وسط زخم التحديات اليومية التي تواجه سكان جهة الدار البيضاء-سطات، من النقل إلى مشاكل البيئة والسكن، تبرز تساؤلات ملحة: كيف يمكن لهذه الجهة، التي تُعد قلب الاقتصاد المغربي، أن تحقق تطلعات سكانها؟ وهل يمكن أن تتحول هذه التحديات إلى فرص حقيقية تُغير واقعهم؟
في حوار خاص لصحيفة "لوماتان"، يعترف عبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس جهة الدار البيضاء-سطات، بحجم هذه التحديات، لكنه يرى فيها الوجه الآخر لفرص يمكن اقتناصها إذا توفرت الإرادة والرؤية الواضحة.
واعتبر معزوز الجهة من أكثر المناطق جذباً للاستثمارات بفضل بنية تحتية متطورة، ولكن ذلك لا يخفي العديد من التحديات التي تحتاج إلى مواجهة فعالة، خاصة في ظل الظروف الراهنة.
أولاً، تحدي المياه
من أبرز التحديات التي طرحها معزوز، هو الإجهاد المائي الذي تواجهه الجهة في وقت تزايد فيه الطلب على الماء بسبب قلة الأمطار. فالجهة تعتبر من أكثر المناطق التي تعاني من نقص المياه، مما يستدعي إدارة فعالة للموارد المائية. ومع الجفاف المستمر، أصبح من الضروري الاستثمار في تقنيات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام المياه العادمة للري. وأضاف معزوز أن هناك مشروعات كبيرة مثل محطة تحلية المياه في الدار البيضاء التي ستسهم في توفير مياه الشرب للعديد من المدن المحيطة. لكن التحدي يبقى كبيراً مع تزايد الطلب.
ثانياً، تحدي التلوث
التلوث البيئي يشكل تحدياً آخر، خاصة أن الدار البيضاء-سطات تعتبر أكبر مصدر للغازات الدفيئة في المملكة، بسبب تركيز الصناعات الثقيلة والقطاعين الزراعي والصناعي. ولخفض التأثير البيئي، قررت الجهة وقف استقبال الصناعات الملوثة، كما يتم العمل على تحديث العمليات الصناعية لتقليل انبعاثات الكربون. ولفت معزوز إلى أنه رغم الجهود، ما زالت الجهة بحاجة إلى المزيد من المساحات الخضراء وتحسين البيئة الحضرية.
ثالثاً، التوظيف
في سياق التحديات الاقتصادية، يواجه سكان الجهة أزمة في توفر فرص العمل. فمع معدلات البطالة المرتفعة، وكون الجهة تستقطب الباحثين عن فرص عمل من مختلف أنحاء المغرب والقارة الإفريقية، أصبح من الضروري توفير بيئة ملائمة لتشجيع الاستثمارات في مجالات متعددة مثل التكنولوجيا، الصحة، والصناعات الغذائية. كما تعمل الجهة على إنشاء مناطق اقتصادية لتخفيف العبء عن المواطنين عبر توفير أراضٍ بأسعار معقولة.
رابعاً، التنقل والمواصلات
أخيراً، وفي ظل النمو السريع للمدن الكبرى، يتعين على الجهة تحسين شبكة النقل والمواصلات لتسهيل حركة المواطنين بين مختلف المدن. ويركز المجلس الجهوي، بحسب عبد اللطيف معزوز، على تحسين وسائل النقل العام مثل القطار الجهوي، والترامواي، والباصواي السريع، بهدف تقليل الازدحام المروري وتوفير وسائل نقل مستدامة.
وخلص رئيس جهة الدارالبيضاء سطات إلى أن الجهة لا تقتصر على التحديات التي تواجهها فحسب، بل هي أيضاً مليئة بالفرص التي يجب استغلالها بشكل مستدام، خصوصاً في مجالات مثل التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر. وبالتعاون مع مختلف الشركاء المحليين والدوليين، تأمل الجهة في التغلب على هذه التحديات لصالح مواطنيها، الذين بات عددهم، وفق إحصاء 2024، يتجاوز 7.6 ملايين نسمة.
نظرة إلى المستقبل: 2030 وما بعدها
مع اقتراب تنظيم كأس العالم 2030، تلوح في الأفق فرصة ذهبية لتسليط الضوء على إمكانيات جهة الدار البيضاء-سطات. يقول معزوز "هذا الحدث هو فرصة لرفع مستوى البنية التحتية، وتعزيز السياحة، وفتح أبواب التعاون الدولي".
لكن الأهم، من وجهة نظره، هو أن يجد المواطن العادي أثر هذه التغيرات في حياته اليومية، من مواصلات تحترم وقتهم، إلى هواء نقي ينعش يومهم، وفرص عمل تُعيد الأمل للشباب.