يبدأ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الأحد، زيارات رسمية لكل من غامبيا والكونغو الديمقراطية والكونغو برازافيل بالإضافة إلى زيارة خاصة للغابون، في جولة جديدة هي الثالثة لجلالته بعدد من البلدان الإفريقية الشقيقة .
وتأتي هذه الجولة في سياق الجهود التي ما فتئ جلالة الملك يبذلها خدمة للقضايا التي تعوق تقدم القارة الإفريقية وتحول دون تنميتها، والدفع قدما بالتعاون جنوب - جنوب الذي جعل منه جلالته محورا رئيسيا في السياسة الخارجية للمملكة.
وإلى جانب كون هذه الجولة الإفريقية لجلالة الملك ستساهم في تعزيز روابط الأخوة والصداقة التقليدية بين المغرب وامتداده الإفريقي، فإنها ستشكل، بدون شك، مناسبة لإعادة طرح المشاكل التي تعرقل انخراط القارة في ركب التقدم والتنمية وذلك إيمانا من جلالة الملك بضرورة إعطاء دفعة قوية لاقتصاديات القارة بما يضمن اندماجها التام في الاقتصاد العالمي.
ولهذه الغاية، حرصت المملكة المغربية على الدوام على إرساء علاقات تعاون متميزة مع مختلف بلدان القارة الافريقية على أسس شراكة ثنائية بناءة وبرامج تنموية ملموسة تتمحور حول تشجيع المبادلات الاقتصادية وتعزيز العلاقات الاجتماعية ودعم شراكات من شأنها تقوية التعاون جنوب - جنوب .
وفي هذا الإطار، سبق للمغرب أن اقترح على بلدان الساحل وغرب إفريقيا تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من شأنها تعزيز الروابط العريقة التي تجمع المملكة بهذه البلدان، وهي المشاريع التي حرص جلالة الملك شخصيا على الوقوف على تنفيذها الفعلي في زيارات جلالته لعدد من البلدان الإفريقية.
كما أن المغرب ما فتىء يعبر، في مختلف المناسبات، عن استعداده لوضع ما راكمه من خبرة وما اكتسبه من تجربة في العديد من المجالات، في خدمة البلدان الإفريقية الأخرى ودعم جهودها الرامية إلى التقليص من حدة الفقر مقدما بذلك مثالا يحتذى في التعاون جنوب - جنوب.
وهكذا قدم المغرب مساعدة للسينغال في مجال الأمطار الاصطناعية، وهو البرنامج الذي سبق لبوركينا فاصو أن طبقته بنجاح منذ عدة سنوات بفضل الدعم التقني واللوجيستيكي الذي قدمته لها المملكة.
وفي نفس السياق، ووعيا منه بأهمية الموارد المائية لقارة تعاني الأمرين في هذا السبيل، اقترح جلالة الملك محمد السادس، خلال القمة الـ 22 لرؤساء دول فرنسا وإفريقيا، إحداث صندوق لمساعدة القارة السمراء في مجال الماء من شأنه مساعدة البلدان الإفريقية على إنجاز مشاريع مائية لمواجهة آفة الجفاف التي باتت تشكل مصدر قلق للعديد من بلدان هذه القارة.
وفي المجال الفلاحي، عمل المغرب بالخصوص على تعزيز قدرة العديد من بلدان القارة على مواجهة آفة الجراد الضارة بالفلاحة والبيئة والتي تزيد من معاناة بعض الدول الإفريقية.
ومن جهته، حظي المجال الصحي بالأولوية في الانشغالات الافريقية لجلالة الملك، حيث نظمت تداريب مغربية غابونية مشتركة أطلق عليها اسم »موغياما«، أي »قوس قزح« باللهجة المحلية، وذلك تحت إشراف طاقم طبي متخصص.
وقد استفاد من هذه العملية أزيد من 10 آلاف شخص من سكان هذا البلد
كما أقامت المملكة مستشفى ميدانيا في النيجر الذي كان يمر بأزمة حادة في هذا المجال، حيث ساهم المستشفى بشكل كبير في تقريب الخدمات الطبية من مواطني هذا البلد في تخصصات مختلفة .
وقد مكنت هذه الجهود من إعطاء دفعة جديدة للتعاون المغربي الإفريقي في مجال حيوي ألا وهو قطاع الصحة الذي تسجل فيه القارة الإفريقية عجزا كبيرا لا سيما وأنها تواجه عدة أمراض وأوبئة لا قبل لها بها.
وإلى جانب ذلك يرتبط المغرب مع عدد من بلدان القارة الإفريقية باتفاقيات تعاون تضع وتحدد أسس تعاون مغربي إفريقي متشاور بشأنه، ومنسجم، ومندمج يستجيب لحاجيات التنمية المستدامة ويعتمد تبادل الخبرة والمهارة لخدمة الفئات الشعبية المستهدفة
والواقع أن المغرب، باتباعه هذا النهج، إنما يجسد حقيقة لا مراء فيها شعارها انتماء إفريقي متجذر وانخراط جاد وحازم في الاستثمار المشترك للإمكانيات المتواضعة التي يتوفر عليها وبلورة كل ذلك في جهود ملموسة هدفها وغايتها إقامة تعاون واسع بين دول الجنوب سمته الأساسية التضامن والتآزر خدمة لشعوب القارة السمراء وضمان نهضتها ورقيها .
(و م ع)