كثيرة هي الحوادث التي يتعرض لها الطفل خلال العطلة الصيفية، وتكون إما ناتجة عن حوادث السير أو بسبب أضرار الشمس كالحروق والاجتفاف، وقد تودي بحياة الطفل.
بالإضافة للسعات حيوانات البحر والغرق، كما أن بعض الرياضات البحرية الحديثة التي تمارس باستعمال أجهزة الانزلاق فوق الأمواج قد تشكل خطرا على الطفل، إن هي استعملت بطريقة عشوائية وفي سن مبكرة. وتعد ضربة الشمس من بين هذه الأخطار، التي تنصح فاتحة مرشيد الطبيبة الاختصاصية في طب الأطفال بضرورة اتخاذ مجموعة من الاحتياطات لتجنب مضاعفاتها.
يتضرر الأطفال والأشخاص المسنون أكثر من غيرهم من الحرارة المفرطة نتيجة المكوث طويلا تحت الشمس، وبالتالي التعرض لضربة الشمس التي لا تخلو من خطورة، وقد تؤدي إلى الهلاك أحيانا.
وفي هذا الصدد، تبين فاتحة مرشيد، الطبيبة الاختصاصية في طب الأطفال، أعراض ضربة الشمس التي تتجلى في احمرار الجلد وجفافه، والشعور بتعب شديد، وآلام على مستوى الرأس مع دوار، وارتفاع في درجة حرارة الجسم التي تتعدى 39 درجة مئوية والإحساس بعطش شديد، وقد تتطور الحالة إلى تشنجات وفقدان الوعي. هنا يجب عدم إعطاء المصاب حماما باردا قد يعرضه لصدمة حرارية أو الامتناع عن إعطائه أي شراب إن كان فاقدا الوعي.
وفي حالة الإصابة بضربة الشمس، يجب نقل المصاب إلى مكان معتدل البرودة تحت شجرة أو داخل منزل، وتمديده في وضعية مريحة ونزع ثيابه، مع وضع منشفة أو قماش مبلل بالماء على جبينه أو تغطية كامل جسده بمنشفة مبللة بماء مع اجتناب الماء البارد جدا والمثلج.
وإذا كان الطفل في كامل وعيه، يجب إعطاؤه ماء مالحا (إضافة ملعقة من الملح في لتر من الماء) بوفرة، شريطة أن يرشفه ببطء وحين يكون الطفل فاقدا للوعي يجب تمديده في وضعية الآمان، في انتظار قدوم الإسعاف.
فوضعية الأمان تمنع المصاب من ابتلاع لسانه، وبالتالي تحميه من الاختناق، كما تسمح بالتقيؤ وتسمح للعاب أو الدم بالسيلان خارج الفم بسهولة، وفي حالة تقيؤ المصاب نعمل على منع القيء من الدخول إلى القصبة الهوائية، وحتى في حالة نزيف خارجي عبر الفم تسمح بسيلان الدم نحو الخارج وعدم مروره إلى المسالك الهوائية.
أما عن كيفية تمديد الطفل في وضعية الأمان فتوضح مرشيد "في البداية يكون المصاب ممدودا على ظهره والمنقذ جالسا على ركبتيه، ثم وضع أصبعين تحت ذقن المصاب أو إصبعا صغيرا ويدا فوق جبينه ثم سحب رأسه إلى الخلف، مع تمديد أطراف المصاب وجلب الذراع القريب من المنقذ بحيث يشكل زاوية قائمة مع جسده ووضع إحدى يديه تحت كتف المصاب البعيد منه، بحيث ذراع المصاب فوق ذراعه، ثم وضع يده الأخرى على وركه، وجذب كتف المصاب ووركه نحو المنقذ في الوقت نفسه وبرفق لتحويله على جنبه
ثم طي الركبة العليا للمصاب، ووضعها على الأرض لتثبيت جسمه في هذه الوضعية، ولا ننسى تثبيت رأسه نحو الخلف لمنع انسداد مجاري الهواء مع ترك وجهه مائلا نحو الأرض، وفتح فمه لتسهيل سيلان القيء أو الدم أو اللعاب.
كما يجب البقاء بجانب المريض ومراقبة تنفسه في انتظار الإسعاف وتتجلى وقاية الأطفال من ضربة الشمس، خاصة الرضع منهم بإلباسهم ملابس خفيفة، وتغطية الرأس بقبعة واقية وإعطائهم شرابا، وتفادي خروجهم إلى البحر في الفترة ما بين الساعة العاشرة صباحا والساعة الثالثة بعد الظهر. وتشدد مرشيد على ضرورة تجنب ترك الأطفال في سيارة مقفلة الشبابيك والأبواب تحت الشمس، وعدم تركهم يلعبون أو ينامون في مكان خلف الزجاج المعرض لأشعة الشمس. كما تؤكد على ضرورة الحرص في اختيار مكان الظل.
يعتبر الأطفال الذين يتراوح سنهم ما بين سنة وخمس سنوات أكثر عرضة للغرق، وقد يغرق الطفل في غضون دقيقتين أو ثلاث في كمية قليلة من الماء (ثلاثون سنتمتر من الماء تكفي) .
وهذا ما يفسر ارتفاع حالات الغرق المنزلية في مغطس بلاستيكي، أو في مسبح المنزل سواء كان من المسابح البلاستيكية الصغيرة أو المسابح العادية.
كما أن الأطفال معرضون في أي سن للغرق في مياه البحر ومياه النهر، وأسباب الغرق كثيرة إلا أن السبب الأساسي هو جهل تقنيات السباحة، ولكن حتى الأطفال الذين يحسنون السباحة معرضون للغرق في حالة السباحة بعد التعرض لأشعة الشمس طويلا أو السباحة بعد مجهود عضلي كبير أو بعد الأكل، ففي هذه الحالات يكون الفرق شاسعا بين حرارة الجسم المرتفعة وحرارة الماء المنخفضة (الهيدروكسيون)، وفي حالة إرهاق عضلي عند الطفل الذي يدخل بعيدا في البحر ويتعب، ويمنع الطفل الذي يعاني من بعض الأمراض مثل السكري الذي من الممكن أن تصيبه حالة انخفاض السكر في الدم خلال السباحة، أو نوبة صرع، وكذا الطفل الذي لديه حساسية ضد نبات البحر.
كما أن اصطدام بعض أعضاء الجسم مع الماء مثل الأنف، والحنجرة والبطن والرقبة يؤدي إلى كبح عصبي (الهيدروكسيون) : توقف الجهاز العصبي عن العمل تحت تأثير الماء)، إن جرى الاصطدام على نحو عنيف.
وما يجب تفاديه بالنسبة للمسعف غير المحترف تعريض حياته للخطر كارتمائه في الماء دون تفكير، أو ترك الغريق يتشبث به فيعرضه للغرق بدوره.
وما يجب الإقدام عليه، تنصح الدكتورة مرشيد، هو إخراج الطفل الذي تعرض للغرق أو على وشك الغرق من الماء في أسرع وقت بمد ذراعك أو رجلك أو عصا أو عوامة أو حبل له، وطلب الإسعاف، وإذا كان الضحية في كامل وعيه يجب مساعدته على السعال وإخراج الماء من مسالك التنفس، ونزع ثياب الغريق، وتنشيف جسده من الماء ثم تمديده على ظهره مع الحرص على جعل رأسه في وضعية أسفل من جسده حتى يتسنى له إخراج الماء الذي ابتلعه، مع تغطية الضحية وحمايتها من البرد في انتظار الإسعاف.
أما إذا كان الطفل الغريق لا يتنفس فيجب تمديده على ظهره مع إمالة الرأس للخلف، ورفع الذقن ثم مباشرة التنفس الاصطناعي عن طريق الفم للفم، وإذا توقف نبض قلبه يجب تدليك القلب.
أما عن كيفية الوقاية من الغرق فيبقى تعليم الأطفال السباحة في سن مبكرة أمرا مهما ثم عدم السماح للطفل بالسباحة في الحالات التي جرى ذكرها سابقا.
تؤكد الاختصاصية مرشيد على عدم السماح للأطفال باللعب على الشاطئ في الساعات مابين العاشرة صباحا والثالثة بعد الزوال، مع دهن جلد الأطفال بمرهم واق كريم حاجز خاص بالأطفال خصوصا المناطق المعرضة أكثر لحروق الشمس، مثل الوجه والكتفين والأطراف مع تكرار هذه العملية كل ساعتين، والحرص على جعلهم يرتدون قبعة واقية ولباس خفيف ومريح ذي ألوان فاتحة كالأبيض مثلا، لأن الألوان الداكنة تمتص أشعة الشمس بكثرة حتى ولو كان تحت المظلة الشمسية، لأن هذه الأخيرة لا تعفي من اتخاذ الاحتياطات السالفة الذكر، وذلك لأن أشعة الشمس ما فوق البنفسجية تصل الجلد ولو تحت الظل.
كما أن الرمال تعكس الأشعة بنسبة 35 في المائة، والماء نفسه يعكس الأشعة بنسبة 20 في المائة، كما توصي الاختصاصية بإعطاء الطفل السوائل باستمرار، وخاصة إذا كان صغيرا، ذلك لتفادي اجتفاف الجسم, إذ تحث مرشيد على حماية عيون الأطفال من أشعة الشمس بواسطة نظارات شمسية. وتحذر مرشيد الأطفال من المشي على الصخور بدون أحذية واقية لتفادي لسعات بعض الحيوانات البحرية، مثل السمكة الشواكة وتوتياء البحر، وتنصح بعدم ترك الطفل الصغير دون مراقبة، ولو لبرهة على عوامة أو لحاف هوائي في الماء.
وتؤكد على تعليم الأطفال السباحة في سن مبكرة، ومنع الطفل الذي يعاني من حساسية لنبات البحر من السباحة في المياه التي تحتوي على قناديل البحر أو في البحار الشديدة البرودة، والأماكن غير المحروسة، وينبغي عدم السماح للأطفال بالسباحة بعد الأكل وبعد التعرض لأشعة الشمس وبعد مجهود رياضي كبير, وفي حال ما إذا كان الطفل مريضا أو متعبا مع عدم تركه يسبح لوحده إذا كان مصابا بداء السكري أو مرض الصرع، ولو كان يتقن السباحة، ونبهت إلى ضرورة تعليم أطفالنا الانتباه لإشارات الخطر على الشاطئ واحترامها، وتحذيرهم من ممارسة الألعاب العنيفة في الماء التي قد تؤدي إلى صدمات خطيرة خاصة بواسطة أجهزة الانزلاق فوق الماء التي تتطلب سنا معينا وتدريبا مسبقا.