بعد مصادقة مجلس المستشارين على القانون المالي 2007 مساء يوم الجمعة بالأغلبية, يكون هذا القانون قد خرج من دائرة الجدل والنقاشات، التي تحكمها الحسابات السياسية داخل قبة البرلمان لتمتد إلى دوائر أخرى اقتصادية وجامعية.
وأجمعت فعاليات أكاديمية، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة مناقشة مجلس المستشارين للمشروع على أن القانون المالي2007 وإن كان يحمل في طياته مجموعة من الإيجابيات، من قبيل الحفاظ على الوضع الماكرو ـ اقتصادي، ونسبة عجز تحفز على الاستثمار في المغرب، غير أنه يؤخذ عليه غياب اهتمامه بالعدالة الضريبية والحاجة إلى الرفع من ميزانيات القطاعات الاجتماعية والاقتصادية.
ويرى محمد حركات، أستاذ المالية العامة والحكامة بجامعة محمد الخامس ـ السويسي، رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والحكامة الشاملة, أن أهمية المشروع تكمن في الأولويات التي حددها، والمتمثلة في وضع إطار للتنمية المستدامة، من خلال تركيزه على عدد من القطاعات الاجتماعية الحيوية كالتعليم والصحة، وكذا إعطاء الاقتصاد الوطني مرونة أكثر لتقوية مناعته أمام ظرفية وطنية وعالمية متقلبة.
أما عبد السلام أديب المختص في الاقتصاد السياسي والمالية العامة، فالميزانية الحالية، بالنسبة إليه، تواجهها مجموعة من الإكراهات المرتبطة بتراجع مداخيل الرسوم الجمركية، بفعل توقيع المغرب على عدد من اتفاقيات التبادل الحر خاصة مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد من البلدان العربية، كما أن تفويت عدد من المرافق العمومية للخواص قد يؤدي إلى تراجع في مواردها.
واعتبر أديب أن المقتضيات التي جاء بها القانون المالي 2007 تحفز الرأسمال الأجنبي على الاستثمار في المغرب، لكنه أكد في المقابل على أهمية الرفع من حجم الاستثمارات الحكومية, من أجل خلق الثروة وفرص الشغل، والعمل بالتالي على تحسين المعيش اليومي للمواطن.
وفي السياق ذاته أكد الأستاذ حركات على ضرورة مواكبة هذه التحفيزات بإجراءات موازية من قبيل إصلاح القضاء ومحاربة البطء الإداري والفساد.
وفي المجال الضريبي، وصف أديب الإجراء الذي اتخذته الحكومة والقاضي بحذف وخفض الضريبة على الدخل (2 في المائة) بهدف تعزيز القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود "غير كاف".
وطالب بإعادة النظر في فلسفة الضريبة ومنطق الإعفاءات الضريبية التي لا تخدم سوى قطاعات معينة، وكذا بمراجعة شاملة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية الى الدولة، والتركيز على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
أما الأستاذ حركات فاعتبر هذا التخفيض الذي طال الضريبة العامة على الدخل "إيجابيا" قد يساهم في الرفع من القدرة الشرائية للمواطن غير أنه أكد على ضرورة إصلاح هيكلي للمنظومة الضريبية.
وأوضح في هذا الصدد تواضع مردودية الضرائب رغم ارتفاع الضغط الجبائي، داعيا إلى إعادة هيكلة المصالح الجبائية على أساس وظيفي.
وشدد أديب على جدلية العلاقة بين الديمقراطية والعدالة الجبائية.
ودعا إلى تعزيز المسلسل الديمقراطي من أجل الدفع بالإصلاحات الضريبية نحو مزيد من التوازن والمساواة.
ومن أهم المستجدات الإيجابية التي جاء بها المشروع، حسب حركات، التأكيد على أهمية التواصل بين الفاعلين الاقتصاديين ومصالح الضريبة، مشددا في هذا الإطار على أهمية إحداث (مجلس الضريبة) على غرار بعض التجارب الأوروبية, إذ يشكل مثل هذا المجلس مجالا للحوار والتشاور بين الفاعلين الاقتصاديين وإدارة الضريبة.
(و م ع )