ىسجل القضاء المغربي في سنة 2024 نتائج قياسية في مجال الإنجاز القضائي، حيث تمكن القضاة من البت في أكثر من 4.4 ملايين قضية، مسجلين نسبة إنجاز غير مسبوقة، وفق ما كشفه محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، خلال افتتاح السنة القضائية 2025، إذ بلغت 103 في المائة.
محكمة النقض قدمت بدورها أداء متميزا بإصدار قرارات تتجاوز الأرقام المسجلة. في السياق ذاته، أطلق المجلس الأعلى للسلطة القضائية مبادرات مهمة لتسريع الانتقال الرقمي وتخليق الحياة القضائية. كما سجلت النيابات العامة بمحاكم المملكة تقدما كبيرا في معالجة المحاضر والشكايات، كما جاء على لسان مولاي الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، خلال الافتتاح ذاته، مسجلا انخفاظا ملحوظا في نسبة الاعتقال الاحتياطي.
إنجاز قياسي وتقليص المخلفات
سجلت محاكم المملكة، خلال سنة 2024، ما مجموعه 4.330.994 ملفا جديدا، بت القضاة في 4.466.727 قضية منها، أي بنسبة 103 في المائة من القضايا المسجلة، وبنسبة 88,5 في المائة من مجموع القضايا الرائجة.
وقال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، والرئيس الأول لمحكمة النقض، إن النسب المذكورة تسجل وتدرك لأول مرة، رغم التعثر الذي عرفته المحاكم في ممارسة مهامها بسبب بعض الاحتجاجات الاجتماعية لموظفي كتابة الضبط وبعض المهن القضائية الأخرى.
وأضاف عبد النباوي، في كلمته، خلال افتتاح السنة القضائية الجديدة لسنة 2025، أول أمس الأربعاء، بمقر المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالرباط، أن من مجموع القضايا الرائجة الذي ناهز هذه السنة 5.052.086 فإن عدد القضايا التي تخلفت هو 577.851 قضية، أي أن المخلف قد تقلص بـ142.760 قضية.
محكمة النقض ..ريادة في الأداء
وقال الرئيس المنتدب إن محكمة النقض تمكنت كذلك خلال سنة 2024 من إصدار قرارات في 52.904 ملف، وهو ما يمثل نسبة 109 في المائة من عدد القضايا المسجلة خلال السنة، والذي بلغ 48.210 قضية جديدة.
وبذلك، يوضح الرئيس المنتدب، أن المستشارين بالمحكمة تمكنوا من التقليص من المخلف بـ 4.698 قضية، أي بنسبة 9 في المائة، بحيث انخفض المخلف من 51.247 ملفا في نهاية سنة 2023 إلى 46.549 ملفا في نهاية سنة 2024. وبلغ عدد القضايا المنقوضة 12.474 قرارا، يضيف عبد النباوي، أي بنسبة 23,6 في المائة من مجموع القرارات الصادرة عن المحكمة خلال السنة، مقابل 76,4 في المائة من القرارات التي صدرت فيها قرارات بالرفض أو عدم قبول النقض أو سقوط الطلب.
ونوه الرئيس المنتدب بمواصلة محكمة النقض خلال السنة المنصرمة، الاضطلاع بدورها التأطيري مما أسفر عن صدور قرارات شجاعة تؤطر العمل القضائي لمحاكم الموضوع بشأن تطبيقها للمقتضيات القانونية، مما يسهم في توحيد الاجتهاد وتحقيق الأمن القضائي.
وشدد الرئيس المنتدب، أيضا، على مواصلة المجلس نشر قرارات المحكمة المذكورة على موقعه الإلكتروني الرسمي بعنوان البوابة الإلكترونية للمملكة، والتي شرع في نشرها مجانا للعموم ابتداء من سنة 2022.
وتمكن خلال سنة 2024 من إضافة حوالي 12.000 قرار جديد إلى البوابة، ليصل عدد قرارات محكمة النقض المنشورة عبرها في نهاية 2024 إلى 36000 قرارا، بالإضافة إلى أكثر من 688 قرارا لمحاكم الاستئناف، و364 حكما لمحاكم الدرجة الأولى، منوها بوصول عدد الزيارات للبوابة الإلكترونية ما يقارب 13 مليون زائر من 130 دولة.
تنزيل متواصل للمخطط الاستراتيجي
من جهة أخرى، أبرز الرئيس المنتدب جهود المجلس الأعلى للسلطة القضائية في مواصلة تنزيل محاور مخططه الاستراتيجي، حيث عمل المجلس على تتبع تنفيذ مقرره المتعلق بالآجال الاسترشادية المرتبطة بالمقتضى الدستوري المتعلق بالآجال المعقولة لبت المحاكم في النزاعات، والذي تم اعتماده بناء على مقاربة تشاركية، حيث سجل المجلس معدل التزام محاكم الموضوع بالأجل الاسترشادي، الذي بلغ نسبة 72 بالمائة في القضايا المدنية والعقارية والاجتماعية، و75 بالمائة في القضايا الزجرية، و77.50 بالمائة في القضايا التجارية.
رقمنة المحاكم ضمن المخطط
كما أشار الرئيس المنتدب إلى شروع المجلس بتعاون وتنسيق مع وزارة العدل في تنزيل بعض فقرات مخطط الانتقال الرقمي للمحاكم.
ويتم خلال المرحلة الراهنة التحضير لتطبيق برمجية تتعلق بطباعة الأحكام من طرف القضاة وتوقيعها إلكترونيا لتسهيل تداولها وتوزيعها، فضلا عن تطوير القطب المكلف بتدبير الأنظمة المعلوماتية بالمجلس عدة برمجيات ساعدت المجلس على حسن القيام بمهامه المتعلقة بتدبير الوضعيات المهنية للقضاة، والتي يجري تطويرها لأجل تحقيق منظومة رقمية شاملة في هذا المجال.
تعزيز لتخليق الحياة العامة
وأكد الرئيس المنتدب مواصلة المجلس دراسة الوضعيات الاجتماعية والمهنية للقضاة، وسعيه إلى تحسينها، واهتمامه بنفس المستوى بتخليق المنظومة القضائية، وينهج في سبيل ذلك مقاربات متنوعة انطلاقا من مقاربة التحسيس والتأطير، التي تقوم بها بكثير من الفعالية لجنة الأخلاقيات بالمجلس ومستشاري الأخلاقيات، عن طريق ندوات علمية ولقاءات مباشرة بمقار المحاكم ودروس لفائدة الملحقين القضائيين.
النيابات العامة ..طفرة في الأداء
من جانبه، نوه مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، بالجهود التي قام بها قضاة النيابات العامة وأطرها لدى محاكم المملكة، والتي أثمرت نتائجَ متميزة طَبَعَتْها مقومات الجدية والتفاني في أداء الواجب الوطني، والفعالية الصادقة في تكريس العدالة الناجزة وإيصال الحقوق لأصحابها داخل الآجال المعقولة، هذه المجهودات التي تترجمها النتائج المسجلة على مستوى مختلف درجات النيابة العامة خلال سنة 2024.
وأبرز الوكيل العام للملك تقديم قضاة النيابة العامة لدى محكمة النقض مستنتجات كتابية في مجموع القضايا المحكومة بمعدل سنوي يقدر بـ1017 مذكرة لكل محام عام، فضلا عن القضايا التي يتم عرضها حصريا من قبل النيابة العامة على أنظار غرف محكمة النقض وتتمثل في طلبات إعادة النظر في القرارات الصادرة عن محكمة النقض (55 طلبا)، وطلبات المراجعة (67 طلب)، وطلبات التسليم (63 طلبا).
وعلى مستوى باقي أنشطة النيابة العامة لدى محكمة النقض سجل الوكيل العام لدى محاكمة النقض تقديم ما مجموعه 154 طلبا بخصوص المساعدة القضائية، و28 من طلبات الإحالة من أجل حسن سير العدالة، و07 طعون بالنقض لفائدة القانون، كما قامت شعبة الشكايات بدراسة ما مجموعة 1103 شكاية واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنها.
أما على مستوى المحاضر الرائجة أمام النيابات العامة، فبلغ عددها خلال سنة 2024 ما مجموعه 2.324.109 محضرا، أنجز منها 2.179.746 محضرا أي بنسبة إنجاز بلغت 94 في المائة، (وتتوزع هذه المحاضر بين محاكم الاستئناف التي سُجِّل بها 80.697 محضرا أنجز منها 73.484 أي بنسبة فاقت 91 في المائة، بينما وصل عدد المحاضر الرائجة أمام المحاكم الابتدائية 2.243.412 أنجز منها 2.106.262 محضرا بنسبة إنجاز قاربت 94 في المائة).
كما سجلت النيابة العامة حوالي 1.812.206 محضرا إلكترونيا يتعلق بمخالفات السير تم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنها.
وأضاف أن إحصائيات سنة 2024 تشير إلى تسجيل النيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة ما مجموعه 565874 شكاية أنجز منها 484066 شكاية، أي بنسبة إنجاز بلغت 88 في المائة.
وتوزعت هذه الشكايات بين 31664 شكاية أمام محاكم الاستئناف صٌفِّيَت منها 28594 بما نسبته 91 في المائة، بينما بلغ عدد الشكايات أمام المحاكم الابتدائية 534210 شكاية صٌفِّيَت منها 455.472 شكاية أي بنسبة 86 في المائة.
وأبرز الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أن عدد المحاضر الرائجة أمام النيابات العامة، بلغ خلال سنة 2024 ما مجموعه 2.324.109 محضرا، أنجز منها 2.179.746 محضرا أي بنسبة إنجاز بلغت 94 في المائة، (وتتوزع هذه المحاضر بين محاكم الاستئناف التي سُجِّل بها 80.697 محضراً أنجز منها 73.484 أي بنسبة فاقت 91 %، بينما وصل عدد المحاضر الرائجة أمام المحاكم الابتدائية 2.243.412 أنجز منها 2.106.262 محضرا بنسبة إنجاز قاربت 94 في المائة).
كما سجلت النيابة العامة حوالي 1.812.206 محضرا إلكترونيا يتعلق بمخالفات السير تم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنها.
ترشيد متواصل للاعتقال الاحتياطي
وأكد رئيس النيابة العامة أن نسبة الاعتقال الاحتياطي بلغت إلى غاية نهاية شهر دجنبر 2024 حوالي 32.56 في المائة، وهي نسبة غير مسبوقة، مقابل نسبة 37.56 في المائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، مما يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه السلطة القضائية لموضوع ترشيد الاعتقال الاحتياطي، والبت في قضايا المعتقلين في آجال معقولة.
وسجلت النيابات العامة على مستوى مختلف محاكم المملكة ما مجموعه 22137 زيارة إلى الأماكن المخصصة للحراسة النظرية، من أصل 19032، أي بنسبة 116 في المائة، و177 زيارة لمختلف المؤسسات العلاجية للأمراض العقلية والنفسية، من أصل 136 زيارة مفترضة، أي بنسبة تقدر بـ130 في المائة.
تعزيز حماية الفئات الهشة
وعلى مستوى تعزيز الحماية لبعض الفئات الهشة، أكد المسؤول القضائي أن النيابات العامة قامت بمعالجة حوالي 84.822 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء توبع بشأنها ما يناهز 21.898 شخصا وفتح لهم 17.822 ملفا، كما ساهمت في التعبئة القوية لإعادة إدماج المنقطعين عن الدراسة إذ بلغ عدد الأطفال المسترجعين برسم الموسم الدراسي 2023-2024 ما مجموعه 71.662 تلميذا وتلميذة، شكلت نسبة الفتيات منهم 38 في المائة.
إحالة 12 تقريرا لمجلس الحسابات
وعلى مستوى تخليق الحياة العامة سجلت رئاسة النيابة العامة ضبط 61 مشتبها فيه في حالة تلبس بالرشوة سنة 2024، عبر آلية الخط المباشر، كما توصلت بـ(12) تقريرا من المجلس الأعلى للحسابات، تمت احالتها على النيابات العامة المختصة قصد فتح الأبحاث اللازمة بشأنها، كما تم تسجيل 801 قضية على مستوى المحاكم الابتدائية الأربع المختصة في مكافحة جرائم غسل الأموال والجرائم المرتبطة بها.
وبعد الإعلان عن افتتاح السنة القضائية 2025، أعطى الرئيس المنتدب الإشارة للرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف بافتتاح السنة القضائية بدوائر المحاكم التي يرأسونها وفقا لمقتضيات المادة 8 من قانون التنظيم القضائي.
مذكرات تفاهم وتكريم قضائي
على هامش افتتاح السنة القضائية، جرى توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب والمجلس الأعلى للقضاء ببلجيكا. كما تم توزيع أوسمة ملكية على عدد من القضاة، اعترافا بجهودهم في تعزيز صرح العدالة.
آفاق مستقبلية
أكد عبد النباوي والداكي التزام المؤسستين بتطوير منظومة العدالة لتحقيق المزيد من الإنجازات، وتعزيز الثقة في القضاء، والمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة