في ندوة "زواج القاصرات في ضوء المادة 20 من مدونة الأسرة" بالدارالبيضاء

محامون وحقوقيون وقضاة يشخصون ظاهرة زواج القاصرات ويطالبون بمراجعة المادة 20 من مدونة الأسرة

الصحراء المغربية
السبت 19 أكتوبر 2019 - 15:50

أجمع محامون وحقوقيون وقضاة، في الندوة التي نظمتها جمعية التواصل المهني للمحاماة، حول موضوع "زواج القاصرات في ضوء المادة 20 من مدونة الأسرة "، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، بالدارالبيضاء، أمس الجمعة، على المطالبة بتعديل المادة 20 من مدونة الأسرة ، كما طالبوا باعتماد مقاربات تكوينية وتنموية ومجالية وذلك للحد من ظاهرة زواج القاصرات، مع تفعيل دور النيابة العامة كطرف أصلي كما تنص على ذلك مدونة الأاسرة، حتى تتمكن من الطعن في مقررات الأذونات بتزويج القاصرات غير القابلة للطعن في ظل المادة 20 الحالية.

وقال مصطفى صدقي، رئيس جمعية التواصل المهني للمحاماة، وعضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء، في كلمته، بالمناسبة، إن هدف الجمعية وراء تنظيم هذه الندوة، هو المساهمة في إغناء النقاش حول بعض القضايا المجتمعية الخلافية المتعلقة بالمواد 20 و49 و175 من مدونة الأسرة، مشيرا إلى أن الجمعية تسعى إلى فتح حوار وطني حول الإذن بزواج القاصرات في أفق تقديم مقترحات بشأن مراجعة المادة 20 من مدونة الأسرة.

وفي هذا الإطار، قالت السعيدة وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، إن ظاهرة تزويج القاصرات في تزايد بالنظر إلى إحصاءات رئاسة النيابة العامة الأخيرة وبالنظر إلى طلبات الأذونات بتزويج القاصرات لدى المحاكم.

واعتبرت وضاح، في مداخلتها ، حول موضوع "أن هذه الأذونات متفاوتة وغير واضحة، بالإضافة إلى أنها تصدر بمقررات غير قابلة للطعن، وهذا ما يقلص دور النيابة العامة في هذا الباب، رغم أن المادة الثالثة من مدونة الأسرة تعتبرها طرفا

أصليا.

وتساءلت وضاح "كيف يمكن أن تكون النيابة العامة طرفا ومراقبا في تنفيذ نصوص المدونة فيما يخص حقوق الطفل، في حين أنه لا يمكنها الطعن في هذه المقررات؟"، معتبرة ذلك مس بحق من حقوق الطفلات.

وعرجت المحامية السعدية وضاح على اتفاقية حقوق الطفل، معتبرة أن تزويج القاصرات تغيب فيها الإرادة بل وتكون منعدمة، مضيفة أن ذلك أيضا مس بحق الطفلة في النمو والبقاء والمشاركة في اتخاذ قرار يخصها، حسب ما تنص عليه هذه الاتفاقية. وطالبت المتحدثة بتفعيل دور النيابة العامة كما هو منصوص عليه في مدونة الأسرة حتى تكون فعليا طرفا أصليا، مع معالجة الظاهرة بمقاربة شمولية، واعمال المخطط التنفيذي للسياسة المندمجة لحماية الطفولة، مؤكدة على أن الدولة اليوم ملزمة باتخاذ جميع التدابير لتصحيح الممارسات التي مازالت تستعمل الأعراف والتقاليد لتزويج القاصرات.

القاضي محمد الزردة، رئيس قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة، فأكد خلال الندوة، بأن القضاء ليس مسؤولا عن الزواج المبكر خارج إطار القانون. واعتبر القاضي الزردة، في مداخلته، أن الحديث عن هذا موضوع الزواج المبكر يغفل موضوع الخطبة، التي تستمر لسنوات منذ أن تكون القاصر في سن مبكرة، وتستمر لسنوات، في الوقت الذي أصبحت فيه الخطبة مقننة، وترتب جميع الآثار القانونية التي يرتبها الزواج، مضيفا أن المادة 19 من مدونة الأسرة ساوت بين أهلية الزواج وأهلية الأداء لأن القانون حدد السن القانوني للزواج لكنه لم يحدد السن الأدنى للخطبة.

وأبرز القاضي أن منح اذونات الزواج انخفض من 40 في المائة سنة 2006، إلى 25 في المائة سنة 2018، معتبرا ذلك إيجابيا، في الوقت الذي يرتبط فيه زواج القاصر بمفهوم الأسرة.

واقترح رئيس قسم قضاء الأسرة بطنجة، للحد من هذه الظاهرة، أن يكون البت في هذه الأذونات بزواج القاصر عن طريق القضاء الجماعي وألا يبقى القرار فقط لقاضي الأسرة وحده. كما اقترح اخضاع الطفلة القاصرة التي يراد تزويجها إلى تأهيل قبلي، وذلك قبل الإجراءات القانونية وتسلم لها شهادة على أن ترفق شهادة التأهيل مع طلب الإذن بتزويجها.

كما طالب، في إطار الاختصاص المحلي، إجراء بحث اجتماعي وعدم الإسراع في منح الاذن لضمان الحماية للطفلة المراد تزويجها، أن تقوم لجنة طبية يتكامل فيها ما هو صحي وعضوي بالإشراف على إعداد تقرير طبي للقاصرة المراد تزويجها قبل منح اسرتها هذا الإذن، وختم مداخلته بالمطالبة بتعديل القانون على أن تصبح هذه المقرارات الخاصة بالأذونات قابلة للطعن من طرف النيابة العامة.

أما المحامي / الدكتور طارق زهير، فأوضح في مداخلته، أن الاشكال المطروح في ظاهرة زواج القاصرات في ظل المادة 20 من مدونة الأسرة، مرتبط بمسألة هل المغرب مخير أم مسير في تعديل المقتضيات المرتبطة بتزويج القاصرات، معتبرا أن هناك اجماع على أنه يجب ضبط المفاهيم، وبالتالي اعتبار أننا أمام تزويج للقاصرات وليس زواج.

ولفت المحامي زهير إلى أنه كيفما كانت المفاهيم والتوصيفات فإن الزاوية المعيارية المعتمدة لضمان حقوق تلك الطفلة "المزوجة" تجعلنا أمام زواج قسري. وقال المحامي زهير إنه بالنظر إلى اعتبار انخراط المغرب في العديد من التحديات السياسية والحقوقية والتنموية، وأيضا بالرجوع إلى الخطابات الملكية ركزت على مسألة خلق نموذج تنموي يتماشى مع التزام المغرب وفقا لما أملته الأمم المتحدة من خلال تبني نموذج تنموي لسنة 2030، مشيرا إلى أن ذلك جعل من الهدف الخامس وبالضبط الغاية الثالثة منه أن يتم محاربة كل أشكال الاعتداءات التي تمس القاصرات والكف عن العادات التي قد تمس الفتيات.

وطالب المحامي باعتماد مقاربة مجالية لأنه لم يعد اليوم مقبولا أن تكون هناك منطقة في القرن 21، ومع دستور 2011، يمكن أن نقبل فيها تزويج القاصرات، وأن يكون هناك حق واحد وشامل لكل الفتيات والطفلات المغربيات.

 

 

 

 

 

 




تابعونا على فيسبوك