عادات غذائية تتسبب في سرطان القولون

التشخيص بالمنظار خير سبيل للوقاية من الداء

الأربعاء 18 أكتوبر 2006 - 10:53

على إثر اختتام المؤتمر الطبي الذي نظمته الجمعية الأوربية لطب الأنكولوجيا بمدينة أسطنبول أخيرا، عقد منير الباشوشي، أخصائي في علاج الأمراض السرطانية، وعضو الجمعية المغربية لأمراض السرطان، أخيرا، ندوة صحفية بالدار البيضاء

ليطلع المختصين والمهتمين بموضوع الأمراض السرطانية في المغرب على آخرنتائج الأبحاث الطبية المنجزة بخصوص علاج أمراض القولون والمستقيم.

ويحتل سرطان القولون المرتبة الثالثة ضمن جدول أنواع السرطانات الأكثر انتشارا في المغرب وتسببا للوفيات، إذ يأتي بعد سرطان الثدي وعنق الرحم والرئة.

وأفاد منيرالباشوشي، أنه تتوفرالعديد من العوامل التي تساهم في الإصابة بهذا النوع من السرطان، من بينها الاعتماد على التغذية التي تفتقر للألياف الغذائية، التي تحتويها الخضر والفواكه، والإكثارمن الوجبات الغنية بالدهون الحيوانية والبروتينات، إذ أكدت الأبحاث الطبية ارتباطها بمضاعفة خطر الإصابة بسرطان القولون.

وتوجد عوامل أخرى مسؤولة عن ظهور المرض مرتبطة بالوراثة، إذ هناك قبل أن تتطور وتصبح أوراما خبيثة، وهو ما يستدعي علاجها في وقت مبكر جدا .

ويشار إلى أن سرطان القولون يشخص لدى الأشخاص البدينين بشكل أكبر، ولدى الأشخاص الذين لا يجرون تمارين رياضية والذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة.

ويساهم الكشف المبكر عن سرطان القولون بواسطة المنظار، في الرفع من حظوظ العلاج بشكل كبير لتقارب 100 في المائة، إذ رغم هذا المعطى، نجد أنه في فرنسا يتسبب هذا النوع من السرطان في وفاة أزيد من نصف المصابين نتيجة لعدم الخضوع إلى تشخيص مبكر.

أوضح الباشوشي أن أبحاثا حديثة، كشفت أن السرطان ينتج عن حدوث خلل في "التواصل"بين الخلايا، إذ في الحالات العادية ترسل الخلايا بانتظام نوعا من الرسائل بالجسم، مثلها مثل ما يفعله أفراد المجتمع في تواصلهم، وتحديد أدوار كل منهم في المحيط الذي ينتمون إليه.

وفي حالة الاصابة بالمرض، يصعب على الخلية السرطانية التواصل بشكل جيد مع محيطها، فلا تستجيب للإشارات الخارجية، فتثكاثر بشكل فوضوي، وبالتالي تفلت من مراقبة الخلايا المجاورة لها ومن الجسم بأكمله.

وأفاد منير الباشوشي، أن الورم الخبيث، المسؤول عن الداء، يتوفرعلى خصائص تمكنه من غزو الأنسجة السليمة، والتسبب في حدوث خلل للعضو الذي ينمو فيه، خاصة إذا كان يستغل موارد الجسم من أجل نموه مثل تزوده بالأوكسجين والغذاء.

ويرسل الورم السرطاني إشارات كيماوية في اتجاه العروق الدموية الأقرب إليه، من أجل أن تنمو عروق أخرى مساعدة له على النمو، وتسمى هذه العملية ب angiogénèse.

وبمجرد ارتباط الورم السرطاني بشبكة العروق الدموية، يحصل على الطاقة اللازمة لنموه
ولكي ينمو الورم، فهو بحاجة إلى إيجاد مكان في العضو الذي ينمو فيه، لذلك فهو يستعمل أنزيمات، من التي يفرزها، أو المفرزة من عضو آخر ،لأجل تغيير الدمغة التي تربط الخلايا السليمة فيما بينها وتضمن تماسك الأنسجة، ويطلق على هذه الأنزيمات إسم métalloprotéases. وتمكن هذه العملية الورم من غزو العضو، وتسهيل عملية تكون السرطان، كما أن هذا النوع من الأنزيمات، يساهم في تحرير الخلايا السرطانية للورم أو ما يسمى بـ "الميتاستاز"، فيمكنها من تجاوز جدار المكان التي توجد به .

كما أنه يمكن لهذه الخلايا السرطانية، بعد دخولها لمرحلة الميتاستاز، أن تنتقل بواسطة العروق الدموية، لتمس أعضاء أخرى للجسد، حيث تكون ورما جديدا

وينمو الورم أيضا من خلال تجاهل الرسائل التي تدعو الخلايا للموت، وهي عملية يطلق عليها »الأذن الصماء«، وهي تقنية تلجأ إليها الخلايا السرطانية لتحقيق هذا الهدف، وبالتالي تصبح هذه الخلايا خالدة لا تموت، حيث يستمر الورم في التطور والنمو إلى أن يمنع العضو والجسم بأكمله من أداء وظيفته.

ودون تدخل جراحي، يمكن للورم أن يستمر في النمو إلى أن يتسبب في وفاة الشخص.

وتحدث منير الباشوشي، عن أعراض سرطان القولون و المستقيم، مبينا أنها لا تعطي إشارات في المراحل الأولى لتكون المرض، إلا أنه مع مرور الوقت تظهر عدد من العلامات يمكن إعتبارها كإشارات تحذيرية ومن أبرزها حدوث نزيف المستقيم، ووجود دم في البراز كما يحدث تغير في طبيعته وشكله، وحدوث آلام ناتجة عن تقلصات و تشنجات في المنطقة السفلية من البطن، أو آلام غازية متكررة، وحدوث تغير في حركة القولون و خاصة في طبيعة الخروج و شكله.

كما أن فقدان الوزن من دون إتباع حمية غذائية، أو شعور بتعب و إجهاد مستمرين، وحدوث اضطراب و الرغبة في التبرز في حين لا حاجة لذلك، يكون من علامات الإصابة بالداء أيضا.

العلاجات الممكنة ومن العلاجات المتوفرة للقضاء على المرض، استئصال الورم عن طريق خضوع المصاب لعملية جراحية في حالة اكتشاف وجود السرطان في وقت مبكر.

وأكد منير الباشوشي أنه كلما أجري التدخل الجراحي من قبل أخصائي متمرس، راكم تجربة بفضل احتكاكه المستمر في اجراء العمليات الجراحية التي تهم المستقيم والقولون، كلما ارتفعت حظوظ نجاح العملية، وأعطت نتائج جيدة.

وتحدث على أن الجراحة تعتبر مجرد مرحلة أولى ذات أهمية كبرى، تمكن من إزالة جزء كبير من المشكلة، ضروري إتباعها بعلاج تكميلي.

ويشار إلى أنه في بداية القرن العشرين اكتشفت أشعة X وطبقت في علاج الأورام السرطانية بشكل عام ، وفي هذه الفترة شهد العالم ميلاد العلاج بواسطة الأشعة، التي ما تزال تستعمل ليومنا هذا.

وانطلاقا من سنوات الخمسينات من القرن الماضي، طورت أدوية سامة للخلاياالسرطانية، والتي كانت إعلانا عن ميلاد العلاج الكيميائي.

لكن تبين للأخصائيين أنها علاجات تسمم الخلايا السليمة، وكانت تنجم عنها العديد من المضاعفات الثانوية، يصعب على المرضى التعايش معها، كالشعور بالغثيان وتساقط الشعر والاصابة بالأنيميا أي انخفاض عدد الكريات الحمراء في الدم، وبـالنيوتربروبنيا الذي يعني انخفاض عدد الخلايا البيضاء في الدم.

كما يمكن لهذه المضاعفات أن تكون مزمنة فتؤذي القلب والكلي.

ونظرا لما سببته هذه الأدوية من اثار ومضاعفات خطيرة فقد استطاع ومنذ سنوات قليلة، استطاع الباحثون من اكتشاف طرق علاجية جديدة، تعتمد على قتل الخلايا السرطانية بشكل غير مباشر، عوض أن تتوجه إليها مباشرة، حيث تهاجم محيط الورم، وتقضي على العوامل التي تساعد على ظهور الورم ونموه فتقاوم انتشاره.

فطريقة VEGF ساعدت على إيقاف تزويد الورم بأي نوع من التغذية لتجويعه، إذ أن الورم السرطاني ينشئ عوامل نمو خاصة به تساعد على تكوين عروق دموية خاصة، كما وضع مضاد جسمين الذي يرتبط ب VEGF الذي يمنع الورم من بلوغ هدفه وأداء مهمته.

وكنتيجة لذلك تضمحل العروق الدموية للورم شيئا فشيئا، فلا يتوصل الورم بحاجياته من التغذية.

ويطلق على هذا المضاد الجسمي إسم bevacizumab، والذي شرع في تسويقه سنة 2004 بالولايات المتحدة الأميركية، وحصل على تاشيرة تسويقه في المغرب منذ فبراير 2006 .

وحاليا لا يستعمل إلا في حالات سرطان القولون المتقدمة، لكنه يمكنه أن يوسع استعماله بالنسبة لسرطان الرئة وسرطان الثدي، لأنه تتوفر دراسات إكلينيكية أعطت نتائج جيدة في هذا الاتجاه.

وركز الباحثون اهتمامهم على البحث عن طرق أخرى للتواصل بين الورم والخلايا الطبيعية التي تتواصل فيما بينها عن طريق رسائل كيماوية، فتوصلوا إلى فكرة وقف مستقبلات الخلية السرطانية، من أجل منع الورم من الاستفادة من موارد الجسد الذي يستقبله رغما عنه.


وحددت العديد من أنواع المستقبلات، والتي يوجد من بينها مستقبل HER2، والذي يوجد في 25 في المائة من حالات الاصابة بسرطان الثدي.

إذ يساعد هذا المضاد الجسمي المذكور أعلاه على وقف مستقبل HER2، ومكن من بلوغ نتائج طيبة في علاج سرطان الثدي من خلال إشراكه مع العلاج الكيماوي التقليدي.

إلى جانب ذلك تنجز أبحاث طبية تبحث حول إمكانية تلقيح العضو ضد أورامه، إذ الفكرة تتمثل في وضع نظام دفاعي مناعي، ليس ضد فيروس أو بكتيريا كما هو الشأن في حالات التلقيح الكلاسيكية، لكن يجري التلقيح ضد الخلايا السرطانية نفسها.

لذا يتوجب اكتشاف العوامل الخاصة بالأورام، وحمل جهاز المناعة على مواجهتها
وتعمل الخلايا البيضاء على القضاء على هذه الخلايا على اعتبار أنها أجسام غريبة، ولم يتجاوز أي من هذه الأدوية مرحلة التطوير.

علاجbevacizumab وظهرت العديد من العلاجات، تهدف إلى مواجهة تزايد عدد المصابين بسرطان القولون، وتتمثل في bevacizumab الذي يسوق تحت إسم أفاستن، والذي حصل على تأشيرة التسويق سنة 2004 في الولايات المتحدة الأميركية، وفي بداية 2005 في الاتحاد الاوروبي، ورخص له بصفة رسمية في المغرب في بداية فبراير 2006، وذلك من أجل معالجة سرطان القولون في مرحلة الميتاستاز، وذلك موازاة مع استعمال العلاج الكيماوي التقليدي.

وقد اعتمدت هذه الرخصة التي منحت للدواء، على النتائج التي توصلت إليها دراسة نشرت في المجلة الطبية العالمية New England Journal of Medicine، وهي الدراسة التي شملت 900 شخص من المرضى، الذين أبانت حالتهم عن تحسن ملحوظ بعد استعمالهم لـ "أفاستن" موازاة مع استعمال العلاج الكيميائي التقليدي في حالات المرضى المصابين بالسرطان في حالات متقدمة في القولون والمستقيم.

وأظهرت هذه الدراسة أن إشراك أفاستن مع العلاج الكميائي التقليدي، يزيد بشكل ملموس من نجاة المرضى بنسبة 30 في المائة، والنجاة بدون انتكاسة السرطان بنسبة 71 في المائة، لكونه يعمل على خنق الأورام، وقطع اتصالها بالعروق التي تزودها بالغذاء.




تابعونا على فيسبوك