سياحة بنكهة الحشيش

الأربعاء 12 يوليوز 2006 - 12:00

لم يصدق أحد أن يفد سائح غربي قاطعا آلاف الكيلومترات عبر الطائرة ليأخذ وجهته نحو منطقة كتامة، تاركا وراءه مرافق سياحية فخمة وجذابة، وأن يقبل أن يكون راعي غنم، لقاء قضاء أزهى فترات عمره محشوا بنكهة حشيش طالما استهوت مخيلته.

وحسبما يروي سكان كتامة في واقعة أقرب لديهم إلى الخيال، أن أحد السياح الغربيين كان حل بين ظهراني مزارع للكيف بالمنطقة، طالبا منهم ما لم يكن في الحسبان، إذ لم يكن من طينة السياح الذين يقبلون على زيارة المنطقة لقضاء سويعات في انتشاء غليون تقليدي أو حشيش مبروم قبل أن يغادرها باتجاه مدن فاس وتطوان وطنجة.

اعتقد المزارع في بداية الأمر أن السائح أتى للغاية نفسها، لذا استقبله بحفاوة وهو يدرك أن ذلك سيدر عليه مدخولا لابأس به مقابل حصول ضيفه على »كماية« المبروم والسبسي، ومع مكوث السائح لبعض الوقت وهو ينتشي غليون حشيش مشدوها إلى سحر جبال كتامة ووهادها المترامية الأطراف بخضرة الكيف، دفع به الأمر لأن يفكر في قضاء المزيد من الوقت هناك، ومع أن قرى كتامة تفتقد لمآوي سياحية بسيطة فإن السائح ابتدع لنفسه طريقته الخاصة في قضاء أمتع لحظات السكينة بنشوة الحشيشة، طالبا من المزارع المحتضن له لأن يجعله راعيا لماشيته، وهو المطلب الذي لم يكن للمزارع حينها بدا من أن يستجيب لرغبته بتمكينه من الاستمتاع ببلوى حشيشة دوخت عقول الملايين.

دأب السائح طوال ستة أسابيع ونيف على مرافقة رعاة المنطقة بمعية قطيع من المعز والغنم، منغمسا طيلة الفترة في يوميات السبسي والمبروم على منوال الرعاة البدويين القدامى، حاملا مع كل إشراقة شمس محفظة جلدية مليئة بالزاد من المأكل والماء وغليونا وسجائر وحشيش، متجها صحبة كلبه وقطيعه، إلى مراعي وبراري كتامة، قبل أن يعود مع غروب الشمس، كان ذلك أثار فضول واستغراب رعاة بؤساء تعلم منهم دارجة ذات رطانة خاصة، ومع أنهم يتقنون طرق إعداد مبروم الحشيش و»مشقوفه«، فإن السائح وجد فيهم خير جليس له، إذ اعترف حينها لزملائه الرعاة انه سحر بحشيشة كتامة وبطبيعتها الخضراء وبسكونها وهدوئها وبساطة عيشها، هذا كل ما كان يبحث عنه وقد وجده في قرى كتامة، قبل أن يغادرها حاملا معه ذكريات مبرومة بحشيش لاتنسى.

استطاعت شهرة حشيش كتامة أن تشد انتباه السياح الأجانب وخاصة الاسبانيين والفرنسيين والايطاليين والبريطانيين إلى هذه المنطقة، وعلى شكل فرادى وقوافل يفدون على قرى كتامة وفندقها الفخم وهم مهووسون بلوعة حشيش.

يقضي البعض منهم مسيرة يوم إلى ثلاثة في التجوال بطريق القمم العابرة لمنطقة كتامة وهم يستمتعون بمناظر حشيش وغابات ساحرة، قبل أن يلج البعض منهم فندق ايساكن الشهير حيث يجد النشوة التي طالما راودته، ويعمد آخرون للتجوال بوهاد كتامة حيث يقضون بعض الليالي ينتشون بنكهة الحشيش إلى جانب الأودية والغابات قبل أن يغادروا المنطقة باتجاه مدن ساحلية، فيما يلجأ البعض الآخر ممن ربط علاقات تعارف بمزارعي الكيف في المنطقة إلى قضاء إجازتهم السنوية هناك، مستمتعين بنشوة حشيشة في عقر دارها، وهم في الغالب مدمنون على التعاطي لتدخين هذه العشبة والاستمتاع بنكهتها ورائحتها المفقودة.




تابعونا على فيسبوك