بخطى ثابتة، سارت الإعلامية خديجة أكراي على درب النجاح، بعد تجارب مهنية شاركت خلالها في إعداد برامج، وتنقلت ما بين المحطات الإذاعية وشركات الإنتاج بل وحتى دبلجة المسلسلات، لتصل اليوم إلى مرحلة جديدة تقف فيها أمام كاميرا القناة الثانية لتقديم برنامج تحقيقات جديد بعنوان "الملف".
عن البرنامج وعن مسارها المهني الذي لم يكن سهلا، وعن رأيها في ما استطاعت المرأة الإعلامية تحقيقه من إنجازات، كان لخديجة أكراي مع "الصحراء المغربية" الحوار الآتي. شرعت القناة الثانية في عرض أولى حلقات برنامج "الملف" الأسبوع الماضي، كيف جاءت فكرة البرنامج؟ طرحت فكرة البرنامج منذ حوالي السنتين، داخل خلية البرامج الإخبارية التي تضم العديد من البرامج التلفزيونية منها "كلنا أبطال" و"مختفون"، و"حديث الصحافة" وغيرها، إلا أن قرار تنفيذ الفكرة طرحه الاقتناع بتعطش المشاهد المغربي إلى نوعية البرامج التي تحمل من الواقعية الكثير، كان الإيمان بأن المتلقي بحاجة إلى نقل الواقع كما هو، ومعالجة المواضيع التي تلمس أكبر شريحة من الجمهور، الدافع الأساسي وراء الإسراع في أن يرى برنامج "الملف" النور، وقد كان. فبعد نجاح برنامج "مجلة الخميس" الذي يعتبر بالنسبة لي الانطلاقة الحقيقية لمساري الإعلامي داخل "دوزيم"، وقدرته على استقطاب أزيد من 6 ملايين مشاهد في كل حلقة، لمتابعة جل التفاصيل حول وباء كورونا المستجد، تأكدنا من أننا قادرون على تقديم برنامج جدي من وإلى الناس. "الملف" خطوة جديدة في مسارك المهني، بعد مجموعة من البرامج التي شاركت في إعدادها أو تقديمها، هل كانت خطوة محسوبة أم أن تقديمك البرنامج كان صدفة؟ بالفعل كان الأمر مدروسا، فخلال الثماني سنوات حيث خضت العديد من التجارب، وكنت ضمن طاقم إعداد برنامج "كلنا أبطال"، أتيحت لي الفرصة لتقديم إحدى حلقات البرنامج المذكور رفقة الإعلامي عادل بنموسى، وكانت ستعرض بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حيث تقرر الاعتماد على العنصر النسوي في إعداد وتقديم الحلقة التكريمية الخاصة، وربما كانت هذه المبادرة فرصة لأبرز قدراتي في مجال الصحافة وتقديم البرامج إلى جانب الإعداد، وبالفعل شكل مروري حينها مفاجأة لإدارة القناة، وحافزا ليجري اقتراحي من أجل تقديم "مجلة الخميس" ثم "الملف". لذلك أقول إن الأمر ليس صدفة بل اجتهادا ومثابرة لتحقيق الأهداف والآمال، ولا أخفيك أنني تلقيت عروضا من شركات إنتاج، لكنني فضلت التريث في اختيار الأجود، واشتغلت على نفسي وحاولت مراكمة تجربة إعلامية أعتز بها. فكرت كثيرا في ما ستقدمه لي فرصة تقديم برنامج جديد، مؤهل لأن يلمس قلوب الناس وشعرت أنني سأقدم فيه كل ما لدي من قدرات. هل أنت راضية على ما حققته في مجال الإعلام إلى حدود الساعة؟ نعم راضية، لأن الحياة اختيارات، ربما لم أختر الطريق السهل، لأنني لطالما رفضت الظهور لمجرد الظهور، بل كنت أطمح دائما في ترك بصمة وتأثير في المتلقي، وربما هذا ما دفعني لأن أتوقف عن تقديم برنامج "صحة" على القناة "الأولى"، بعد أن شعرت أنه لا يناسب طموحاتي.
بعد بداية مسارك في الإذاعة، كيف جاء الانتقال إلى التلفزيون؟ في الواقع أن مساري المهني بدأ من القناة الرياضية حيث خضت فترة تدريبية لم تكن بالقصيرة، قبل أن أنتقل إلى إذاعة "شدى إف إم"، ومن ثم إلى راديو بلوس" وغيرها. (ضاحكة)، وأوضح أنني لم أكن أعرف الكثير عن عالم الرياضة وكنت أسأل عن كل التفاصيل، لكني تعلمت الكثير من مجموعة من الصحافيين، وبعد مغادرتي الرياضية، توقفت لمدة 6 أشهر، شكلت نقطة تحول في حياتي، حيث قررت خوض العديد من التداريب عبر شبكة الأنترنت، لكني سرعان ما عدت إلى العمل وتنقلت بين عدد من المنابر وشركات الإنتاج التلفزي، حتى أنني خضت تجربة دبلجة المسلسلات. الواضح أن الصدفة لعبت دورا في حياتك؟ إنه الترتيب الإلهي للأشياء، وأحمد الله عليه، ساهمت العديد من العوامل لأصل إلى ما أنا عليه اليوم، فقد كنت فتاة منغلقة خجولة، ولم يكن من السهل أن يتقبل والدي عملي في مجال الإعلام، كوني أتحدر من عائلة أمازيغية محافظة، غير وارد في معجمها اشتغال الفتاة ليلا أو سفرها منفردة، وقد لا أبالغ بالقول إنه كان أبعد بكثير أن يضرب بي المثل الإيجابي، قد يكون هذا الأمر صادما إلا أنه الواقع، أما الدعم والسند فقد يتحققان في وقت لاحق، بعد أن نثبت النجاح والاستقلال المادي. أي المجالين يشبع نهمك كإعلامية، الإذاعة أم التلفزيون؟ تبقى الإذاعة مدرسة، وحياة تعيشها إلى جانب حياتك، فإذا كنا نمنح للتلفزة الحياة، فالإذاعة هي من تمنحنا الحياة، تربي فينا الأفكار والحس والمشاعر، وحسن التعايش مع الآخر. الإذاعة حب وعالم يستهويني، هي بخلاف التلفزيون، مساحة صريحة لا مجال فيها للكذب لأن الصوت يفضح صاحبه يكشف عن المشاعر والأحاسيس وحتى النوايا. تخصصت في مجال التحقيق والروبرتاج، هل يستهويك هذا الميدان؟ التحقيق بالنسبة لي أسلوب حياة، فالصحافي على العموم دائم البحث عن الحقيقة، لذلك فالتحقيق ليس اختيارا بالنسبة له، بل هو أسلوب. بما أننا نحتفل بيوم المرأة العالمي، إلى أي حد ترين أن المرأة الإعلامية بالتحديد، استطاعت أن تصنع لنفسها اسما في عالم الإعلام؟ أرى أن المرأة بصفة عامة، مطالبة دائما بأن تنجز الضعف لتصل إلى العادي، وأظن أن الإعلام أساسا ميدان ذكوري لأنه يستلزم بنية بدنية وفكرية لكي يستطيع الشخص الاشتغال فيه. لن ننكر أن المرأة الإعلامية استطاعت أن تصنع لنفسها اسما، لأنها دائما معطاءة رغم ما تعيشه من ضغط في محاولة البحث عن الإنصاف، رغم أنها غير مجبرة على ذلك، فيكفي أنها امرأة تعطي الحياة. ماذا ينقص المرأة الإعلامية في مجتمعنا المغربي؟ ينقصها أن تخرج من الكلاسيكية والنمط العادي، وأن تدافع عن أفكارها ورؤاها بكل حرية، وأن تستغل تجارب وتراكمات في محاولة تغيير أوضاع سلبية معينة. يجب على المرأة الإعلامية الخروج من "مساحتها المريحة"، إما من أجل تبني أفكار أو إغناء محتوى معين، أما على مستوى القدرات والإمكانيات فأجزم أن للمرأة الإعلامية والمرأة المغربية بشكل خاص الكثير منها.