دعا محمد بلماحي رئيس العصبة الوطنية لحماية المستهلك بالمغرب إلى ضرورة ترسيخ ثقافة الاستهلاك لدى المستهلك وذلك عبر إدراج التربية الاستهلاكية ضمن البرامج التعليمية والمقررات الدراسية.
وأضاف بلماحي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمكناس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحماية المستهلك (15 مارس)، أن إحداث ثقافة الاستهلاك وترسيخها تستدعي أيضا تحسيس كل شرائح المجتمع بأهمية المحافظة على مصالحه من منتجات وخدمات وحمايتها.
واعتبر رئيس العصبة الوطنية لحماية المستهلك، أن ضرورة هذه الثقافة تزداد إلحاحا وتطرح نفسها بحدة اعتبارا للتوجه العالمي الحديث المتمثل في عولمة الاقتصاد وحرية الأسعار والمنافسة، مما يكون له انعكاسات خطيرة على المستهلك.
ودعا بلماحي أيضا إلى إشراك مكونات المجتمع المدني من جمعيات وتعاونيات استهلاكية في اتخاذ القرارات التي تهم المستهلك وإحداث مصالح مختصة في جميع الإدارات للإنصات لرغبات المستهلكين، وكذا إحداث تجمع قطاعي ذي علاقة بالاستهلاك في إدارة واحدة حتى يتم تحديد المسؤوليات وتبسيط المساطر من أجل إعادة الثقة للمستهلك المغربي.
وشدد بلماحي على ضرورة الانخراط وتشجيع كل المبادرات الرامية إلى استرجاع قيم الأمانة وحسن المعاملة والإتقان الضرورية لحماية صحة وسلامة المستهلك المغربي، مع إحداث هيئة مختصة في شؤون حماية المستهلكين على غرار الدول الأوروبية الرائدة في مجال حماية الحقوق الاقتصادية للمواطن.
وأوضح بلماحي، أن من أبرز حقوق المستهلك التي يجب حمايتها واعتمادها الحق في سلامة الغذاء (مشاركة المستهلك في عمليات أخذ القرارات المتعلقة بالسلامة والجودة، وتسديد الحاجيات الأساسية من تغذية وملبس ومسكن وخدمات صحية وتربية وغيرها، وحق السلامة الصحية من قبيل الوقاية من المواد وطرق الإنتاج المضرة بالصحة والحياة، وحق المعرفة والإرشاد كالحماية من الإشهار المغري والمضلل على سبيل المثال.
ومن هذه الحقوق أيضا، يضيف بلماحي، حق الاختيار بين عدة منتجات وخدمات معروفة بأسعار تنافسية، وحق تمثيل مصالح المستهلك عند إعداد وتنفيذ سياسات وضبط مواصفات المواد والخدمات، وحق التقاضي في القضايا المبررة بما في ذلك الحق في التعويض من أجل الإعلام المغلوط والمواد الفاسدة علاوة على حق تربية المستهلك.
وعن حقوق المستهلك المغربي في مجال الخدمات في ظل غياب مدونة في الموضوع، اعتبر أن وجود نصوص يتيمة في قانون 99-06 المتعلق بالمنافسة "لا يفي بالغرض"، وأن الفصل 91 الذي يمنح حق الادعاء لجمعيات حماية المستهلك يشترط "المنفعة العامة"، فيما يمنح الفصل 46 من قانون (روبي) الفرنسي الجمعيات هذا الحق "سيما أن المستهلك العادي للخدمات ليس بإمكانه معرفة الشروط التعسفية خاصة في مجال المعاملات البنكية وعقود القرض والائتمان والنقل البحري والجوي".
وأكد بلماحي أنه لا يمكن للفرد الواحد أن يمارس حق الادعاء بمفرده، بل يجب أن تمتلكه جمعيات حماية المستهلك، لأنه يقتضي تضافر الجهود وتكافئها حتى يتم التغلب على الشروط التعسفية في عقود الخدمات النموذجية "التي يذهب المستهلك غالبا ضحية لها".
وأشار إلى أنه إذا كانت العولمة قد أفضت إلى إلغاء الحواجز الجمركية، على اعتبار أن العالم يتجه إلى أن يضحى سوقا كبيرا يلتقي فيه البائع بالمشتري وعارض الخدمة مع الراغب فيها، فقد وجدت بالمقابل حواجز صحية لحماية المستهلك ومتلقي الخدمات لضعف خبرته وعدم تكوينه وعدم قدرته على الاختيار أمام "قوة الإشهار الكاذب" وبالبيوعات العنيفة سيما في إطار ما يعرف بالخدمات عن بعد.
وأضاف بلماحي أن العالم أصبح يتجه إلى إحداث آليات جديدة في مجال النظامة القانونية للاقتصاد في مجالات السمعي والبصري والمنافسة والمراقبة (التي خصصت لها بلدان الاتحاد الأوروبي وكالة مختصة)، والنقل خاصة في قضايا جودة الخدمات والسلع وسلامة المسافر وصحته.
وبخصوص مجال نشاط العصبة المغربية لحماية المستهلك التي تأسست سنة 1996، قال بلماحي إنها تسعى لتحسيس المستهلك المغربي بحقوقه وواجباته بالخصوص عبر تنظيم ملتقيات وطنية بتنسيق مع عدة قطاعات حكومية وبمساهمة أطباء مختصين وأساتذة باحثين ورجال قانون للبحث في آليات توفير حماية أفضل للمستهلك والإسهام في الملتقيات الدولية.
وأضاف أن العصبة تنصب طرفا في قضايا الخدمات البنكية، والقروض الاستهلاكية، والسلع المهربة التي تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني، وكذا في قضايا كالغش في البناء، وآفة الرشوة بمختلف أشكالها التي تنخر جسم المجتمع وتضرب قيمه وتعيق اقتصاده "في أفق وضع بنيات إدارية واقتصادية سليمة تخدم المصلحة العامة".