جلالة الملك يضع الحجر الأساس لبناء مركزين اجتماعيين بالرباط

أمير المؤمنين يترأس الدرس الثاني من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

الأربعاء 19 شتنبر 2007 - 22:32

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس الثلاثاء بالقصر الملكي بالرباط، الدرس الثاني من سلسلة الدروس الدينية الحسنية الرمضانية.

وألقى درس أمس بين يدي أمير المؤمنين، فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، وتناول فيه بالدرس والتحليل موضوع "كيف يقبض العلم"، انطلاقا من الحديث النبوي الشريف "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".

واستهل الشيخ محمد سيد طنطاوي درسه بالحديث عن أهمية مجالس العلم وما لها من نفع على مرتاديها، مشيرا إلى أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان دائما يصف مجلس العلم بروضة من رياض الجنة، ويدعو أصحابه إلى الجلوس إليها وارتيادها.

وذكر بأن بعض العلماء عرفوا العلم بأنه نور يقذفه الله في قلب من يحب من عباده، ليجعله بهذا النور موفقا في قوله وفي فعله، مهتديا إلى الصواب، مشيرا إلى أن القرآن تحدث عن العلماء حديثا يهدي إلى الرشد، وجعل فضيلة العلم على رأس الفضائل.

وأكد أن العلماء هم أكثر الناس خشية من الله، وذلك أملا في ثوابه وخوفا من عقابه، امتثالا لقوله تعالى "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، مبرزا أن الله عز وجل، بشر عباده الذين شغلوا حياتهم بالعلم النافع برفع الدرجات، لقوله تعالى "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العالم درجات".

كما أن الله مدحهم ـ يضيف الشيخ طنطاوي ـ بأنهم الذين شهدوا لذاته عز وجل بالوحدانية بعد ملائكته الكرام.

وأكد أن الحديث عن العلم، ووجوب التحلي به، يقصد به كل علم نافع، سواء أكان من العلوم الدينية (القرآن أوالسنة أو الفقه ) أو العلوم الدنيوية (الطب، الهندسة، الصناعة ) وغير ذلك من العلوم التي تقوم على البحث المتواصل، و"ذلك لأننا في عصر لا تتنافس فيه الأمم بكثرة أراضيها ولا بكثرة سكانها، ولكن في عصر تتنافس فيه الأمم وتتباهى بكثرة علمائها في كل مجال من مجالات العلم".

وذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه العلوم الدينية، ويدعوهم إلى تعلم العلوم الدنيوية، كما كان صلوات الله عليه يأمر بعض أصحابه بالذهاب إلى البلاد غير الإسلامية، ليتعلموا منها فنون الأسلحة التي يستعملونها في حروبهم.

وأضاف أن النبي (صلعم) أمر أيضا الصحابي الجليل زيد بن ثابت بتعلم اللغتين السريانية والعبرانية، فتعلمهما في مدة يسيرة ليترجم للرسول (صلعم) ما يقول من لا يعرف اللغة العربية.

وأشار الشيخ محمد سيد طنطاوي إلى أن من فضائل العلم أنه »نافع لصاحبه في كل الأحوال، متى استعمل في الخير لا في الشر، في الإصلاح لا في الإفساد، في التعاون على البر والتقوى لا في الإثم والعدوان«، مضيفا أن"من فضائل العلم خصوصا في زمننا هذا أنه يساعد صاحبه على تحقيق مطالب حياته وعلى تيسيرها، ويدلل له المصاعب ويقلل له المتاعب".

وأبرز أن العلم النافع »ينتشر وتزيد بركاته عندما يكثر عدد العلماء الراسخين في علمهم، والذين ينشرون العلم ولا يكتمونه، ويقبض العلم ويقل عندما يرحل العلماء عن دنياهم، ويأتي من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وهذا ما قصده رسول الله بقوله (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء)، أي أن الله لا يقبض العلم من الناس بأن يرفعه من بينهم إلى السماء أو يمحوه من صدورهم، ولكن يقضبه بقبضه لأرواح العلماء".

وأكد الشيخ طنطاوي أن العلم ينتشر عندما يكثر عدد العلماء الأمناء الذين لا ينطقون إلا بكلمة الحق، ولا يفتون إلا عن علم صحيح، ولا يتحدثون إلا في حدود تخصصاتهم، كما ينتشر بكثرة عدد الذين يستعملون علمهم في البناء لا في التخريب، في الخير لا في الشر .

وأشار بالمقابل، إلى أن العلم يقبض ويزول عندما يستخف به وبحملته، وعندما تمتد إليه الأيادي الخبيثة، وعندما يأخذ الناس فتاويهم من بعض من ينطقون بالباطل، ومن يؤولون الحق تأويلا سقيما، وهؤلاء هم الذين أشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله"حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".

وخلص شيخ الأزهر إلى أن العلم إذا استعمل في الخير نفع وأفاد، وإذا استعمل في الشر أهلك وأباد .

وفي ختام هذا الدرس الديني، تقدم للسلام على أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي، والأستاذ منير ماحي حيدرة، رئيس المجلس العلمي لولاية ساكو من مالي، والأستاذ العربي مرشيش، مدير المركز الإسلامي بسانت إيتيان، من الجالية المغربية المقيمة بالديار الفرنسية.

كما تقدم للسلام على أمير المؤمنين، الأستاذ إدريس قدوس كوني، رئيس المجلس الوطني الإسلامي، والإمام الأكبر المكلف بالشؤون الخارجية في المجلس الأعلى للأئمة بكوت ديفوار.

وتقدم للسلام على جلالة الملك أيضا الأستاذ عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، الذي قدم لجلالته مجموعة من آخر إصدارات المنظمة، ومن بينها كتاب التوفيقي، بمناسبة مرور 25 سنة على إنشاء المنظمة.

وقدم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، إلى أمير المؤمنين الدروس الحسنية لعام 1427 هجرية بالعربية وترجمتها.

ومن جهة اخرى أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء بالرباط، على وضع الحجر الأساس لبناء مركز اجتماعي لفائدة الأشخاص المسنين بحي النهضة، ودار للطفل بداخل المركز الاستشفائي الجامعي ابن سيناء، بكلفة إجمالية تصل إلى 6.66 ملايين درهم، ممولة كليا من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

المركز الأول هو مركز اجتماعي لفائدة الأشخاص المسنين، يهدف إلى تقديم الدعم والمساعدة لهذه الشريحة الاجتماعية، وخاصة منهم المعوزون، أو الذين لا يتوفرون على سكن قار، من خلال توفير الإقامة والمساعدة الطبية .

أما المركز الثاني، فهو عبارة عن دار للطفل، ستشكل فضاء للدعم الاجتماعي والتربوي والتكوين للأطفال المقيمين بالمستشفى لمدة طويلة، وستحدث داخل حديقة مستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سيناء، على مساحة 600 متر مربع، من بينها 430 مترا مربعا مغطاة.




تابعونا على فيسبوك