نسيج جمعوي في الأفق لمواجهة الجرائم الجنسية ضد الأطفال

انتفاضة مناهضي الاستغلال الجنسي للقاصرين

الأربعاء 01 نونبر 2006 - 10:00
المجتمع المدني يتعبأ في مواجهة الجرائم الجنسية ضد الأطفال (خاص).

قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال تبرز على الساحة بين الفينة والأخرى، وتصدم بشاعتها الرأي العام المغربي، الذي ما زال يتذكر جريمة الاغتصاب والقتل البشعة، التي تعرضت لها الطفلة لبنى محجوبي (9 سنوات)، من قبل شاذ جنسي بمدينة وجدة، قبل سنتين.

وقضية مماثلة في الرباط، قبل ثلاث سنوات، بطلها فرنسي (51 سنة) يدير مدرستين للتعليم، كان يقيم في فيلا اتخذها مسرحا لممارسة شذوذه الجنسي على الأطفال المشردين في شوارع العاصمة، وصولا إلى القضية المعروفة باسم"سفاح تارودانت"الذي كان يستدرج ضحاياه الأطفال، إلى مكان سكناه، ويمارس عليهم شذوذه الجنسي، ثم يخنقهم، ويدفنهم في المكان نفسه.

تنامي هذه الظاهرة، التي كانت جرائمها تهز مشاعر المغاربة، دفع المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي ترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، إلى تنظيم، حملات واسعة لمحاربة التحرش والاستغلال الجنسي ضد الأطفال، وللمرة الأولى في المغرب، منذ سنة 2003، وما زالت هذه الحملات تتواصل بانتظام.

واليوم، ينضاف المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى الأصوات الداعية إلى تكسير جدار الصمت عن هذه الجرائم، إذ دعا، في بيان توصلت "الصحراء المغربية" بنسخة منه، إلى تشكيل نسيج جمعوي لمناهضة الاستغلال الجنسي للأطفال، نظرا لتنامي وضعية استغلال الأطفال بالمغرب، التي تعتبر ضد حقوق الطفل، خصوصا المادة 34 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي تنص على أن الدول الأطراف تلتزم بحماية الطفل من أي شكل من أشكال الاستغلال والعنف الجنسيين، ولهذا تتخذ الدول الإجراءات الخاصة، على الأصعدة الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف، لتفادي استغلال الأطفال في أغراض الدعارة، أو أي شكل من أشكال الممارسات الجنسية غير المشروعة.

وذكر المركز، الذي أفادت مصادرنا أنه يجري الترتيبات اللازمة لتشكيل النسيج المناهض للاستغلال الجنسي للأطفال، أن من بين الإجراءات، التي تتخذها الدول الأطراف، تدابير قانونية تعاقب على استغلال الأطفال في إنتاج أفلام جنسية.

كما تنص المادة 34 على منع دعارة الأطفال، وتلتزم الدول الأعضاء بموجبها بمتابعة أي استغلال جنسي يتعرض له القاصرون.

وكذلك يدرج قانون المحكمة الجنائية الدولية، المتبنى بروما سنة 1998، الاغتصاب والاستغلال الجنسي والدعارة الإجبارية ضمن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

ويعلل المركز دعوته لتشكيل هذا النسيج بغياب تنسيق ما بين المنظمات غير الحكومية، العاملة في مجال حقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق الطفل بصفة خاصة.

قال المركز إن تحقيق أهداف النسيج تتطلب استعمال كل وسيلة مشروعة، من أجل التعريف بالميثاق الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، وكل القوانين الوطنية والدولية لحماية الطفل ضد كافة أشكال الاغتصاب والاستغلال الجسدي والجنسي، وكذلك جمع ونشر وتبادل كل المعلومات المرتبطة بوضعية الاستغلال الجنسي، بالإضافة إلى توفير رعاية قانونية واجتماعية وبسيكولوجية لضحايا الاستغلال الجنسي، وتحريك الرأي العام الوطني والدولي لمناهضة كل أشكال الاستغلال الجنسي، وكذا تقديم نصوص تشريعية لحماية حقوق الطفل، وتشجيع التعاون ما بين المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ذات الصلة بالموضوع.

وما تزال الإحصائيات بخصوص وضعية الاستغلال الجنسي للأطفال بالمغرب غير متوفرة، إلا في بعض الحالات، التي ترد على بعض المراكز المعنية بهذه الظاهرة، وهي نسبية جدا، بيد أن أبرزها وآخرها هي إحصائيات المرصد الوطني لحقوق الطفل، التي أشارت إلى أن 61.95 في المائة من الحالات، التي جرى الإبلاغ عنها، عن طريق المكالمات الهاتفية أو الزيارة المباشرة للمرصد، تتعلق بالاعتداء الجنسي على الاطفال، و1.7 في المائة تتعلق بالاعتداء الجسدي، و7.63 في المائة بالإهمال، و8.69 في المائة لطلب المساعدة، وأن 26 في المائة من هذه الحالات مصدرها العالم القروي.

وسجلت الإحصائيات ذاتها ارتفاع عدد حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، وأن مركز الاستماع وحماية الأطفال يتلقى 8832 مكالمة هاتفية شهريا، في المتوسط، من مختلف المدن والمناطق المغربية، فيما تشير الإحصائيات أن الظاهرة تنتشر بشكل خاص في المدن الساحلية والسياحية، التي برزت فيها ظاهرة ما يعرف بالسياحة الجنسية، مثل الدار البيضاء وطنجة والصويرة وأكادير ومراكش.

في حين سجل مركز الكرامة للاستماع والتوجيه والمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا الانتهاكات في الشغل في فاس وحدها ما يناهز 2500 حالة انتهاك للعاملات القاصرات ضحايا الاستغلال الجنسي، مبرزا أن هذا الرقم يعكس اتساع نطاق الانتهاكات في حق العاملات بمختلف المؤسسات الإنتاجية والإدارات العامة بفاس وبالعديد من المدن المغربية.

وأوضح تقرير صادر عن المركز أن الحالات الواردة عليه عرفت تزايدا شهرا بعد آخر، إذ ارتفع العدد من 35 حالة في مارس 2005، إلى 744 حالة في أكتوبر من السنة ذاتها، مشيرا إلى أن النسبة الكبيرة من الضحايا تقل أعمارهن عن 14 سنة، ويتحدرن من فاس والنواحي، ومن مدن الدار البيضاء وسلا ووجدة والرباط ومراكش والناظور وأرفود.




تابعونا على فيسبوك