ركز الناقد إبراهيم أولحيان على الأدب النسائي المغربي، معتبرا أن له حضورا قويا في السنوات الأخيرة، كما ونوعا، من خلال أسماء لها اعتبار خاص بالمغرب وخارجه.
وأضاف أولحيان في مداخلته خلال ندوة حول موضوع (الأدب النسائي المغربي)، نظمتها جمعية الشعلة للتربية والثقافة على هامش الدورة الثانية لملتقى إبداع المرأة الذي نظمه فرع مدينة الصويرة تحت شعار (الشعر بصيغة المؤنت)، أنه لابد من التساؤل بعمق حول طبيعة ومكونات هذه الكتابة النسائية، وذلك استنادا إلى رؤية نقدية تهدف إلى تحليل أنظمة هذا الخطاب من الناحية الأسلوبية، والبنائية والدلالية والتداولية، بعيدا عن وهم المفاضلة بين كتابة المرأة والرجل وتابع أولحيان: فالمساواة بينهما لا تفضي من دائرة التساؤل مسألة الخصوصية والاختلاف، فلا يستطيع أحد أن يكتب بدل الآخر، ومن هنا فمشروعية البحث في هذه الكتابة يظل قائما.
وانتقل إلى طرح مجموعة من الأسئلة الأساسية، التي رأى أنها تلزم كل باحث يريد أن يقترب من هذه الخصوصية واختزلها في: ما هي الصورة التي رسمتها المرأة لنفسها في النص الإبداعي؟ ما هي خصائص مكونات العالم الذي تؤسسه؟ ما هي طبيعة اللغة التي تنسج بها ذاتها؟ من هو المتلقي الذي تتوجه له هذه الكتابة؟… وحاول الناقد إبراهيم أولحيان ملامسة بعض هذه الأسئلة في مداخلته مركزا على الجانب السردي (القصة القصيرة) في هذا الأدب، متحدثا عن البدايات الأولى ثم الرواد، وبعد ذلك أسهب في الحديث عن الجيل الجديد الذي يعتبره فعلا صاحب الإضافات المهمة.
ومن جهته انطلق الباحث والمترجم عمر أوكَان في مداخلته من بيان أن الدراسات البنيوية والشعرية لا تقبل هذه التسمية أي "الأدب النسائي" على أساس أن جوهر الأثر الأدبي هو الأدبية؛ فهي ما يجعل من عمل ما أثرا أدبيا بغض الطرف عن جنس صاحبه ذكر أم أنثى.
وأوضح أن الأديبات هن بدورهن قد انقسمن إزاء هذا التسمية إلى صنفين: فهناك صنف ممن ذاع صيتهن يرفضن هذه التسمية ويطالبن بأن يدرس أدبهن ضمن الجو العام للأدب عموما، وهناك صنف آخر ينتصر لهذه التسمية ويتبناها وأغلبهن ممن مازلن يشققن طريقهن في مجال الكتابة أو يصعب عليهن مجاراة الأدب الحقيقي الرفيع.
إثر ذلك تطرق الباحث عمر أوكَان للمشهد الشعري النسائي بالمغرب، انطلاقا من الجيل الأول الذي ثار على السلطة والهيمنة الذكورية في هذا المجال، ثم من جاء بعده من أسماء أثثت فضاء القصيدة بالساحة الأدبية المغربية، ليموقع ديوان "رغم أنف أبي" للشاعرة إلهام زويريق ضمن جيل جديد تسلم الشعلة وبدأ محاولاته باحثا لنفسه عن خصوصيات تميزه.
وقد ركز على تحليل العنوان ليبرز الثورة الشعرية التي يحملها سواء على مستوى اللغة أو على مستوى الرؤية، موضحا أن الثورة ضد الأب هي ثورة شعرية في صميمها، إذ تتمثل في الثورة على الرأسمال الرمزي الشعري والتعبيري لتأتي ثورتها على الأب باعتبارها رغبة في حرية التعبير دون رقابة أو وصاية.
وبعد ذلك أخذت الكلمة الشاعرة إلهام زويريق صاحبة ديوان "رغم أنف أبي" بحيث تحدثت عن تجربتها الخاصة، وظروف إصدارها لهذا الديوان، وركزت على العناصر الشعرية التي توليها أهمية في كتاباتها، سواء على مستوى التيمات، أو التخييل أو البناء… وفي مقابل ذلك قدمت بعض التوضيحات في ما يخص علاقتها بأبيها الشاعر إسماعيل زويريق، والرعاية التي تجدها منه، وقد كانت ـ على حد تعبيرها ـ رعاية قاسية في أحايين كثيرة على المستوى الشعري، مما جعلها تتريث كثيرا قبل أن تصدر هذا الديوان الذي تعتبره بداية الدرب الطويل والشاق.
واستمتع الحظور بقراءات شعرية تفاعل معها الجمهور بشكل إيجابي، يذكر أن جمعية الشعلة للتربية والثقافة فرع الصويرة نظمت ـ ملتقى إبداع المرأة ـ الدورة الثانية ـ تحت شعار "الشعر بصيغة المؤنث"، و تضمن برنامجه مسابقة الشاعرات الشابات تشجيعا للمواهب وتحفيزا للإبداع، وأمسية شعرية اشترك فيها الشعراء والشاعرات على حد سواء وخصوصا الشباب، بالإضافة إلى العناية بما تنتجه المرأة في ميادين أخرى، حيث
أقيم معرض خاص بالمنتجات النسائية، وذلك بتنسيق مع الاتحاد النسائي الوطني المغربي، وندوة حول: "الأدب النسائي بالمغرب" شارك فيها الناقد والمترجم إبراهيم أولحيان، والباحث والمترجم عمر أوكَان، قدم خلالها عبد العلي خلاد مندوب فرع جمعية الشعلة بمدينة الصويرة، كلمة بين فيها أهداف الجمعية، والسياق الذي تنظم فيه هذه الندوة، التي يعتزم الفرع تنظيمها سنويا لما لقيته من نجاح ساهم فيه الحضور المكثف الذي يحج إلى دار الصويري (مكان انعقاد الندوة) ومشاركته بشكل فعال في النقاش
وقد أطر هذه الندوة الأستاذ عبد الله شغموم.