رئيسة المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة تؤكد في حديث خاص بـ"الصحراء المغربية"

أمل عبد الله القبيسي: جلالة الملك محمد السادس يحظى بتقدير واحترام كبيرين من قيادة وحكومة وشعب الإمارات

الصحراء المغربية
الثلاثاء 12 مارس 2019 - 16:35

"رغم أهمية المصالح المشتركة كمرتكز حيوي للعلاقات الدولية، فإن العلاقات بين دولة الإمارات والمملكة المغربية الشقيقة تتجاوز الأطر التقليدية، على أهميتها، وتقوم على الود والروابط الأخوية المتينة التي توفر لهذه العلاقات قدراً هائلاً من الخصوصية والتميز كأسرة مترابطة"

"المملكة المغربية الشقيقة تأتي في مقدمة الدول التي يستهدف المجلس الوطني الاتحادي تعزيز العلاقات البرلمانية معها ترجمة لأهداف الاستراتيجية البرلمانية 2016 ـ 2021، والخاصة بدعم السياسة الخارجية الإماراتية والتكامل معها"

"الإمارات تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمملكة المغربية (15 مليار دولار) عبر 30 شركة إماراتية، بفضل تدفق الاستثمارات الإماراتية عبر صناديق وشركات متعددة تجسيداً لما يربط البلدين من علاقات قوية"

 

تحمل الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة (البرلمان) لواء البرلمانيات العربيات باعتبارها أول امرأة عربية تترأس برلمان بلادها، وتعد أمل القبيسي من المسؤولين، الذين يكنون الحب والتقدير للمملكة المغربية قيادة وشعبا.

ولا تخفي ذلك إطلاقا، فقبل أن ترد على سؤال لصحيفة "الصحراء المغربية" قبل خمس سنوات قالت في حضور مائة إعلامي يمثلون أكثر من 40 بلدا، أود أن أوجه عبركم كل الشكر والتقدير للمغرب ملكا وشعبا على كل ما يبذل من أجل دولة الإمارات.

تعددت زيارات أمل القبيسي للمغرب، كما تعددت التصريحات والحوارات التي تخص بها "الصحراء المغربية" وعبارات الثناء من طرفها على المملكة.

وقبل أن تغادر بلدها في اتجاه المملكة لتشارك ابتداء من يوم أمس الاثنين وحتى بعد غد الخميس في أشغال الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بالرباط خصت الدكتورة أمل القبيسي "الصحراء المغربية" بالحوار التالي:

 

ـ تعد المملكة المغربية ودوﻟﺔ الإﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ المتحدة من الدول التي شهدت ﺗﻄﻮرا مهما في المجال البرلماني، نود أن ﺗﻘﺪﻣﻮا ﻟﻠﻘﺎرئ المغربي ﻧﺒﺬة ﻋﻦ أهم المبادئ التي ارﺗﻜﺰت عليها ﺗﺠﺮﺑﺘﻜﻢ البرلمانية؟

                                              

ﺗﺮﺗﻜﺰ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ البرلمانية في دوﻟﺔ الإﻣﺎرات ﻋلى ﻗﻴﻢ وﻣﺒﺎدئ أﺻﻴﻠﺔ، ﺟﺬورها راسخة في ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ وﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم، وفي ﻣﻘﺪﻣتها نهج اﻟﺸﻮرى، الذي يميز اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ الإﻣﺎراتي، إذ ﻏﺮسها اﻷﺟﺪاد واﻵﺑﺎء اﻷوﻟﻮن، فهي ﻣﻮروث مجتمعي ﺘﺎريخي، وﺛﻘﮫ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن والمؤرخون، واﺗﺨﺬ اﻟﻘﺎﺋﺪ المغفور ﻟﮫ ﺑﺈذن ﷲ تعالى اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل نهيان، ﻃﻴﺐ ﷲ ﺛﺮاﻩ، ﻣﻦ اﻟﺸﻮرى أﺳﺎﺳﺎ للحكم، ويمثل هذا النهج جوهر المشاركة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في دوﻟﺘﻨﺎ، وﻓﻖ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎت ﻧﺎبعة ﻣﻦ ﻗﻴﻢ وﻣﺒﺎدئ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. وﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﺑﺎﺗﺖ ﻣﺘﺠﺬرة في ﻣﺪرﺳﺔ الحكم ﺑﺪوﻟﺔ الإمارات، اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ أهمية ﻣﺸﺎرﻛﺔ المواطنين في ﻗﻴﺎدة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃني وﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﮫ.      

وﻗﺪ ﺑﺎدر ﻋﻨﺪ تشكيل اﺗﺤﺎد دوﻟﺔ الإمارات ﺑﻤﺆﺳﺴﺎﺗﮫ اﻟﺪﺳﺘﻮرية المختلفة إلى تأسيس اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي، ﺣﻴﺚ انعقدت ﺟﻠﺴﺘﮫ اﻷولى في 12 ﻓبراير 1972 ﺑﺎﻟﺘﻼزم ﻣﻊ ﺑﺪء اﻟنهضة الحضارية ﻟﻠﺪوﻟﺔ واﻧﻄﻼق اﻻﺗﺤﺎد، ﻟﻴﻤﺜﻞ اﻟﻤﺠﻠﺲ ضلعا مهما من ﺑين الأضلاع الخمسة ﺑﻤﻘﺘضى اﻟﺪﺳﺘﻮر، ﻣﺎ يعد إﺗﻤﺎم "ﻣﺄﺳﺴﺔ" ﻧهج اﻟﺸﻮرى.   

تقوم المسيرة البرلمانية ﻋلى اﻟﺸﻮرى والحرص على مصلحة اﻟﻮﻃﻦ، وﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋلى اﻟتساﻣﺢ وﺣﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻼم واﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺎﻓﺔ، ﻛﻤﺎ اتسمت ﺑﺎﻟﺘﺪرج وﺗﻮﺳﻴﻊ ﻗﺎﻋﺪة المشاركة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، إذ اﻧﻄﻠﻖ اﻟﻤﺠﻠﺲ وﺗﻄﻮر ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ﺗﻄﻮر ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ.             

ويعكس اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي ﻋلى ﻣﺪى ﻣﺮاﺣﻠﮫ التاريخية ﻣﻨﺬ تأسيسه روح اﻻﺗﺤﺎد، وتعد ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮرﻩ اﻟﺘﺎريخي والسياسي ﺗﺠﺴﻴﺪا ﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ، وﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻘﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮاﻟﺪ المؤﺳﺲ، اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل نهيان، ﻃﻴﺐ ﷲ ﺛﺮاﻩ، بشأن ﻣﺒﺪأﻳﻦ أﺳﺎﺳﻴن هما اﻟﺘﺪرج والخصوﺻﻴﺔ، ﻓﺒﻘﺪر ﺣﺮصه على ﺗﺮﺳﻴﺦ نهج اﻟﺸﻮرى، ﻛﺎن ﺣﺮيصا ﻋلى ﺗﻮاﻓﻖ ﻣﺴﺎر المشارﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ ﺛﻮاﺑﺖ الخصوﺻﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ والمجتمعية لمجتمع دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات.

وﻛﺎن الراحل ﻳﺤﺮص في ﻛﻠﻤﺎﺗﮫ أﻣﺎم اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي على ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟتراﺑﻂ اﻟﺰﻣني بين نهج اﻟﺸﻮرى ﻗﺪﻳﻤﺎ وﺣﺪﻳﺜﺎ، واﻟﺘﺄﻛﻴﺪ على أن ﻣﻤﺎرﺳته ﻋبر اﻟﻤﺠﻠﺲ هي اﻣﺘﺪاد ﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻀﺮب ﺑﺠﺬورﻩ ﻋبر تاريخ المجتمع الإماراتي، ويدرك ﻗﻴﻤﺔ ﺗﻀﺎﻓﺮ الجهود واﻟتشارك في ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ، ﻓﺎﻟﺸﻮرى الحقة تستهدف ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻵراء والخبرات واﻟﻨﻘﺪ الموضوعي اﻟﺒﻨﺎء الملتزم ﺑﻘﻴﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻋﺎداﺗﮫ.

الشورى في ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ تسميته بالممارسات الحدﻳﺜﺔ ﺑﺤﻮﻛﻤﺔ ﻧهج اﻟﺸﻮرى ووﺿﻊ اﻷﻃﺮ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻘﮫ في ﺿﻮء ﻇﺮوف بيئة اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ وﺧﺼﻮﺻﻴﺎتها اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ والمجتمعية واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ.

وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل نهيان، ﻃﻴﺐ ﷲ ﺛﺮاﻩ، ﻷﻋﻀﺎء أول ﻣﺠﻠﺲ اﺳتشاري في إﻣﺎرة أﺑﻮﻇبي ﻗﺒﻞ ﺗﺄﺳيس اﻻﺗﺤﺎد "ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﺸﻮرى نعيد ﻣﺎضي أﺳﻼﻓﻨﺎ ﻣﻊ الحاﺿﺮ، وﻟﻘﺪ أﺟﻤﻌﻨﺎ اﻟﺮأي ﻋلى أن ﺗﺘﺤﻤﻠﻮا ﻣﻌﻨﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ الحكم، إن ﻣﺒﺪأ اﻟﺸﻮرى اﻟﺬي اﺳﺘﻤﺮ في هذا اﻟﺒﻠﺪ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨين ﺳﻮف ﻳﻈﻞ ﺑﺎﻗﻴﺎ أﺑﺪ اﻟﺪهر". وهي ﻛﻠﻤﺎت ﺗﺆﻛﺪ أن اﻟﺸﻮرى ﺗﻤﺜﻞ ﺟﻮهر المشارﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في دوﻟﺘﻨﺎ، وﻓﻖ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎت ﻧﺎبعة ﻣﻦ ﻗﻴﻢ وﻣﺒﺎدئ المجتمع.

وهي في ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﺑﺎﺗﺖ ﻣﺘﺠﺬرة في ﻣﺪرﺳﺔ الحكم ﺑﺪوﻟﺔ الإﻣﺎرات، اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ أهمية ﻣﺸﺎرﻛﺔ المواطنين في ﻗﻴﺎدة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃني وﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﮫ.

وإذا ﻛﺎن المغفور ﻟﮫ ﺑﺈذن ﷲ تعالى اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻗﺪ اﺗﺨﺬ اﻟﺸﻮرى أﺳﺎﺳﺎ للحكم ورسخ أﺳسها في ﻣﺮﺣﻠﺔ التأسيس، وأرسى ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﺪرﺳﺔ الحكم واﻟﻘﻴﺎدة، اﻟتي ﺑﺎﺗﺖ ﺳﻤﺔ ﻣﻤتدة ﻟﺪوﻟﺔ الإﻣﺎرات، ﻓﺈن ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻤﻜين، اﻟتي ﻳﻘﻮدها ﺑﺤﻜﻤﺔ واﻗﺘﺪار ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل نهيان رئيس اﻟﺪوﻟﺔ، ﺣﻔﻈﮫ ﷲ، تستند في أﺻﻮﻟﻬﺎ ورﻛﺎﺋﺰها ﻋلى ﻣﺒﺎدئ وﻗﻴﻢ وﻧهج زاﻳﺪ، وﻗﺪ ﺑﺪأت ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻤﻜين، اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺎب ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل نهيان رﺋيس اﻟﺪوﻟﺔ، في ﻋﺎم 2005 ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺬﻛﺮى الرابعة والثلاثين ﻟﻘﻴﺎم اﻻﺗﺤﺎد، والذي يعد ﺧﺎرﻃﺔ ﻃﺮيق مخطط اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ والمجتمعية في دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات، وﻧﺺ هذا الخطاب التاريخي على أن المرحلة المقبلة ﻣﻦ مسيرتنا، وﻣﺎ تشهده المنطقة ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻻت وإﺻﻼﺣﺎت، ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺗﻔﻌﻴﻼ أﻛبر ﻟﺪور المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي، وﺗﻤﻜﻴﻨﮫ ﻟﻴكون ﺳﻠﻄﺔ ﻣﺴﺎﻧﺪة، وﻣﺮﺷﺪة، وداﻋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ، وﺳﻨﻌﻤﻞ ﻋلى أن يكون ﻣﺠﻠﺴﺎ أﻛبر ﻗﺪرة وﻓﺎﻋﻠﻴﺔ، واﻟﺘﺼﺎﻗﺎ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻮﻃﻦ، وهموم المواطنين، تترسخ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻴﻢ المشاركة الحقة، وﻧهج اﻟﺸﻮرى. وﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺴﺎر ﻣﺘﺪرج ﻣﻨﺘﻈﻢ ﻗﺮرﻧﺎ ﺑﺪء ﺗﻔﻌﻴﻞ دول المجلس اﻟﻮﻃني ﻋبر اﻧﺘﺨﺎب ﻧﺼﻒ أﻋﻀﺎﺋﮫ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﺎﻟﺲ ﻟكل إﻣﺎرة، وتعيين اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ". وﺗﻀﻤﻦ الخطاب رﻛﺎﺋﺰ واضحة ﻟﺘﻤﻜين المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي، وتعزيز دورﻩ وﺗﻮﺳﻴﻊ ﺻﻼﺣﻴﺎﺗﮫ، إذ أوضح ﺳﻤﻮﻩ أن هذا التحول ﻻﺑﺪ أن ﻳﻤﺮ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻣﺘﺪرﺟﺔ تنسجم ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ المجتمع وﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﮫ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.    

وﺟﺴﺪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻤﻜين رﻏﺒﺔ ﻗﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺮﺷﻴﺪة في أن تساير ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮرية ﺗﻄﻮر اﻟﺪوﻟﺔ في ﺑﻘﻴﺔ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، ﺣﻴﺚ أﻛﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل نهيان، رئيس اﻟﺪوﻟﺔ، في ﻛﻠﻤﺔ ﻟﺴﻤﻮﻩ وﺟﻬﻬﺎ في شتنبر 2011، أن "المشارﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺰء ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﺗﻘﺪم اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟتي تعيشها".

              

ـ ﻣﺎ هي أﺑﺮز ﻣﻼﻣﺢ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ في دوﻟﺔ الإﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ المتحدة ﻣﻨﺬ إﻋﻼن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل نهيان رئيس اﻟﺪوﻟﺔ، ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻤﻜين ﻋﺎم 2005؟         

 

ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻤﻜين، ﺣﺪث ﺗﺤﻮل ﻧﻮعي ﻓﺎرق في آﻟﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر أﻋﻀﺎء المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي، إذ جرى ﺗﻄﺒﻴﻖ آﻟﻴﺔ اﻧﺘﺨﺎب ﻧﺼﻒ ﻋﺪد أﻋﻀﺎء المجلس وتعيين اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ في اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم 2006، ﻛﻤا ﻣﻨﺤﺖ المرأة ﺣﻖ اﻟﺘﺼﻮيت والترشح في ﺧﻄﻮة ﺗﺎريخية، وﻛﺎن لي ﺷﺮف اﻟﻔﻮز في أول انتخابات تجري وﻓﻖ هذه اﻵﻟﻴﺔ، وجرى تعيين ﺛﻤﺎني نساء لعضوية المجلس ﻟﺘﺼﺒﺢ نسبة ﺗﻤﺜﻴﻞ المرأة واﺣﺪة ﻣﻦ أﻋلى المعدلات العالمية وﻗﺘﺬاك، إذ ﺑﻠﻐﺖ ﻧﺤﻮ 22.5 في المائة ﻣﻦ إﺟﻤﺎلي اﻷﻋﻀﺎء.                                                        

والمؤﻛﺪ أن ﺣﺮص ﻗﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺮﺷﻴﺪة ﻋلى وجود المرأة في المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي وﻣﻨﺤﻬﺎ ﻔﺮﺻﺔ المشارﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في البرلمان يعكس وﻋﻴﺎ ﺣﻀﺎريا بأهمية دورها، الأمر الذي وجد صدى له في أول انتخابات ﻋﺎم 2006، إذ ﺗﺮشحت 85 ﺳﻴﺪة ﻣﻦ 468 ﻣﺮشحا للاﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، ورﻏﻢ أن ﺣﺪاﺛﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻟﻌﺒﺖ دورا للحد من فرص ﻓﻮز المرأة في ﺗﻠﻚ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، ﻓﺈن هناك تراكم خبرات وتعزيزا للوعي المجتمعي بأهمية المشاركة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ

ﻣﻊ ﻛﻞ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، تشهد اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ الاﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ في دوﻟﺔ الإﻣﺎرات ﺗﻄﻮرا ﻧﻮﻋﻴﺎ، ويتميز بحضور أكبر للمرأة، واﻧﺘﺨﺒﺖ ﻧﺎﺋﺒﺎ أول ﻟﺮﺋيس المجلس في الفصل التشريعي الخامس عشر. وﻣﺜﻠﺖ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت 2015 المرحلة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ في ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻤﻜين اﻟﺴﻴﺎسي، إذ ﺷﻬﺪت ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ زيادة نسبتها 600 في المائة ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﺎت 2011.

وفي اﻟﻔﺼﻞ اﻟتشريعي السادس ﻋﺸﺮ الحالي، ﺷﺮﻓﺖ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﻲ رئيسا ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي، وأعتز بأنني أول اﻣﺮأة ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺗترأس برلمانا في اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ.

واﻵن ﻧﻘﻒ ﻋند أﺑﻮاب ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة في اﻟﺘﻤﻜين اﻟﺴﻴﺎسي، ﺣﻴﺚ ﺳتشهد اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي ﻟﻌﺎم 2019 ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺗﻮﺟﻴﮫ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رئيس اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺰيادة نسبة ﺗﻤﺜﻴﻞ في المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي إلى 50 في المائة اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﺪورة المقبلة، في ﺧﻄﻮة ﺗﺮسيخ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﺪوﻟﺔ المستقبلية، وﺗﺤﻘﻖ اﻟﺘﻤﻜين اﻟكاﻣﻞ ﻟﻠﻤﺮأة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ، وﺗﻀﻊ اﻻﻣﺎرات في المراكز المتقدمة على ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻤﺜﻴﻞ المرأة في البرلمان، وﻟﺘﺤﻘﻖ المرأة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ في زﻣﻦ ﻗﻴﺎسي ما ﻟﻢ ﺗﺤﻘﻘﮫ ﻣﺜﻴﻼتها في اﻟﻌﺎﻟﻢ طيلة ﻋﻘﻮد ﻃﻮيلة.        

والخلاصة أن تجربتنا الانتخابية ﺣﻘﻘﺖ فيﻏﻀﻮن 12 ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻘﻂ، إﻧﺠﺎزات وﻧﺠﺎﺣﺎت ﻧﻮﻋﻴﺔ اﺣﺘﺎﺟﺖ ﻋﻘﻮدا ﻃﻮيلة ﻛﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ في دول أﺧﺮى، إذ تشهد ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻄﻮرا سواء على ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻘﻮاﺋﻢ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ وﺗﻮﺳﻴﻊ المشاركة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، أو ﺗﻄﻮير اﻵﻟﻴﺎت ﺣتى وﺻﻠﻨﺎ إلى اﻟﺘﻤﻜين اﻟكاﻣﻞ ﻟﻠﻤﺮأة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ.

 

ـ ﻛﻴﻒ ﻳﻮاﻛﺐ المجلس اﻟﻮﻃني اﻻﺗﺤﺎدي مسيرة اﻟﺘﻤﻜين وﺗﻮﺳﻴﻊ المشاركة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؟        

                                                      

اﺣﺘﻔﻠﻨﺎ في اﻟﺜﺎني ﻋﺸﺮ ﻣﻦ فبراير الماضي ﺑﺎﻟﺬﻛﺮى اﻟﺴﺎبعة واﻷربعين ﻟﺘﺄﺳيس المجلس، اﻟﺬي ﺸﻬﺪ ﺗﻄﻮرا ﻳﻮاﻛﺐ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻘﻖ في دوﻟﺔ الإﻣﺎرات من ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ المستدامة، إذ جرى ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﺎزات البرلمانية غير المسبوقة، عبر خارطة طريق واضحة تجسدت في الاستراتيجية البرلمانية غير المسبوقة 2016 ـ 2021، التي أقرها المجلس في بداية هذا الفصل التشريعي السادس عشر، والتي تم إطلاقها بمباركة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بهدف الوصول إلى التميز وتحقيق أفضل الإنجازات، وتفعيلا للمبادرات التي تضمنتها الخطة الاستراتيجية، التي تضمنت ستة أهداف شملت ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز قيم المواطنة وتعزيز المنظومة التشريعية بما يتوافق مع أفضل المعايير العالمية، والارتقاء بالدور الرقابي للمجلس بما يساهم في تحقيق رؤية الإمارات 2021، ودعم السياسة الخارجية للدولة من خلال دور ريادي متميز للدبلوماسية البرلمانية، وتعزيز التواصل والمشاركة المجتمعية الفاعلة، وتطوير القدرات الداخلية لأجهزة المجلس لتحقيق أداء برلماني فاعل ومتميز، وتعد هذه الاستراتيجية نموذجا للعمل البرلماني المتوازن الحكيم، الذي يقدم كل ما هو أفضل لإسعاد شعب الإمارات ودعم توجهات القيادة الرشيدة في تحقيق مصلحة الوطن والمواطن وتعزيز مكانة الدولة.

وارتكزت الاستراتيجية على مجموعة من المنطلقات الوطنية في مقدمتها برنامج التمكين السياسي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأهداف رؤية الإمارات 2021، وأهداف مائوية الإمارات 2071. وحرص المجلس على أن تكون الاستراتيجية دعامة لتعزيز رسالتھا الأساسية وتمثيل شعب الاتحاد، من خلال أداء متميز لأدواره التشريعية والرقابية وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية. وعكست هذه الاستراتيجية رسالة مهمة، هي أن المجلس والحكومة يعملان كفريق عمل وطني واحد، وهو توجه حكيم عكس تطلعات شعب الاتحاد والتطلعات التي نسعى إليها ومتطلبات المرحلة التي نعيشها. 

وجرى أيضا بالتزامن مع الاستراتيجية إطلاق الخطة الرقابية الشاملة للفصل التشريعي السادس عشر، والأولى التي يتبناها المجلس منذ تأسيسه، وتعنى بتحديد الموضوعات العامة التي ترغب اللجان في تبنيها ومناقشتها على مدى الأدوار الأربعة للفصل التشريعي.

وحرصا من المجلس على ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية، وتقديم أداء برلماني متطور يواكب ما تنتجه التطورات المتسارعة في القرن الحادي والعشرين تم استحداث "لجنة المستقبل"، ولجنة مختصة باستشراف ودراسة مستقبل السياسات والاستراتيجيات ومشروعات القوانين والتوجهات المستقبلية وخطط الدولة وفق اختصاصات المجلس الدستورية، وتعزيز دور المجلس التشريع والرقابي في تحقيق رؤية مئوية الإمارات 2071.

وبات المجلس أكثر فاعلية على صعيد المشاركة والتواصل مع جميع فئات المجتمع والاستماع إلى مقترحاتهم ورؤاهم في الموضوعات الاتحادية، التي تهم المواطنين ويطرحها المجلس للنقاش مع ممثلي الحكومة.    

وأشير هنا إلى استضافته للقمة العالمية لرئيسات البرلمانات في  دجنبر 2016، والدور الحيوي النشط، الذي يقوم به في  إطار دور البرلمانات الوطنية في  مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، فعقب تأسيس المجموعة الاستشارية البرلمانية الدولية رفيعة المستوى لمكافحة الإرهاب والتطرف في الاتحاد البرلماني الدولي، تم انتخابي بالإجماع لرئاستها في فبراير 2018، ونواصل العمل في أداء مسؤولياتنا وما نراه واجباً علينا، كبرلمانيين، حيال تعزيز دور البرلمانات في مكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الأمن والاستقرار إقليميا ودوليا، حيث تعد هذه المجموعة أول إطار مؤسس دولي للتعاون ضمن إطار شراكة استراتيجية بين الاتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعمل هذه المجموعة المهمة كبيت خبرة برلماني دولي يعمل على دعم وتفعيل الأنشطة البرلمانية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وتنفيذ توصيات وقرارات الاتحاد البرلماني الدولي بشأن مكافحة الإرهاب، وبالتالي فهي تمثل أحد أهم الآليات التي ستترجم دور الاتحاد البرلماني الدولي في هذا المجال.

 

ـ تتميز العلاقات الإماراتية المغربية بالقوة والمتانة بفضل حكمة قيادتي البلدين الشقيقين، كيف تنظرون إلى تطور العلاقات الثنائية؟ 

 

العلاقات التاريخية الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية الشقيقة تمر بأزهى فتراتها ومراحلها، ومهما أفضت في توصيف هذه العلاقات، فلن ارتقي إلى ما قاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس حيث وصف علاقات البلدين الشقيقين بأنها "علاقات ثنائية مثالية تعبر خير تعبير عن الوفاء للعهد الذي كان يجمع الشيخ زايد والملك الحسن الثاني، رحمهما ﷲ"، فالعلاقات المتنامية والروابط القوية المتينة التي تجمع بين دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة المغربية الشقيقة، قيادة وحكومة وشعباً، تعود جذورها إلى المغفور لهما بإذن ﷲ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الحسن الثاني، طيب ﷲ ثراهما، اللذين وضعا أسساً قوية لعلاقات أخوية صادقة، واستمرت هذه العلاقات وازدادت عمقاً ورسوخاً وتمضي بكل متانة وازدهار بفضل الرعاية السامية، التي تحظى بها من جانب قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه ﷲ، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه ﷲ، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى  للقوات المسلحة حفظه ﷲ، ومن لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه ﷲ، حتى أصبحت العلاقات الثنائية نموذجاً ناجحا ومثالياً للتعاون بين الأشقاء ليس على المستوى الرسمي فقط، بل أيضاً على المستوى البرلماني والشعبي. ونؤكد في هذا السياق أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يحظى بتقدير واحترام كبيرين من قيادة وحكومة وشعب الإمارات، للرعاية السامية التي يوفرها للعلاقات الأخوية الأصيلة والراسخة بين البلدين الشقيقين، والجهود التي يبذلها جلالته بكل إخلاص من أجل تعميق هذه العلاقات وتطويرها ووصولها إلى آفاق أرحب وأوسع في إطار ما يخدم المصالح المشتركة للبلدين ويحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.  ونحن نعتز بأن المملكة المغربية الشقيقة شريك استراتيجي استثنائي لدولة الإمارات في  التنمية والاستقرار والتعاون والتنسيق المستمر من أجل دعم العمل العربي والإسلامي المشترك، ونشر قيم التسامح والتعايش والوسطية، التي نتقاسمها سويا ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار للبشرية جمعاء. 

 ونؤكد هنا أن ما يميز العلاقات القوية بين دولة الإمارات والمملكة المغربية أنها لا تقتصر على المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، بل تشمل منظومة كاملة من العلاقات التي تطال الجوانب الاجتماعية والثقافية والفكرية والإنسانية وجوانب مهمة في توثيق علاقاتنا كعائلة واحدة. 

فرغم أهمية المصالح المشتركة كمرتكز حيوي للعلاقات الدولية، فإن العلاقات بين دولة الإمارات والمملكة المغربية الشقيقة تتجاوز الأطر التقليدية، على أهميتها، وتقوم على الود والروابط الأخوية المتينة التي توفر لهذه العلاقات قدراً هائلاً من الخصوصية والتميز كأسرة مترابطة، كما تضفي عليها المنعة والحصانة في مواجهة متغيرات السياسة وتشابكات المصالح.

 

ـ في ضوء ما سبق، ما هو دور المجلس الوطني الاتحادي في تعزيز ودعم العلاقات بين البلدين الشقيقين؟

 

 لاشك أن المجلس الوطني الاتحادي يستلهم خطى قيادتنا الرشيدة ويستشرف تطلعات وطموحات شعبنا في تقوية العلاقات مع الأخوة   المملكة المغربية على الصعيد البرلماني، ونمضي سوياً لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، ونعمل بصدق وإخلاص لما يدعم التضامن العربي والإسلامي ويوفر سبل التصدي للتحديات المشتركة التي تواجھها دولنا وشعوبنا.  ونحن كبرلمانيين نستند إلى أسس راسخة وثوابت قوية ننطلق منها للعمل من أجل تلبية تطلعات وطموحات قيادتي وشعبي البلدين، وإضافة روافد نوعية جديدة لعلاقات باتت نموذجاً يحتذى بين الأشقاء، فهناك علاقات برلمانية راسخة ومتميزة تربط المجلس الوطني الاتحادي مع مجلسي النواب والمستشارين بالمملكة المغربية الشقيقة، وعلاقات قوية ومتواصلة ونسعى إلى تعزيزها وتطويرها كي تضاهي نظيرتها على الصعيدين الرسمي والشعبي، وهناك تعاون وتشاور مستمر بين ممثلي المجلس الوطني الاتحادي وممثلي مجلس النواب للمملكة الشقيقة، كلما اقتضى الأمر ذلك وأثناء مشاركاتنا في المؤتمرات البرلمانية الإقليمية والدولية من أجل تنسيق المواقف بما يصب في مصلحة القضايا العربية والإسلامية، وقد التقيت شخصيا ممثلي البرلمان المغربي عام 2013 عندما كنت نائباً لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، كما عقد وفد المجلس الوطني الاتحادي اجتماعاً مع أعضاء جمعية الصداقة البرلمانية الإماراتية المغربية في مايو من العام الماضي أثناء مشاركة الوفد الإماراتي  في أعمال الجلسة الرابعة من دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي، التي عقدت بالمملكة المغربية الشقيقة، وهناك العديد من الزيارات المتبادلة السابقة على مستوى رؤساء البرلمانات، ولدينا تعاون وتنسيق وثيق ومتواصل على مستوى الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي ومؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء ومنظمة التعاون الإسلامي وعلى مستوى الاتحاد البرلماني الدولي. ولدينا في المرحلة الراهنة تطلع مشترك للعمل على تعميق العلاقات البرلمانية وتقويتها بما يعزز الموقف العربي والإسلامي في مواجهة التحديات الراهنة، وأشير هنا إلى الدور المهم الذي تلعبه لجنة الصداقة البرلمانية الإماراتية ـ المغربية في توطيد أواصر العلاقات، كما نثق في أن مذكرتي التعاون والتفاهم اللتين سنوقعهما مع مجلسي النواب والمستشارين بالمملكة المغربية الشقيقة خلال هذه الزيارة، ستوفران دفعة نوعية قوية للعلاقات البرلمانية من خلال تبادل الزيارات وتحديد أطر وبرامج وخطط عمل للفعاليات البرلمانية بين الجانبين، باعتبار أن عدد اللقاءات الثنائية سيوفر فرصا لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بالتنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية المعنية، والهدف الأساس الذي نتقاسمه سوياً أن تعكس العلاقات البرلمانية مستوى العلاقات المتميزة، التي تربط قيادتي البلدين والعلاقات الرسمية بينهما، وأود الإشارة هنا إلى أن المملكة المغربية الشقيقة تأتي في مقدمة الدول التي يستهدف المجلس الوطني الاتحادي تعزيز العلاقات البرلمانية معها ترجمة لأهداف الاستراتيجية البرلمانية 2016 ـ 2021، والخاصة بدعم السياسة الخارجية الإماراتية والتكامل معها، لاسيما أن هناك العديد من القضايا الملحة على أجندة العمل البرلماني العربي والإسلامي المشترك  في المرحلة الراهنة، وهي قضايا تحظى باهتمام الجانبين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمات في ليبيا وسوريا واليمن والعراق وغيرها، ومكافحة الإرهاب والتطرف ونشر قيم التسامح والتعايش، والاستفادة من دور المملكة المغربية بما لها من ثقل ومكانة استراتيجية إقليمية ودولية في نشر "وثيقة الأخوة الإنسانية"، التي وقعها فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وقداسة بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، أثناء الزيارة التاريخية المشتركة غير المسبوقة التي قام بها رمزا الدين الإسلامي والمسيحية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهر فبراير الماضي.

 

ـ تابعنا ما نشر حول المبادئ الإنسانية السامية التي تتضمنها وثيقة  "الأخوة الإنسانية"، ما أبرز تلك المبادئ، وكيف يمكن لها أن تسهم  في نشر قيم التسامح ومكافحة الإرهاب والتطرف، وما هو دور البرلمانات في تحقيق أهداف هذه الوثيقة؟ 

هذه الوثيقة تكتسب أهميتها من أبعاد أساسية عدة أولها انطلاقها من دولة الإمارات بكل ما ترمز إليه وما تعنيه باعتبارها نموذجا عالميا يحتذى للتسامح والتعددية والانفتاح والتعايش في مجتمع بات يحتضن مقيمين ينتمون إلى أكثر مائتي جنسية يسهمون في مسيرة الخير والبناء والتنمية المستدامة في دولة الإمارات. وجاء توقيع هذه الوثيقة التاريخية مستهل عام 2019، عام التسامح في دولة الإمارات، ليعكس مستوى الاهتمام والجهد الذي تبذله قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في نشر وترسيخ قيم التسامح والتعايش عالميا، والبعد الثاني يتمثل في الرمزية الهائلة للقامتين العالميتين الإنسانيتين الكبيرتين اللذين وقعا على الوثيقة، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمام أنظار العالم أجمع وحشد عال من مجلس حكماء المسلمين وقيادات الكنيسة الكاثوليكية في المنطقة والعالم، والمفكرين والعلماء، في حدث سيبقى علامة بارزة في التاريخ الإنساني، حيث ندرك جميعاً أن فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وقداسة بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، يحظيان بتقدير واحترام عالمي واسع يوازي انتشار اتباع الدين الإسلامي والمسيحي الذين يمثلون أكثر من نصف سكان العالم، لذا فإن توقيعهما على مبادئ هذه الوثيقة التي تشخص أسباب الإرهاب والتطرف بكل دقة ومكاشفة وشجاعة، يضفي عليها مصداقية كبيرة ويسهم  في تحقيق الأهداف التي نرجوها جميعاً بشأن نشر قيم التسامح والتعايش ونبذ الإرهاب والتطرف، وثالث هذه الأبعاد يرتبط بمحتوى الوثيقة ومبادئها الإنسانية والحضارية السامية، التي تسهم من دون شك في إعادة تشكل الوعي الجمعي العالمي تجاه علاقة الأديان بالإرهاب، وإعادة التأكيد على القيم والمبادئ والمشتركات الإنسانية، حيث أكدت الوثيقة على اعتبار التنوع الثقافي والتعددية الدينية سنة كونية وآية من آيات ﷲ في خلقه، كما تدعو إلى ترسيخ التعايش والتسامح، وتنهي، بحزم، الجدل والمزاعم حول علاقة الأديان بالكراهية والتطرف والعنف والإرهاب الذي يمارس باسم الدين، لتستعيد زمام المبادرة وتحرر سمعة الأديان ومكانتها من قبضة الإرهابيين الذين اختطفوا لسنوات طويلة الحديث باسمها وممارسة أبشع أنواع الإجرام والإرهاب تحت راياتها، كما أطلقت الوثيقة صرخة مدوية لـ"الكف عن استخدام اسم ﷲ لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش"، وأكدت أن "ﷲ لم يخلق الناس ليقتلوا أو ليتقاتلوا أو يعذبوا أو يضيّق عليهم حياتهم ومعاشهم، وأنه عز وجل غني عمن يدافع عنه أو يرهب الآخرين باسمه"، كما تقول هذه الوثيقة التاريخية العظيمة.

ودعني أقول إن دولة الإمارات لديها رؤية واضحة لتحقيق أهداف هذه الوثيقة عبر آليات وبرامج عمل عديدة، وفي مقدمتها تأسيس  "صندوق زايد العالمي للتعايش" لدعم وتفعيل مبادئ هذه الوثيقة من خلال مبادرات دولية في قطاعات التعليم والثقافة والمعرفة والتنمية الاجتماعية والبحوث العلمية والترجمة وغير ذلك، وتشكيل فريق دولي لرعاية الوثيقة ونشرها في العالم وبرامج مبتكرة للشباب لتعزيز ثقافة التسامح، وإطلاق "جائزة الأخوة الإنسانية" كمحفز عالمي رائد لتشجيع الجهود الصادقة في التقريب بين البشر. 

أما بالنسبة لدور البرلمانات، فنحن نرى أن الوثيقة بحد ذاتها تؤسس لثقافة عالمية جديدة تعيد اكتشاف آليات العمل الجماعي الدولي من أجل نشر التسامح والتعايش، وترسيخ قيم الحوار بين الأديان والحضارات، كما نرى أن العالم أمام فرصة تاريخية لترسيخ التسامح والتعايش بين البشر والتركيز على إعمار الأرض ونشر قيم الخير والمحبة والسلام، كما يريد ﷲ عز وجل، وعلينا أن نسعى كبرلمانين لدعم الجهود الدولية في هذا الشأن، وعلينا أن نكون جزءاً من هذا الجهد. ونحن في المجلس الوطني الاتحادي نقوم بدور كبير في نشر قيم التسامح والاعتدال وفي مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، سواء على المستوى التشريعي والقانوني، أو من خلال الدبلوماسية البرلمانية، لذا فإننا نجد أن الإسهام الفاعل في نشر مبادئ هذه الوثيقة عالمياً خلال لقاءاتنا مع كافة الوفود البرلمانية يمثل أحد أولوياتنا خلال المرحلة الراهنة.

 

ـ أنتم حاليا في زيارة رسمية للمملكة المغربية ستتميز بمقابلة رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، ورئيس الحكومة المغربية، ما هي القضايا الرئيسية، التي يتضمنها جدول أعمالكم خلال هذه الزيارة؟ 

 

نحضر على رأس وفد برلماني كبير، يضم أعضاء مجموعة الصداقة العربية ومجموعة الصداقة الإفريقية في المجلس الوطني الاتحادي، نقوم بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية الشقيقة تلبية لدعوة كريمة من الأخ القدير والجليل، الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، الذي أنتهز الفرصة لأوجه له تحية تقدير وإجلال لدوره البرلماني الوطني والدولي في الدفاع عن قضايا شعوبنا العربية والإسلامية، وترسيخ العلاقات البرلمانية بين بلدينا. ونشير في هذا الصدد إلى أن علاقات البلدين تتميز بسمات استثنائية تمثل نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الأشقاء، فهناك مبادئ وقيم مشتركة وهناك قواسم مشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين قائمة على العمق التاريخي والأسس الراسخة وروابط الأخوة الوثيقة بين القيادتين، والمشتركات التي تجمعهما على المستوى القيمي والسياسي والاستراتيجي، وهناك رؤية سياسية متسقة تقوم على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار والسلام وتكريس مبادئ التسامح والوسطية والتعايش  في العالم أجمع ونبذ التطرف والتعصب والعنف والإرهاب، ولدينا أيضاً توافق واتفاق على العمل المشترك والتنسيق الكامل من أجل مصالح الشعوب العربية والإسلامية، انطلاقاً من الإيمان الراسخ بوحدة المصير، وبضرورة التضامن بين البلدان العربية، بصدق وإخلاص، لمواجهة التحديات، التي تقف أمام شعوبنا. وسيتم خلال هذه الزيارة أيضاً عقد جلسات محادثات مع كل من الدكتور سعدالدين العثماني رئيس الحكومة، والأخ الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، والأخ حكيم بن شماس رئيس مجلس المستشارين، وتوقيع مذكرتي تفاهم بين المجلس الوطني الاتحادي من ناحية، وبين مجلسي النواب والمستشارين من ناحية ثانية، وتركز محادثاتنا مع الأشقاء في مجلسي النواب والمستشارين بالمملكة المغربية خلال هذه الزيارة، انطلاقا من الدور الفاعل للبرلمانات في تعميق التعاون وفتح آفاق أرحب للعلاقات بين الدول، لاسيما الدول الشقيقة، التي تقف معاً على أرضية مشتركة للمصالح والأهداف ووحدة المصير، على البحث عن سبل وآليات تطوير وتعميق التعاون الثنائي في المجالات التجارية  والاقتصادية والاستثمارية والثقافية، حيث تدركون أن الإمارات تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمملكة المغربية (15 مليار دولار) عبر 30 شركة إماراتية، بفضل تدفق الاستثمارات

الإماراتية عبر صناديق وشركات متعددة تجسيداً لما يربط البلدين من علاقات قوية، فضلاً عن التعاون المتنامي في مجالات الطاقة والسياحة والموانئ والنقل والاتصالات، وذلك كله تعكسه الأطر التي تتمثل في  26 اتفاقية تعاون و26 مذكرة تفاهم و6 برتوكولات تعاون وبرامج تنفيذية موقعة بين البلدين، كما نناقش أيضا التطورات الحاصلة على  المستويين الاقليمي والدولي، ونتائج الاجتماعات البرلمانية التي شاركنا فيها أخيرا، وهي في مجملها فعاليات برلمانية مهمة للغاية وتتطلب تنسيقاً للمواقف بين برلمانات الدول الشقيقة من أجل تعزيز التضامن ووحدة الصف والكلمة والمواقف دفاعاً عن القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، لاسيما أنها بالإضافة إلى مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لقاءات تسبق انعقاد الدورة الـ140 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي. 




تابعونا على فيسبوك