لحظة استحضار

بيت الشعر في المغرب يحتفي بالشعر والشعراء

السبت 18 مارس 2006 - 12:44
الشاعر صلاح الوديع

يحتفل بيت الشعر في المغرب هذه السنة، باليوم العالمي للشعر على إيقاع اللقاءات والتظاهرات التي ستشهدها مختلف المدن. أنشطة شعرية وثقافية تخلد لهذا التقليد الذي صادقت عليه وأعلنته اليونيسكو في 15 نوفمبر 1999 وتم اختيار يوم 21 مارس بداية فصل الربيع للاحتفاء به

بيت الشعر في المغرب اذن يوزع احتفاليته هذه السنة على العديد من المدن المغربية، حيث ستشهد كل من الدارالبيضاء، سلا، الخميسات، برشيد، الكارة، فاس، تمارة، الرباط، آسفي، مراكش، القصر الكبير، القنيطرة، طنجة، وأصيلة، وبمبادرة من جمعيات ومؤسسات وطنية ومحلية، عدة انشطة ثقافية وفنية، أهمها الأمسية الشعرية الكبرى التي ستحتضنها مندوبية وزارة الثقافة بالدار البيضاء، يوم 21 مارس، والتي سيعلن خلالها عن الفائز الاول بجائزة الديوان الأول، الى جانب قراءات شعرية للشعراء رشيد الميموني، عائشة البصري، صلاح الوديع، احمد محمد حافظ وعبد العزيز ازغاي، وكذا قراءات شعرية للشاعر الفائز بالجائزة.

الاحتفالية ايضا ستعرف تنظيم معرض للفنون التشكيلية بالمسرح البلدي لعين السبع الى جانب معرض المنشورات الابداعية الجديدة وذلك تحت شعار "الابداع في خدمة التنمية البشرية".

إن الاحتفال باليوم العالمي للشعر هو احتفال بانخراط الشاعر والمثقف في التعبير عن واقعه وعن واقع الانسانية جمعاء، من خلال الكلمة ومن خلال الاحساس المرهف الذي لايعترف بالحدود الضيقة للذات وللوطن، ومن هذا المنطلق انخرط بيت الشعر في المغرب في التأكيد على أهمية الشعر والشعراء.

ويمكن اعتبار اليوم العالمي للشعر، حسب ما جاء في كلمة بيت الشعر في المغرب بهذه المناسبة.
"لحظة استحضار لكل التاريخ الشعري منذ أول صرخة وجدان الى أحدث قصيدة يكتبها الآن شاعر في مكان ما من العالم .

إنه اعلان انتصار للفرح والأمل والتشبث بالحياة في وجه البؤس والعبث واشكال الموت الممنهج فجذوة الشعر، على حد تعبير الشاعر الن غنسبرغ، متأصلة في بنية الروح، وهي بذلك ابقى وأخلد من كل الصروح المادية التي بنتها ايدي الإنسان على مر العصور".

وتضيف كلمة بيت الشعر في المغرب أن "في هذه الازمنة الشديدة القسوة والهشاشة، أزمنة اغتراب الروح والجسد واللغة، أزمنة الفضاء الرقمي والعولمة الكاسحة، لم يزد الشعر إلا انغراسا في فرادته كشكل من اشكال التعبير العصية عن كل محاولات الاختزال والتنميط ، مازال الشعر نافذة الابدية الاشد خفاء، التي لايفتحها الا المنذورون للرؤية الأخرى، مازال كما كان منذ البدء ملامسة رهيفة وفعالة لهذا السر الملغز الذي هو العالم، وجوابا فكريا عميقا عن سؤال الوجود، لذلك مهما شك بنا العصر، وانفلت المعنى، ستظل القصيدة دائما ملاذنا الدافئ الرؤوم".

إن الشعر هو اللغة التي تمنح النفس آفاق الانعتاق من سلطة الآخر وسلطة الزمن والممكن واللاممكن، إنه بكل بساطة ذلك القبس النوراني الذي يرقى بالنفس عن كل ما هو مادي ليلفها بتراتيل وجودية وانسانية.

وإذا كان لهذه الاحتفالية الشعرية السنوية أكثر من دلالة ومغزى للتأكيد على ان مهمة الشاعر هي إبداع رموزه الخاصة انطلاقا من حريته وقناعاته وشكوكه وآماله وطرحها على العالم كما هو، ليس بقصد إقناعه، بل بهدف اقلاعه وخلخلة مسلماته، فإن التفاعل معها يتباين في عيون الشعراء أنفسهم.

فما جدوى الشعر في زمن المصادرة والاحتكار وحسبان المصالح واحتقار القيم الفكرية والفنية والأخلاقية؟ وهل تستطيع القصيدة تغيير وجهة هذا العالم قبل الهاوية؟ سؤال ربما يطرحه الكثيرون وإن كان الأكيد أن للقصيدة تركيبة سحرية، كما يقول الشاعر المغربي محمد الميموني، تستطيع تحريك آلية التغيير في أعماق الفرد.

يقول الشاعر الفلسطيني غازي الذيبة "كشعراء، هل لنا أن نضيء هذه الاحتفالية بقصائدنا عن عطر الحياة وألقها، فيما تمزق أرواحنا أشلاء أشلاء في يوم الشعر
ليس لنا إلا أن ننظر إلى الأفق العربي الذي تتفاعل فيه كل الأغبرة الذرية والانقسامات، وكل ما يحبط الروح، في أرجائنا، لا يبعث على القصيدة، كأن الشعر يهرب، ودم الفلسطينيين يسيل، وكأن الشعر يسال، ودم العراقيين ينهض في خيبتنا كأمة منهزمة، مسكونة بالفجيعة.

ما الذي يمكن لحياة مثل حياتنا أن نقوله في يوم كهذا؟ أنا أحتفل بالشعر يوميا، ولكني هذه الأيام لم أعد قادرا على أن أكون شاعرا، وربما هذه حالة شعرية، تتطلبها لحظة من هذا النوع المريب للحياة.

في كل الأحوال، هذا يوم يأتي في سنة مريرة علينا، كان له أن يأتي في وقت آخر، نستطيع عبره تأمل أزهار الخوخ في بساتين لوعاتنا".

أما الشاعر الأردني علي العامري فيقول : "ربما هي مصادفة بليغة تمثلت في تزامن يوم الشعر مع يوم الأم، كما لو أن ثمة رسالة خفية مثل برق في قميص عابر، تتبدى من التقاء الأم والقصيدة في يوم واحد.

وفي هذه أيضا إشارة إلى أن أمهاتنا الطيبات هن الشاعرات، وما نحن إلا نقطة أبجدية في مراياهن، أو كأننا قصائد أمهاتنا اللواتي يحرسننا بدعواتهن الرحيمة أينما توجهنا
تبدو الكتابة بالنسبة لي كما لو أنها علاج للوجود المصاب بصداع دائم، وهي علاج لأرواحنا المتعبة.

أكتب لأن الكتابة تحمي طفولتي من الجفاف وتحرسها، حيث تحقق الكتابة توازنا مؤقتا للذات في علاقتها مع الوجود، لكن سرعان ما تطيح وعول القلق والأسئلة بهذا التوازن، وتعود الروح إلى الاشتباك مجددا مع الحياة".

ويستحضر الشاعر السعودي محمد حبيبي آلاف الصور، مئات الأسماء ومئات الأحداث
تاريخ الشعر المرتبط بتاريخ الإنسان مسيرة الشعر بالإنسان، في الحرب والسلم، في الحب والحزن، كمّا من البؤساء ممن ارتبطوا بالشعر اختيارا، ولم يقابلوا في حيواتهم سوى بالجمود والنكران، والفقر والتشرد، والنفي والإعدام.




تابعونا على فيسبوك