زراعة القنب الهندي بشمال المغرب تعوق جهود شركة ألتاديس لزراعة التبغ

الأربعاء 25 أكتوبر 2006 - 11:50
ربطات الكيف تجفف فوق أحد أسطح كتامة المشهورة بزراعة القنب الهندي (خاص).

يكاد أحمد الفلاح المسن يجزم بأنه لن يجرب زراعة التبغ مرة أخرى في قطعة أرضه الصغيرة في قرية قوبع قرب شفشاون (24 كيلومترا شمالي الرباط) بعد أن أقنعه موظفو شركة ألتاديس الفرنسية الإسبانية بأن زراعة نوع جديد من التبغ الاشقر (الفاتح) "تبغ الشرق" سيكون "مشروع ا

ويقول الفلاح الذي قدم نفسه باسم احمد فقط وهو يشير الى محصوله المجفف من التبغ والمعلق في فناء منزله الريفي المتواضع أن زراعته "مضنية" وأخذت الكثير من وقته دون أن تضمن له عائدا مهما في مقارنة له مع نبتة القنب الهندي المخدرة المنتشرة في المنطقة وتدر أموالا كبيرة على الفلاحين.

وقال "أعطيت أكثر من ألف درهم (نحو 113 دولارا) للعمال لمساعدتي في الجني والتوضيب..هذا غير مربح للحصول على النوع الممتاز من تبغ الشرق يجب بذل مجهود أكبر وعناية فائقة." وسيحصل أحمد من بيعه المحصول للشركة على نحو 4000 درهم
(160 كيلوجراما بمبلغ 25 درهما للكيلو) في حين أن ثمن الكيلو الواحد من القنب الهندي في المنطقة يتراوح بين 4000 و5000 درهم.

وتسعى شركة ألتاديس التي أتمت الشهر الماضي اقتناء كل أسهم الشركة المغربية للتبغ لسد حاجة السوق الداخلية والتفكير في أنواع جديدة للتصدير كتبغ "الشرق" خاصة بعد أن قرر الاتحاد الاوروبي التخلي عن المساعدات التي كان يمنحها للفلاحين الاوروبيين بالاضافة الى ارتفاع أجر اليد العاملة مما صرف اهتمام الفلاحين الاوروبيين عن هذه الزراعة.

وتعتبر اليونان أول منتج للتبغ في اوروبا خاصة تبغ الشرق كما تصنف اوروبا الخامسة عالميا في انتاج التبغ وراء كل من الصين والبرازيل والهند والولايات المتحدة الامريكية.

اما المغرب فقد شهد انتاجه من التبغ تراجعا كبيرا في السنوات الاخيرة بسبب تراجع الطلب على التبغ الاسود الذي كان يشكل 40 في المائة من انتاجه.

وتقول هناء العراقي المسؤولة عن الاتصال في شركة التاديس بالدار البيضاء "هناك اتجاه نحو سد حاجيات السوق المغربية من التبغ الاشقر. ولم لا.
(يجب) التفكير في تعويض جزء من المنتوج اليوناني والتركي خاصة عند دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي." ويسعى مسؤولو شركة التاديس للوصول إلى 150 الف طن سنويا من تبغ الشرق بحلول 2010 من 80 ألف طن السنة الماضية بسبب منافسة زراعة القنب الهندي لهذه الزراعة في منطقة الشمال.

وبدأت شركة ألتاديس منذ 2005 مشروعا لزراعة هذا النوع الجديد من التبغ في منطقة شفشاون بعد اختبارات وتجارب أكدت ملاءمة المناخ والتراب لهذا النوع من الزراعات.

ويحاول مسؤولو الشركة عبثا اقناع الفلاحين بجدوى "الزراعة الجديدة" بسبب منافسة القنب الهندي لكل الزراعات في المنطقة.

ويقول عزيز مديدي الشيخ ممثل شركة ألتاديس في منطقة وزان-شفشاون إن "أثمنة الكيف لا تقارن مع أية زراعات أخرى. الفلاحون الذين جربوا مال الكيف يفضلونه حتى على القمح والخضر بالنظر لمدخوله المرتفع." وتحاول التاديس مع صعوبة الوضع الاتجاه للبحث عن أراض اخرى في شمال المغرب حيث أثبتت التجارب المخبرية أن مناخ وتربة هذه المناطق صالح لزراعة هذا النوع من التبغ الذي يقول المسؤولون ان قيمته التجارية عالية جدا بالمقارنة مع أنواع أخرى.

ويقول مديدي الشيخ "بالفعل واجهنا فتورا وعدم اهتمام من الفلاحين في منطقة شفشاون بسبب منافسة القنب الهندي لكن هناك استثناءات من بعض الفلاحين الذين لا يريدون مشاكل مع السلطات ويؤمنون بأنها زراعة حرام." ويضيف "اتجهنا الى مناطق أخرى في الشمال كتطوان والعرائش لزراعة هذا النوع من التبغ بعد اعلانها منطقة خالية من زراعة الكيف."

ووسعت ألتاديس ايضا من زراعتها لأنواع اخرى من التبغ الاشقر مثل "برلي" و"فيرجيني" وحاولت تطويرها في مناطق غرب وشمال غرب المغرب ومنطقة الحاجب قرب جبال الاطلس لزيادة قدرتها التنافسية وتغطية حاجة المجموعة من هذه الانواع من التبغ.

من ناحية أخرى أوقفت زراعة التبغ الاسود بسبب تراجع الطلب عليه محليا وعالميا وعوضته بمنح نحو 3000 فلاح في منطقة وزان شجيرات الزيتون وتعويضا يساوي قيمة مدخولهم من التبغ سنويا.

ويمتد برنامج التشجير هذا على مدى خمس سنوات الى حين أن تعطي شجيرات الزيتون ثمارها وخصصت له الشركة نحو 22 مليون درهم.

وتراجع محصول التبغ المغربي في السنتيتن الاخيرتين بسب تراجع انتاج التبغ الاسود وبلغ ثلاثة وأربعة الاف طن على التوالي في السنتين الماضيتين من عشرة الاف طن في السنوات العشر الماضية.

ولانجاح برنامجها في سد الاحتياجات والتفكير في التصدير قامت شركة التاديس التي تحتكر السوق المغربية بموجب اتفاق مع الدولة حتى 2010 بالبحث عن مناطق أخرى مناسبة للزراعة وجلب تقنيين أجانب خاصة من اليونان وتركيا والتنسيق مع المؤسسات الفلاحية العلمية المغربية.

ويقول التقني التركي حسين كيرليكوفا الخبير في زراعة التبغ "تبغ الشرق ممكن أن يدر دخلا أكبر بالمقارنة مع باقي الانواع الاخرى وظروف المناخ هنا مواتية لزراعته." ويضيف "لكن للاسف الفلاحون غير مقتنعون بزراعته مقارنة مع الجهد الذي يبذلونه لانهم يقارنوا بينه ومدخول الكيف. والتبغ يحتاج الى يد عاملة كثيرة.

"نحن نحاول اقناعهم بأن زراعة الكيف فيها مشاكل مع السلطات بينما زراعة التبغ ممكن ان تجعل الفلاح ينام مطمئنا." (الدولار يساوي97 ر8 درهم). (شفشاون)(رويترز)




تابعونا على فيسبوك