ما وراء قضية العفورة

الجمعة 04 يوليوز 2008 - 08:34

تقدم حالة عبد العزيز العفورة، العامل السابق على عمالة الحي المحمدي عين السبع بالدارالبيضاء، درسا غنيا من زاوية استقلالية القضاء المطلوبة، ومكانة السلطة القضائية في دولة القانون والمؤسسات.

فمع الاحترام الواجب لقرار القضاء، فوجئ الرأي العام المغربي بتبرئة العفورة، في مرحلة أولى، من طرف المجلس الأعلى، من خلال حكمه السابق، في تعارض مثير للاستغراب أمام حجم التهم، التي استوجبت الحكم السابق ضده بعشر سنوات سجنا نافذا، مع حجز أمواله.

أما الحكم الجديد، فنقل رجل السلطة السابق من حالة البراءة الشاملة إلى الإدانة بخمس سنوات سجنا نافذا، مع مصادرة الأموال والقيم المنقولة والممتلكات والعائدات الموجودة في ملكه، أو في يد أي شخص كان، في حدود 30 مليون درهم، بعد إلغاء القرار المستأنف.

وخلال أطوار المحاكمة، جرى احترام جميع المساطر الإجرائية، بما في ذلك تمتيع المتهم بالامتياز القضائي، واحترام حق الدفاع، إلى درجة أن أي طرف لم يطعن في نزاهة المحاكمة.

من هذه الزاوية، تشكل قضية العامل السابق سابقة قضائية في غاية الأهمية، كون الحكم الجديد يدين بشكل صريح جرائم تبديد واختلاس الأموال العمومية من طرف رجل سلطة خلال ممارسته لمهامه.

كما يفسح حكم المجلس الأعلى في قضية العفورة المجال للتشجيع على رفع قضايا أمام القضاء، من منطلق الثقة بإمكانية حصول محاكمة عادلة ونزيهة ومستقلة، من أجل التعويض عن الأضرار المادية المترتبة عن اختلاس وتبديد الأموال العمومية في قضايا كثيرة، مثل مقر جماعة عين السبع، ومشروع الحسن الثاني.

وبفضل هذا الحكم أيضا، يفتح مسلك قضائي من أجل استرجاع الأموال العمومية المختلسة، التي يقدرها وكيل الملك لدى المجلس الأعلى بحوالي 13 مليار سنتيم.
ومن زاوية نظر أشمل وأعلى، تتجلى أهمية قضية العامل السابق، عبد العزيز العفورة، أولا، على مستوى صيانة سمعة السلطة القضائية، وتعزيز شروط استقلالية القضاء، وثانيا لفائدة الجهود الرامية إلى تخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد، وإقرار مبدأ عدم الإفلات من العقاب، في السياق العام لمشروع الإصلاحات الكبرى بالبلاد.




تابعونا على فيسبوك