بحضور أكثر من 90 باحثا

ندوة دولية في تونس تناقش فكر ابن خلدون وثقافته

الخميس 16 مارس 2006 - 11:10

تحتضن تونس الى غاية نهاية الاسبوع الجاري ندوة علمية دولية بحضور أكثر من 90 خبيرا من مختلف الدول العربية والأجنبية لمناقشة فكر العلامة العربي عبد الرحمن بن خلدون صاحب كتاب (المقدمة) الشهير.

وقال وزير الثقافة التونسي محمد العزيز بن عاشور ان فكر ابن خلدون يكتسب بعدا رمزيا معرفيا حضاريا لروح الثقافة التونسية والعربية والفكر الإنساني حسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا".

وأضاف بن عاشور في افتتاح الندوة العلمية الدولية حول (ابن خلدون ومنابع الحداثة) المنظمة بمناسبة مرور 600 سنة على وفاة ابن خلدون أن البعد الرمزي يتمثل في أن الفكر الخلدوني يعبر عن روح الثقافة التونسية المتمسكة بالتجديد والابتكار واعتماد منهجية علمية في تحليل التحولات الاجتماعية والتفاعل معها بأسلوب وسطي معتدل يوفق بين عمق الأصالة ومقتضيات الزمان وتغيراته.

ورأى أن البعد المعرفي يتجلى في أن فكر ابن خلدون ما زال حاضرا ومؤثرا شرقا وغربا لأنه فكر أصيل ارتبط بمشاكل عصره وانبثق من خصوصيات مجتمعه ورصيده الحضاري والتاريخي.

وأشار إلى أن ابن خلدون عاش التقلبات التي شهدها المجتمع العربي الإسلامي من مواقع مختلفة كمثقف ومؤرخ ورجل سياسة واطلع على أحوال الفئات الاجتماعية وخبر حياة القصور والحاشية وعرف أسلوب معيشتهم وقضى جانبا من حياته بين القبائل وعاش أطوارا عجيبة متناقضة كان فيها على دفة السلطة حينا ومتغربا أو معتكفا أحيانا أخرى
وتناول ابن عاشور البعد الحضاري الإنساني من خلال ثراء تجربة ابن خلدون السياسية والفكرية "التي ألهمت بعده العديد من المفكرين وأهل السياسة والإصلاح خاصة في ما يتصل بنظريته التاريخية التي اسست لعلم جديد يعتبر أن التاريخ في باطنه نظر وتحقيق ومثلت منعرجا (ايبستيمولوجيا) مهما في مسيرة الفكر الإنساني وحدثا تاريخيا عند ظهورها".

وذكر أن "إشعاع الفكر الخلدوني لم يتوقف عند حدود محيطه العربي الإسلامي بل اندمج في المعرفة الكونية وخاصة ما اتصل منها بالمنحى العقلاني والوضعي ورغم اختلاف السياقات التاريخية والأصول النظرية فقد كان له الفضل في تشكيل بعض جوانب الفكر الغربي وفي مقدمتها مبادئ علم الاجتماع الحديث".

ومن جهته قال رئيس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) عبد الوهاب بوحديبة أن الندوة "تعد تكريما لشخصية ابن خلدون وكتاباته ولمكانة تونس التي انجبته واحتضنته والتي تسعى إلى الاضطلاع برسالته متخذة من العلم والعقل مصدر الهام جاعلة من منهجه طريقا لا لفهم الماضي فحسب بل لبناء الحاضر بناء يقوم على العمل الإيجابي والتوازن الاجتماعي والتفتح وضمان أسباب الكرامة والعزة".

وأكد المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) المنجي بوسنينة ان عنوان الندوة "يستجيب لحاجة الأمة العربية لما يقتضيه العصر ويفرضه من ضرورات التحولات الشاملة العميقة المتسارعة التي لا تختلف عن المرحلة التي عاشها ابن خلدون وأشار اليها في مقدمته".

وأشار بوسنينة إلى أن دعوة ابن خلدون للإصلاح والتجديد ماانفكت الحركات الإصلاحية العربية والإسلامية تستند إليها في العودة إلى المنهج العقلاني الذي يحدد التعامل مع الظواهر الإنسانية.

وبدوره قال ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) وأن الرمزية التي يمثلها ابن خلدون تكمن في القيم الحضارية والمضامين الفكرية التي كان عنوانا لها وكان تراثه وما يزال معرضا حيا لتفاعلها مع الحياة برغم تغير الخارطة واختلاف الأجيال
وأكد ان الملتقى يشكل مناسبة للاحتفاء باحد اعلام الحضارة الإسلامية وايمانا بان الاعتزاز بصانعي التاريخ ما هو الا اذكاء لروح الوفاء في نفوس الاجيال الجديدة وإبراز لحياة النماذج الصالحة للاقتداء بها.

وألقى المؤرخ المغربي عبد السلام الشدادي محاضرة بعنوان (لماذا يبدو لنا ابن خلدون عصريا الى هذا الحد) تناول فيها أبرز محطات حياته واهم السمات التي ميزتها مؤلفاته
وأوضح الشدادي ان القيم التي دعا اليها تتصل أساسا بالعقلانية والجرأة واستقلالية الرأي والبحث عن التجديد والانفتاح على تجارب الاخرين في شتى مجالات العلم والمعرفة.

وقد أقيم على هامش الندوة معرض بعنوان (من مقولات ابن خلدون) نظمته وزارة الثقافة والاعلام السعودية ضم 30 لوحة من انجاز مجموعة خطاطين سعوديين وغرست شجرة (العلم) تحية لابن خلدون ووزعت جوائز على ثلاثة فائزين بالمسابقة المدرسية الوطنية الخاصة بأحسن مقال حول المنهج النقدي لابن خلدون.

وسوف تتناول الندوة التي تستمر أعمالها حتى نهاية هذا الاسبوع الجاري عدة محاور تلقي الضوء على حياة ابن خلدون وعصره ومنهجه ومصادره وابعاد علم العمران عنده ومصير تراثه ورسالته وتصوفه وفلسفته.

ويشارك في الندوة أكثر من 90 باحثا من تونس والمغرب والجزائر والسعودية وسوريا ولبنان والبحرين والعراق وإيران ومصر والمانيا وكندا وانجلترا والولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال.




تابعونا على فيسبوك