أصبح الاقتصاد الصيني الذي عرف عام 2005 للسنة الثالثة على التوالي نموا تفوق نسبته 10 في المائة، في حاجة ماسة إلى مصادر الطاقة وخصوصا النفط.
ولا يغيب عن بال المسؤولين الصينيين في علاقاتهم بالبلدان الإفريقية ضرورة تأمين مصادر قارة ودائمة من هذا المورد الحيوي، وحسب المعطيات الصينية الرسمية فقد استوردت بكين 34 ر38 مليون طن من النفط الخام من افريقيا عام 2005، أي ما يمثل30 في المائة من وارداتها من النفط من الخارج.
وتضيف هذه المعطيات التي أعلن عنها تشانغ يو تشينغ نائب رئيس إدارة الطاقة باللجنة الصينية للتنمية والإصلاح أنه بنهاية عام 2005، ساهمت الصين في إقامة27 مشروعا كبيرا للنفط والغاز الطبيعي في 14 دولة افريقية بما فيها السودان، والجزائر، وأنغولا، ونيجيريا.
وأشار إلى أن السعودية كانت سنة 2005 أكبر مصدر للنفط الخام للصين حيث وصل إجمالي وارداتها منها إلى 18 ر22 مليون طن. وتلتها أنغولا ب46 ر17 مليون طن. موضحا أن أنغولان والسودان، والكونغو، وغينيا الاستوائية من بين البلدان العشر الكبرى المصدرة للنفط للصين عام 2005.
ويأتي الإعلان عن هذه الأرقام على هامش الإعداد للقمة الإفريقية الصينية الثالثة، والاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي من 3 إلى 5 نونبر المقبل.
وهي القمة التي تسعى إلى استعراض مسيرة التعاون الصيني الإفريقي خلال العقود الخمسة الماضية والنتائج التي تحققت منذ تأسيس المنتدى عام 2000، ووضع خطط للتعاون الفعلي في المستقبل.
وأضاف تشانغ أن إفريقيا تتوفر على ثروات غنية، لكنها تفتقد للتطوير والاستغلال الأمثلين، بينما تمتلك الصين الخبرة والتجربة ولديها اقتصاد سريع النمو ذو طلب متنام على المواد النفطية.
كما أن المؤسسات الصناعية الصينية وخصوصا شركات النفط أصبحت بعد 20 سنة من نهج سياسة الانفتاح قوية سواء من حيث امتلاك التكنلوجيا والتجهيزات أو من حيث رؤوس الأموال مما أدى الى تحقيقها مزيدا من النمو والتطور الخارجي وقاد إلى تطوير العلاقات بين الصين وافريقيا في مجال الطاقة.
غير أن المسؤول الصيني سعى إلى دحض ما تشير له بعض الأوساط خصوصا الغربية من كون الصين تسعى الى امتصاص الثروات الطاقية والمعدنية الافريقية لتلبية حاجيات اقتصادها المتنامي، على حساب الشعوب الإفريقية التي تتخبط في المجاعة والفقر، حيث قال إن استثمارات الصين في قطاع الطاقة "أسهمت في التنمية الاقتصادية للدول الإفريقية، في حين ساعد تعاونها الفني وبرامجها التدريبية افريقيا على تدريب فنييها في مجال النفط".
وحسب المعطيات نفسها فقد أدى النمو الاقتصادي النشيط للصين في العقدين الماضيين إلى حدوث زيادة في احتياجاتها من النفط.
وتظهر أرقام رسمية أن البلاد استوردت82 ر126 مليون طن من النفط الخام في عام
2005. ووصلت الواردات في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2006 إلى 80 ر95 مليون طن، بزيادة 3 ر15 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وقال تشانغ أن شركات النفط الصينية تمتلك تكنولوجيات فريدة في استكشاف حقول النفط ذات الأوضاع الجيولوجية المعقدة وتطويرها، وكذا في تطوير حقول النفط القديمة ذات الموارد المستنفدة.
وذكر أن الحكومة ستشجع الشركات الصينية على توسيع تعاونها مع الدول الافريقية في قطاع الطاقة.
وقد ارتفعت واردات الصين من النفط بنحو 3 ر15 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي لتصل إلى 8 ر95 مليون طن.
وأنتجت الصين، خلال الفترة نفسها 93 ر122 مليون طن من النفط الخام بزيادة 1 ر8 بالمائة، وكررت15 ر199 مليون طن من النفط بزيادة 7 ر5 بالمائة عن نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفع إنتاج البنزين والدييزل إلى 8 ر3 و7 ر5 بالمائة على التوالي.
وحسب التوقعات فمن المرجح أن يزيد الطلب على النفط الخام بنسبة 4 بالمائة في ال15سنة المقبلة في ظل نمو اقتصادي صيني بمعدل7 بالمائة، بينما ستبلغ نسبة الزيادة في الإنتاج الصيني من البترول 2 بالمائة فقط، في حين تتسع بالمقابل الفجوة بين الإنتاج والطلب في البلاد عاما بعد عام.
وتقدر "وكالة المعلومات الأمريكية حول الطاقة" الاستهلاك النفطي الصيني ب8 مليون برميل يوميا خلال سنة 2006 ، وتعتبر أن الطلب الصيني المتزايد على النفط هو أحد الأسباب الرئيسية في الارتفاع الحاصل في أسعار النفط العالمية.
أما "معهد التحليلات حول الأمن الشامل"، وهو مؤسسة دراسات أمريكية مرتبطة بالحكومة، فيتوقع أن تستورد الصين خلال 20 سنة نفس الواردات الأمريكية من النفط، أي حوالي 10 ملايين برميل يوميا.
وتستهلك الولايات المتحدة حاليا 20 مليون برميل يوميا من النفط، ويمكن للصين أن تتجاوزها في 2030 عندما تمتلئ شوارعها بالسيارات ويزيد اقتصادها في النمو.
(بكين)(و م ع).