وصفات سحرية لشل النشاط الجنسي للزوج

نساء يلجأن للخرافة خوفا من الضرة أو الإهمال العاطفي

الأربعاء 04 أبريل 2007 - 20:45

أصدر أخيرا، مصطفى واعراب كاتب صحفي، كتابا منقحا ومزيدا لمؤلفه "المعتقدات والطقوس السحرية في المغرب"،

أكد في مقدمته أنه مؤلف لا يرمي إلى الترويج لعالم السحروالسحرة، ولا نقد الظاهرة على أسس أيديولوجية أو دينية، بل سعى إلى طرح المعتقد أو الطقس السحري، كما يعاش ويمارس من طرف عامة الناس، وطرح الأسئلة سعيا إلى تحفيز القارئ لتحكيم العقل والفهم، بدل »الاستسلام الكسول« لما يزعم أنه علاقة خفية لا تدرك
ويعترف المؤلف مسبقا، بأن الكتاب ليس شاملا لاستحالة الإحاطة بكل ما له صلة بالسحر في المغرب، في مقابل تمنيه بأن يفتح الكتاب نقاشا هادئا ومسؤولا حول الموضوع
ويكشف مصطفى واعراب، أن فكرة تأليفه لكتاب حول السحر وطقوسه، نبعت من رغبة شخصية في فهم الكثير من المعتقدات السحرية والخرافية، التي ظلت ترافقه خلال مرحلة طويلة من عمره، وبحثا وراء أجوبة مقنعة عن عدد من الأسئلة التي كان يرمي بها هنا وهناك، فلم يكن يجد لها ردا يشفي غليل فضوله

ومن هنا جاء عزم الكاتب على مقاسمة القارئ فرصة الإمساك ببعض عناصر الفهم الضرورية، بحثا عن معنى العلاقة بين القول أو الفعل السحري، والنتيجة التي تنتج عنه، من خلال إجرائه لتحقيقات وبحوث، تغوص عميقا في أصول الخرافة، ومحاولة ربط المعتقدات والطقوس السحرية بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي أفرزها
ويتضمن الكتاب، الصادر عن دار الحرف للنشر والتوزيع في القنيطرة،31 فصلا، يتطرق كل فصل إلى نوع من أنواع السحر، إذ هناك فصل حول السحر بالأحرف والرموز والأرقام، وآخر حول المحبة والتفريق، والسحر في حفلات الزواج، وفصل عن سحر العقم وإجهاض الجنين و"إرقاده"، وفصل آخر عن تسليط المرض على الأطفال بالسحر، والعين الشريرة والحسد

ومن المواضيع التي تناولها الكتاب بالتفصيل تلك التي تحمل عنوان »الثقاف« ربط الرجل وعقد المرأة
في هذا الجانب أوضح مصطفى واعراب، أن عبارة »الثقاف« في اللغة المتداولة بين عموم الناس، تعني الربط أو العقد، تدل في معتقد المغاربة، التدخل في القدرة على الاتصال الجنسي لدى الشخص، من خلال عمل سحري يهدف توجيه تلك القدرة في اتجاه وحيد

ومن أمثلة ذلك "حالة المرأة التي ترغب في شل قدرة زوجها على معاشرة غيرها جنسيا، أو شلها بالمرة" وتسمى هذه العملية في المغرب "الثقاف"
وأشار واعراب إلى أنه »بعكس ما هو شائع، فإن الثقاف لا يستهدف الرجل فقط، بل المرأة أيضا، وتشمل مجالات اللجوء إليه أغراضا أخرى"
"ربط«" الرجل بين مصطفى واعراب أن مصطلح "الربط" في اللغة العامية يعني القيد، »"وهو فعل يستعمل عادة عند الحديث عن شل حركة دابة من خلال ربط أحد قوائمها الأربعة، بحبل يشد إلى شيء ثابت"، مضيفا أن الربط في قواميس السحر له معنى التحكم في قدرة الرجل على المجامعة الجنسية مع النساء، إذ تصبح ممكنة مع امرأة وحيدة، هي زوجته أو عشيقته، لكن مستحيلة التنفيذ مع نساء أخريات
وبرر الكاتب أسباب لجوء بعض النساء إلى هذا الأسلوب السحري، إلى اعتقاد بعضهن بأن »الثقاف« يعتبر حلا سحريا يضمن به استقرار أسرهن لوجودهن في مجتمع يبيح التعدد، والحيلولة دون ربط الزوج لعلاقات عاطفية أو جنسية أخرى
ولذلك تلجأ ربة البيت المتوجسة من ضياع زوجها في حضن إمراة أخرى، إلى تطبيق واحدة من الوصفات الكثيرة التي ينتج عنها "ثقاف الرجل"، وهي وصفات تصلح أيضا للمرأة التي تريد "ثقاف" عشيق لها حتى لا يعود إلى زوجته

وتتباين وصفات »ثقاف الرجل«، حسب درجة تعقيدها والأدوات المستعملة فيها، إذ لا حظ الكاتب أن وصفات السحر الشعبي، سحر العامة الذي لا يحتاج لتنفيذه اللجوء إلى ساحر، تعتمد على وسائل في غاية البساطة، عادة ما يتعلق بكل ما يفتح ويغلق، مثل علبة أعواد الثقاب "لوقيد"، والقفل، أو المقص أو الباب وغيرها، بينما تعتبر وصفات السحر الرسمي الذي ينتجه السحرة المحترفون أكثر صعوبة وتعقيدا
ويقول مصطفى واعراب في كتابه إنه من "المثير للاستغراب في هذا الصدد، أن مصنفات السحر تقدم وصفات لعلاج "الربط" لكنها لا تقدم وصفات إحداث »الثقاف«، ولعل ذلك يندرج في سياق الحذر الذي يلزمه مؤلفو تلك المصنفات حيال رقابة الدين، الذي يحظر كل ما يلحق الأذى بالآخر
ومع ذلك، فإن في جعبة السحرة من الوصفات ما يكفي لربط "همة" أكثر الرجال فحولة على الأرض"
ويضيف واعراب أن من بين هذه الوصفات، أن تأخذ المرأة منديلا به قليل من السائل المنوي لزوجها أو عشيقها، وتقدمه لـ "الفقيه"، لكي يضع عليه بعض الطلاسم السحرية، المتضمنة لأسماء ملوك الجن العلويين أو السفليين المطلوب تدخلهم إما لـ "ربط" أو فك "ثقاف" الرجل
وذكر الكاتب أنه »نظرا لتعدد الوصفات الشعبية وتنوعها وغرابتها، لدرجة يستحيل التوقف عندها جميعا، اكتفى بتقديم هذا النموذج، الذي تحرص فيه المرأة على حيازة قماش استعملته عقب المجامعة الجنسية، لتضع به »الحنوط« وهي المواد التي تستعمل في تحنيط الميت، فتدفنها في قبر قديم بـ »الروضة المنسية« أو المقبرة المهجورة
وأوضح واعراب وجود ترابط بين الأفكار في هذه الوصفة، إذ تستند على مبدأ الدفن الرمزي للقدرة الجنسية للرجل بهدف قتلها، وذلك من خلال وضع بقايا الموت المتمثل في »المحيط« في »خرقة« بها مني الرجل، ثم دفنها في قبر مجهول صاحبه
ومن الطقوس السحرية الممارسة لإحداث العجز الجنسي لدى الرجل، أن »تفتح الزوجة علبة الثقاب، وتضع كل جزء منها على جانب من الباب، وعندما يتجاوز الزوج الباب تنادي عليه الزوجة باسمه، لكن لا تكلمه حين يرد عليها، بل تقول في نفسها"غوت عليك لوقيد ما غوتش عليك أنا"، أي "أن عود الثقاب هو الذي نادى عليه وليست هي، ثم تغلق علبة عود الثقاب بعد انصرافه مطمئنة إلى الزوج، الذي لن يكون في مستطاعه مجامعة امرأة أخرى غيرها لمدة عام كامل"
ويبدو أن العملية تعتمد على فتح وإغلاق علبة الثقاب، بعد مرور الزوج الغافل بين جزئيها المفتوحين، تردد بعدها المرأة دعاء بأن يصبح زوجها طيعا بين يديها مثل العلبة، وتفتح وتغلق قدرته الجنسية فوق السرير حسب رغبتها هي فقط
ولا يوجد، حسب الكتاب، حصرا لاجتهادات العامة في ابتداع الكثير من الوصفات التي تتأسس على مبدأ الفتح والإغلاق، وتأويله جنسيا، إذ يوجد في وصفات أخرى، »أن المرأة تستعمل ملين الصوف، الذي يطلق عليه في المغرب اسم »القرشال«، تفتحه المرأة وتتعمد أن يخطو الزوج خطوة فوق هذه الأداة، لتحملها بعد ذلك إلى المقبرة المنسية لتدفنها في قبر مجهول
»عقد« الفتاة والمرأة إن "الربط" ليس ممارسة سحرية تهدف إلى شل النشاط الجنسي أو تقييده عند الرجل وحده، بل يمكن أن يطبق على الأنثى، فتصبح بدورها مستهدفة بالعملية السحرية، وفي هذه الحالة يسمى الثقاف "عقدا"
ويوجد في الكثير من مصنفات السحر، »وصفات لعقد المرأة كي لا يطأها أحد غير زوجها، كما يقدم السحرة وصفات أخرى لـ »ثقاف« البكر التي يلجأ إليها الآباء الخائفون من ضياع بكارة بناتهم على يد واحد من بني الإنس أو الجن، إذ يعتقد أن الجن بدوره يمكن أن يطأ المرأة
ويلجأ بعض المغاربة لأجل "عقد البكر" حسب معتقداتهم السحرية إلى الاستعانة بـ "الفقيه الساحر" الذي يستعمل القفل أو الغربال، ويصنع "الطلاسم المحروسة بالجان" لقطع أية إمكانية لربط المرأة علاقة جنسية قبل الزواج
ومن الوصفات المنتشرة في مجتمعات النساء المنغلقة على أسرارها، طريقة "المنسج"، وتتضمن عملية "ثقاف الفتاة البكر" من خلال مرورها بين خيوط الصوف المتشابكة فيغلق بعدها »المنسج«، ويعود الأمر إلى التفكير السائد في المجتمعات الشرقية، الذي يجعل من المرأة رديفا للخيانة والعار والفضيحة، ومن ثمة يصير مشروعا تقييد حريتها الجنسية
وأشار مصطفى واعراب إلى وجود بعض الكتب التي تقدم حلولا لعلاج "ربط" الرجل دون المرأة، إذ يقدم السيوطي في كتاب "الحكمة" وصفات عديدة لـ "عقد المرأة" بواسطة أعضاء بعض الحيوانات، خصوصا "المرارة"
ويقول في إحداها »إنه إذا طلي ذكر الرجل بالمرارة، بعدها جامع زوجته، يصير من غير الممكن أن يطأها أحد غيره، إذ أن الرجل منهم إذا أتاها وهم بوطئها ولم يبق غيرالإيلاج، انطوى ذكره وارتخى، وفترت همته ولم يقدر على وطئها"
فك "الربط" جاء في الكتاب المذكور أعلاه أن السحر الرسمي يقسم أنواع الربط إلى ثلاثة، الأول ما يكون من "أرياح الجن"، وعلامته أن يسبقه الماء، أي المني، قبل الالتحاق بالمرأة، وهو ما يعرف طبيا بالقذف المبكر
أما النوع الثاني، فهو ما يصدر عن سحر بني آدم، أي "الثقاف" والأخير هو حين يكون الرجل عنينا، بارد الهمة، وهو ما يطلق عليه »العجز الجنسي"
وتختلف أنماط العلاج باختلاف الحالات، وبحسب قدم معاناة المريض منها، إذ تتضمن في أغلب الحالات كتابة خواتم، وهي "جداول سحرية"، ونقعها في الماء، ثم يرش بها المربوط، أو تكتب على مواد غذائية ليأكلها المسحور
لكن السحر الشعبي، في المقابل، يقدم وصفات علاجية أقل تعقيدا، وتنفع عادة في إزالة أسباب الربط فقط
فالمرأة التي "ربطت" زوجها بعلبة "لوقيد"، يكفيها أن تخبره بالأمر ليحل ثقافه
وإذا لم يزل المفعول السحري، فيجب عليها "التبخر" بالدخان المتصاعد من حرباء بعد رميها حية في النار، أو الاستحمام بماء قرأت عليه آيات من القرآن، أو التبول على سمكة حية بعد صيدها، ثم إرجاعها إلى البحر أو النهر
وفي بعض الحالات المستعصية، يتطلب العلاج تدخل عدة أطراف، كأن يكتب الفقيه الساحر طلسما على حديدة فأس، ويذهب بها المعني بالثقاف إلى حداد ليضعها في النار، وحين ترتفع درجة حرارتها يرمى بها في الماء والشخص "المربوط" متجرد من ملابسه السفلى بشكل يسمح للبخار المتصاعد من أن يلمس جهازه التناسلي
وفي بعض الحالات الأخرى يكتفي "المربوط" بأن يمسح أعضاءه التناسلية بالماء الذي يطفئ فيه الحداد الحديد مرتفع الحرارة
وإذا ارتبط "الثقاف" في القاموس اليومي للمغاربة بالجانب الجنسي الحساس لديهم ككل الشعوب العربية، من كثرة استعماله لأغراض تخريب العلاقات الحميمة بين الأزواج والعشاق، فإن مجالات أخرى لا تقل أهمية يطلب السحرة لقضائها
وبشكل عام، يوجد في جعبة السحرة عدد لا يحصى من الوصفات لإحداث "الثقاف" أو »العقد« لأغراض أخرى غير الجنس
فالتاجر الذي يضايقه نجاح منافس له مثلا، يذهب إلى الساحر ليصنع له جدولا سحريا لـ "ثقاف" تجارة الغريم الرائجة فتبور ويفلس المحسود
والرجل أو المرأة الراغب في الانتقام من خصم أو عدو يطلب أيضا من الساحر أن يصنع له جدولا من أجل "عقد بول الخصم"، إذ ينحبس البول في مثانة المطلوب إلى أن تنفجر
أما الشخص الراغب في اقتناء قطعة أرض أو مبان أو تجارة معروضة للبيع، يصنع لدى الساحر جدولا لـ "ثقافها" فلا تباع ولا تشترى إلا له، حين يريد وبالسعر الذي يريد
وهكذا يوظف »الثقاف« لحماية كل شيء يخشى عليه من أن يمتد إليه الآخر




تابعونا على فيسبوك