكرة الاندماج بين مكونات العائلة الحركية؟ وهل بإمكانكم أن تذكرونا بالمسار الذي قطعه مسلسل الاندماج؟
ـ الحركة الشعبية أثناء تأسيسها عام 1958، كانت حركة واحدة موحدة لكن مع مرور الزمن بدأت الحركة تعاني مظاهر الانقسامات والانشقاقات, لكن هذه الانشقاقات لم تكن وراءها خلفيات إيديولوجية ولم تكن بسبب خلافات حول برامج معينة، بل ظهرت نتيجة أسباب ذاتية طارئة في ظروف معينة.
الحركة اليوم، وهي التي كان لديها وزن وقوة في الخمسينيات ووقفت في وجه الحزب الوحيد، ودافعت عن النظام في وجه التيارات التي كانت تناهض النظام آنذاك، وبالرغم مما عانته من انشقاقات، فهي في حاجة إلى التوحد لمواجهة التحديات المطروحة على المغرب.
إن الرهانات اليوم ليست هي رهانات الخمسينيات والستينيات ولا حتى التسعينيات، بل هي رهانات اقتصادية واجتماعية، وبالتالي، وحتى تكون الحركة في مستوى المساهمة في مواجهة هذه الرهانات، وحتى تستعيد قوتها ووزنها اللذين كانت تتمتع بهما في فترات تأسيسها الأولى، فقد قررت العائلة الحركية أن تعود إلى أصلها، أي إلى الحركة الشعبية القوية لكي نخلق فاعلا سياسيا حقيقيا بإمكانه أن يشارك في تدبير الشأن العام ويلعب دورا حاسما كحزب سياسي في إطار اختصاصاته، ولكي يساهم بقوة في مواجهة التحديات المعاصرة وفي مقدمتها العولمة.
٭ رغم الوعي بأهمية توحيد العائلة الحركية، فإنه لم يكن من السهل إقناع القيادة بضرورة تحقيق الاندماج، فالمسار كان صعبا، أليس كذلك؟
ـ السعي إلى الاندماج أخذ سنوات من الوقت لم ينقطع الاتصال مع السيد المحجوبي أحرضان بهذا الشأن، مثلا ولكن كان هناك دائما بعض التصلب في المواقف وبعض التشنج إلى غاية الثلاث سنوات الأخيرة، حيث اقتنع أحرضان بضرورة العمل على توحيد صفوف العائلة الحركية وعلى استعادة الحركة لقوتها ووزنها.
واقترح أحرضان أن تحتفظ المكونات الثلاثة للحركة أثناء اندماجها باسم الحركة الشعبية، على اعتبار أنها التسمية الأصلية للحزب، وهي التي تجسد تاريخ الحركة والمحطات الأساسية التي شهدتها والتي لعبت فيها أدوارا.
موقف أحرضان، يجسد الإيمان بالمستقبل، ويجسد تحولا في موقف أصبح يعي بأننا في مغرب آخر، وليس في مغرب الخمسينيات.
ولما حصلت القناعة بضرورة توحيد العائلة الحركية، شرعنا في تنفيذ الفكرة، فكانت البداية مع اتحاد الحركات الشعبية، وعشنا هذا الاتحاد لفترة تزيد عن سنتين
ولكننا اليوم أصبحنا مقتنعين بضرورة التوحد في إطار حزب واحد، وذلك حتى قبل الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2007 .
٭ هل تنطلق عملية الاندماج من رؤية استراتيجية بعيدة المدى، أم أنها نتاج واقع ظرفي، أملته ظروف معينة كالتحضير للانتخابات المقبلة؟
ـ إن مسار اندماج العائلة الحركية تتحكم فيه رؤية استراتيجية تروم مصلحة الحزب، والدخول بهذا الحزب في منعطف جديد.
نحن نريد أن نجعل من المؤتمر الاندماجي الذي سيعقده الحزب يومي 24 و25 مارس المقبل، بداية عهد جديد للحزب الموحد.
والديباجة التي وضعناها للقانون الأساسي الذي ننكب على إعداده في الوقت الحالي، ونحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة عليه، يركز على الديمقراطية الداخلية للحزب، وعلى الفعالية والشفافية في التسيير، إن رغبتنا أكيدة في أن يظهر الحزب الموحد بمظهر حزب حداثي.
لقد خصص القانون الأساسي الجديد للحزب نسبة 20٪ من تمثيلية النساء في الهياكل المقررة للحزب، كما خصص 20٪ لتمثيلية الشباب في هذه الهياكل.
وموازاة مع إعداد القانون الأساسي الجديد، أعددنا برنامجا متكاملا للحزب يأخذ بعين الاعتبار المناخ الدولي والتحديات الكبرى المطروحة على مختلف المستويات، كما يأخذ بعين الاعتبار التحديات المطروحة على المستوى الوطني، وعلى المستوى الجهوي الفضاء المتوسطي، ويأخذ البرنامج، كذلك، بعين الاعتبار العوامل الماكرو اقتصادية، والمستجدات الطارئة على مستوى التكنولوجيات الجديدة، والمعلوميات، علما بأن القرن الذي نعيشه، هو قرن الخدمات.
ويأخذ برنامج الحزب بعين الاعتبار كذلك السياسة القطاعية، مع التركيز على الأولويات : الصناعة الغذائية، تحويل مواد الصيد البحري، النسيج.
وبالإضافة إلى كل ذلك، أولينا الاهتمام، كذلك، للقطاع الاجتماعي، مع التركيز على سياسة القرب، وسبل مواجهة مظاهر الفقر والهشاشة، والتركيز كذلك على الجانب الصحي على مستوى الدواوير والقرى النائية، وليس فقط على مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية.
وقد أعددنا موقعا على شبكة الانترنيت سننشر فيه برنامج الحزب وسوف يكون بإمكان مستعملي الموقع أن يتعرفوا على أشياء تهم الحزب، كما سيكون بإمكان هؤلاء المستعملين أن يقدموا ملاحظاتهم حول البرنامج الذي أعده الحزب.
٭ كانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاندماجي تشغل أساسا على أساس اندماج حزبين : الحركة الشعبية والحركة الوطنية الشعبية، لكن أصبح هناك معطى جديد بعد التحول الذي شهده الاتحاد الديمقراطي والذي جعله ينخرط في المسار الاندماجي
ألا يطرح ذلك مشكلا؟
ـ لا أبدا لقد شرعنا في التحضير للمؤتمر الاندماجي على أساس اندماج المكونات الثلاثة للعائلة الحركية ولكن ووجهنا، في وقت معين بموقف الاتحاد الديمقراطي الممانع
لكننا واصلنا العمل بمبدأ الاندماج حتى ولو تشبث الطرف الثالث بموقفه الرافض، فكنا نحضر لاندماج قوتين حركيتين بدل ثلاث، على أساس انتظار التحاق الطرف الثالث في ما بعد بأية صيغة من صيغ الاتحاد وأصدرنا بلاغا في هذا الشأن.
٭ شخصيا، كيف كان تقييمكم لموقف الرفض الذي اتخذه حزب الاتحاد الديمقراطي من مسألة الاندماج؟
ـ لقد حصل نقاش بهذا الشأن بوعزة يكن كان يؤكد أنه يوافق على فكرة الاندماج، ولكن بشروط أهمها أن يترأس الحزب، وظل متشبثا بهذا الشرط وكان من غير المقبول الموافقة على هذا الشرط.
وظلت الأمور على هذا الوضع إلى أن حصلت المستجدات الأخيرة، حيث أعفي بوعزة يكن من منصبه كرئيس للاتحاد الديمقراطي وقررت الأغلبية في الحزب أن تلتحق بالمشروع الاندماجي للعائلة الحركية.
ونحن بطبيعة الحال قبلنا هذه الخطوة بصدر رحب، لأنها تسير في التوجه ذاته الذي انخرطت فيه مكونات العائلة الحركية، وهو التوحيد بهدف خلق قطب سياسي وازن وفاعل
وهذا التوجه هو الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس في خطاباته التي ألقاها في مناسبات مختلفة.
٭ ما هو موقف المسار الوحدوي للحركات الشعبية في إطار التحالفات القائمة حاليا أو التي ستقوم في المستقبل القريب؟ وهل ستنفتح الحركة مستقبلا على القوى السياسية الأخرى، أم أن الأمر سيقتصر على اندماج العائلة الحركية فقط؟
ـ إن اندماج الحركات يندرج ضمن هاجس لم شمل العائلة الحركية ووضع حد للانقسامات التي عانت منها هذه العائلة لفترة طويلة.
وهنا لا يعني بأي حال من الأحوال خلق حزب موحد ومغلق، بل نحن سنظل حزبا منفتحا على التيارات والقوى الأخرى التي تتقاسم مبادئ وتوجهات الحزب الحركي.
وأؤكد، هنا، أنه من الضروري، أن نعمل مستقبلا من أجل التحالف مع هيئات سياسية أخرى، خاصة وأنه سوف لن يكون بإمكاننا أن نشكل الأغلبية بمفردنا رغم اندماج ثلاثة مكونات من العائلة الحركية.
فلابد، بالتالي، أن ننخرط في عملية تحالف مع من هم قريبون منا على مستوى الرؤى والبرامج والأفكار والثوابت فنحن منفتحون على المشهد السياسي الوطني ولكن ما أؤكد عليه وأدافع عنه هو أن تكون التحالفات متجانسة.
لقد قبلنا خلال فترة الانتقال الديمقراطي، مثلا، أن تكون الحكومة مكونة من أطياف سياسية مختلفة وغير متجانسة في رؤاها ومبادئها، لكن المطلوب مستقبلا، هو أن يحدث التجانس على مستوى التحالفات وعلى مستوى مكونات الحكومة.
إن المطلوب هو أن تكون هناك أقطاب تتنافس على السلطة، وهذا شيء مشروع، ولكن المطلوب، كذلك، هو أن تكون لنا إلى جانب أغلبية قوية معارضة قوية.
أعتقد أننا وصلنا في المغرب، بعد هذه الفترة الطويلة من التجارب التي استغرقت 50 سنة، إلى فترة ينبغي فيها أن نطوي صفحة الماضي، مادام أننا تصالحنا مع هذا الماضي، وعلينا أن ننخرط في منعطف جديد نعمل فيه من أجل إعادة ثقة المواطنين في المؤسسات وفي الممارسة الحزبية والسياسية بشكل عام.
ينبغي علينا اليوم، أن نسير في اتجاه إعادة الاعتبار للفعل السياسي وفي سبيل تحقيق ذلك، فإننا مستعدون للتحالف مع كل من لهم القناعة نفسها.
٭ إذا جرى اعتماد نمط الاقتراع باللائحة خلال الانتخابات المقبلة، هل تعتقدون أن ذلك سوف لن يؤثر سلبا على سير عملية الاندماج؟
ـ ما نتمناه هو أن يحصل تغيير في نمط الاقتراع المعتمد، ذلك أن تجربة نمط الاقتراع باللائحة أثبتت فشلها.
كنا دائما ندافع على نمط الاقتراع الأحادي، على أساس أننا في المغرب، مازلنا لم نصل إلى مرحلة النضج السياسي على مستوى القواعد يجعلنا نركز اهتمامنا على البرامج وليس على الأشخاص.
المواطن المغربي مازال ينتخب على الشخص وليس على البرنامج هذا هو واقعنا ولا ينبغي أن نكذب على أنفسنا فنمط الاقتراع الأحادي هو الذي يناسب، في الوقت الراهن البنية الذهنية لمجتمعنا، وبالتالي، فنحن سنعمل من أجل فرض هذا النمط خلال استحقاقات 2007 .