عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الثاني في حوار لـ "الصحراء المغربية"

عبد اللطيف كومات: افتتاح قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بالداخلة مؤشر يبرز اهتمام أمريكا للمغرب

الصحراء المغربية
الخميس 17 دجنبر 2020 - 16:23

أكد عبد اللطيف كومات، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الثاني، أن الإعلان عن افتتاح قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بمدينة الداخلة، يعكس مدى عمق ثقة هذا البلد بالإصلاحات العميقة التي قام ويقوم بها المغرب منذ عقدين تحت الريادة السامية لصاحب الجلالة، مبرزا في حوار مع "الصحراء المغربية" أن كل هذه الإجراءات هي رافعات مشجعة لاستقطاب المستثمرين بصفة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة.

 وقال كومات "لذا من المنتظر أن تكون هناك انطلاقة جديدة للتعاون المغربي الأمريكي، وهذا لاحظناه من خلال التطور السريع الذي تعرفه المبادلات بين 2017 و2018، حيث تطور التبادل التجاري بـ 28 في المائة، وتطورت الصادرات المغربية بين 2017 و2018 بـ 25 في المائة، أيضا عدد السياح الأمريكيين الذين زاروا المغرب في 2018 تجاوزوا 300 ألف  أي بنسبة تفوق 20 في المائة مقارنة مع سنة 2017".

وأضاف عميد الكلية أن "من وقع تدشين هذه القنصلية هو أن الثقة التي يحظى بها المغرب من لدن أكبر قوة اقتصادية وسياسية في العالم يمكن أن يعطي الثقة لباقي المستثمرين، بحيث أن هذا المعطى يبين بشكل واضح مدى استقرار المنطقة ومستوى استقطابها وما تزخر به من إمكانيات".

 

من شأن إنشاء قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بالداخلة بمهمة اقتصادية إعطاء دفعة جديدة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، في نظركم  كيف ترون الحالة الراهنة للوضعية الاقتصادية بين البلدين؟

أولا، أريد أن أذكر أن العلاقات المغربية الأمريكية هي مؤطرة بشراكة استراتيجية على أعلى مستوى، فهناك اتفاقية للتبادل الحر التي وقعت سنة 2004 ودخلت حيز التنفيذ في يناير 2006، ثانيا هناك مشروعين أو هناك برنامجين متتالين، وهما برنامج تحدي الألفية الذي يعتبر إطارا للتبادل بين البلدين خصوصا في الميادين الاجتماعية كالتعليم والصحة والتشغيل والذي يستمر مند عدة سنوات، ثالثا هناك حوار استراتيجي بين البلدين الذي يمكن من مشاورات مستمرة على أعلى مستوى حول قضايا ثنائية جهوية ودولية.

من الناحية الاقتصادية تعد الولايات المتحدة الأمريكية ثالث مورد من المغرب ورابع مصدر للمغرب، حيث بلغت المبادلات التجارية مثلا سنة 2018، 51 مليار درهم، والتي تمثل حوالي 6.8 في المائة من المبادلات التجارية لبلادنا، كما أن حوالي 160 مقاولة أمريكية تنشط في عدة ميادين من قبيل السيارات والطائرات والطاقة، وهناك خلل في الميزان التجاري لصالح الولايات المتحدة الأمريكية بحيث أن المغرب يستورد أكثر مما يصدر لهذا البلد، ما ينتج عنه خلل في الميزان التجاري، ولكن هذا الخلل يعوض نسبيا بالاستثمارات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب التي بلغت في سنة 2018 ما قيمته 2.5 مليار درهم، وأيضا تحويلات المغاربة بالولايات المتحدة الأمريكية التي بلغت 3.6 ملايير درهم.

ولكن من الملاحظ وأخذا بعين الاعتبار هذا الخلل في الميزان التجاري أن اللجنة المكلفة بتتبع التبادل الحر بين البلدين نصت في آخر اجتماع لها في يوليوز 2019، على ضرورة دعم الصادرات المغربية نحو الولايات المتحدة الأمريكية لتقليص هذا الخلل التجاري.

 

 

في رأيكم ما هي آفاق تقوية العلاقات التجارية بين البلدين كنتيجة لافتتاح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة، والتي أذكر خصوصا أنها قنصلية ذات أهداف اقتصادية؟

 

افتتاح قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بالداخلة باهتمام أكثر بالناحية الاقتصادية هو مؤشر على الاهتمام الذي توليه الولايات المتحدة الأمريكية للمغرب من حيث موقعه الجيو استراتيجي وريادته على الصعيد الإفريقي، وهذا من شأنه أن يقوي من مركزه كشريك على أعلى مستوى للولايات المتحدة الأمريكية في انفتاحها على إفريقيا، بحث نعرف بأن هناك تغييرات على الصعيد الجيو استراتيجي في العلاقات الاقتصادية الدولية، والولايات المتحدة الأمريكية كباقي الدول الكبرى تتموقع في إفريقيا لأن إفريقيا لها مستقبل اقتصادي كبير، حيث أن عدد سكانها يصل حاليا إلى 1.2 مليار نسمة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 2.5 مليار نسمة سنة 2050، وهذا ما يؤكد أن هناك سوق كبيرة وهناك تحديات اقتصادية ذات أهمية قصوى، والمغرب يعتبر قطبا يمكن من الانفتاح على إفريقيا، أولا لمكانته الجيواستراتيجية، وكذلك للعلاقات الطيبة التي تربطه بسائر الدول الإفريقية، وأيضا للاستقرار السياسي ولاحترامه للميكانيزمات الميكرو اقتصادية التي تشجعه على استقطاب الاستثمارات الدولية.

أيضا الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد ثقتها بالإصلاحات العميقة التي قام ويقوم بها المغرب، منذ عقدين تحت الريادة السامية لصاحب الجلالة، بحيث أن هذه الإصلاحات شملت جميع المنظومة التي تحيط بالاقتصاد والمجتمع من إصلاحات سياسية وهيكلية ومن ترسيخ الديمقراطية، ومن إعطاء أهمية للشباب والمرأة، وكل هذه الإجراءات هي مشجعة لاستقطاب المستثمرين بصفة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، لذا من المنتظر أن تكون هناك انطلاقة جديدة للتعاون المغربي الأمريكي، وهذا لاحظناه بالتطور السريع الذي تعرفه الولايات المتحدة الأمريكية بين 2017 و2018، حيث تطور التبادل التجاري بـ 28 في المائة، وتطورت الصادرات المغربية بين 2017 و2018 بـ 25 في المائة، أيضا عدد السياح الأمريكيين الذين زاروا المغرب في 2018 تجاوزوا 300 ألف  أي بنسبة تفوق 20 في المائة مقارنة مع سنة 2017.

إذن كل هذا يعني الصيرورة الإيجابية التي عرفتها المبادرات والتعاون الاقتصادي بين البلدين، ويعني إرساء قنصلية عامة جديدة بمدينة الداخلة من شأنه أن يعطي دفعة جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين.

 

بالإضافة إلى وقع تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ماذا يمكن أن تضيف هذه القنصلية العامة الأمريكية الجديدة ذات الأهداف الاقتصادية لتطوير هذه المنطقة، أي منطقة الجنوب المغربي؟

 

في المنطقة عدة مشاريع مسطرة التي يمكن أن تستدرج اهتمام المستثمر الأمريكي بصفة خاصة والمستثمر الأجنبي بصفة عامة، أولا هناك مشاريع لتحلية المياه، هناك مشاريع لمنصة لوجستيكية التي خصصت لها 25 هكتارا لتكون قطبا لحركية البضائع والسلع بين المغرب وإفريقيا، أيضا هناك مشاريع للطاقات المتجددة، مثل الطاقة الهوائية والطاقة الشمسية، هناك أيضا السياحة التي يمكن أن تهم المستثمر خصوصا أن مدينة الداخلة هي معروفة بالسياحة البحرية.

إذن كل هذه المشاريع يمكن أن تهم وتستقطب المستثمر الأمريكي، وأيضا من وقع تدشين هذه القنصلية العامة هو أن الثقة التي يحظى بها المغرب من لدن أكبر قوة اقتصادية وسياسية في العالم يمكن أن يعطي الثقة لباقي المستثمرين، بحيث أن هذا المعطى يبين بشكل واضح مدى استقرار المنطقة ومستوى استقطابها وما تزخر به من إمكانيات، أولا للاستثمار في الجهة، وأيضا للمساهمة في تطوير العلاقات التجارية في المنطقة مع إفريقيا الغربية ومع القارة الإفريقية بصفة عامة، ثالثا يمكن أن نعتبر أن الدينامية الاقتصادية التي يمكن أن تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، من شأنها أن تمكنها من الانفتاح أكثر على السوق الإفريقية، ونحن نعرف بأن المغرب الآن يعتبر من المستثمرين الكبار في إفريقيا، مثلا في الكوت ديفوار وفي السينغال وغيرهما، وهذا يعني أن له علاقات وطيدة، وفي إطار التعاون مع المغرب وموقع المغرب يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تطور علاقات شراكة مع إفريقيا بصفة عامة. 




تابعونا على فيسبوك