رحلة الملابس المستعملة.. مخاطر على البيئة والمجتمعات من إسبانيا إلى إفريقيا وآسيا

الصحراء المغربية
الجمعة 29 نونبر 2024 - 13:41

في دراسة جديدة أجرتها منظمة "غرينبيس" الإسبانية، تم الكشف عن أن الملابس المستعملة التي يتم التبرع بها في إسبانيا تقطع مسافة متوسطة قدرها 9.000 كيلومتر قبل أن تنتهي مصيرها في العديد من الأحيان في المكبات في إفريقيا أو آسيا. الدراسة، التي تم إطلاقها بالتزامن مع موسم "البلاك فرايدي"، ونشرت مقاطع منها صحيفة "إل ديباطي" الإسبانية، تسلط الضوء على الآثار السلبية للاستهلاك المفرط الذي تروج له التخفيضات الكبرى، والتي تحقق أرباحًا قليلة للبعض، بينما تخلق مشاكل بيئية واجتماعية خطيرة على مستوى العالم.

في صيف عام 2023، قامت "غرينبيس" بتثبيت أجهزة تتبع على 29 قطعة ملابس تم جمعها من حاويات التبرعات في إسبانيا. ومن بين هذه الملابس، تم تتبع 23 قطعة فقط، التي قطعت مسافة تزيد عن 205,121 كيلومترًا خلال 15 شهرًا، وهو ما يعادل خمس مرات حول العالم. المفاجأة كانت في أن معظم هذه الملابس، بدلاً من أن يتم إعادة استخدامها داخل إسبانيا، تم تصديرها إلى دول أخرى مثل باكستان، والمغرب، والكاميرون، وتوغو، وغانا. حيث تبين أن 92% من الملابس التي تم تتبعها كانت قد غادرت إسبانيا، وتم توزيعها عبر 11 دولة في أربع قارات.

129,705 طن من النفايات النسيجية

في عام 2023، أفادت البيانات الصادرة عن وكالة الضرائب الإسبانية أن إسبانيا صدرت حوالي 129,705 طن من النفايات النسيجية، 92% منها كانت ملابس مستعملة. وقد وثقت "غرينبيس" كيف أن جزءًا كبيرًا من هذه الملابس ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، سواء القانونية أو غير القانونية، أو يتم حرقها في دول أفريقية وآسيوية. وتؤكد المنظمة أن قطاع صناعة الملابس لا يمتلك القدرة على إدارة هذا الكم الكبير من المواد، حيث يتم جمع 4% فقط من الملابس المستعملة في إسبانيا بشكل انتقائي.

وفي ما يتعلق بالأثر البيئي، فإن صناعة الموضة تساهم بنسبة 10% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، ويولد النقل الجوي لملابس "الفاست فاشن" حوالي 16 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. كما أن إنتاج قميص قطني واحد يستهلك 2,700 لتر من الماء، بينما يحتاج تصنيع جينز واحد إلى 7,500 لتر. وتعد تلوث المياه من أكبر المشكلات أيضًا، حيث تساهم الأصباغ والطباعة السامة في توليد 20% من المياه العادمة في العالم.
أما على الصعيد الاجتماعي، فإن الأوضاع في بعض الدول مثل بنغلاديش، التي تمثل صناعة النسيج فيها 20% من الناتج المحلي الإجمالي، فهي لا تقل سوءًا. حيث يعيش العديد من العمال في فقر مدقع، ولا يحصلون على ما يكفي من الطعام، رغم عملهم في هذا القطاع الحيوي. كما أن 1% فقط من الملابس الملقاة في المكبات يتم إعادة تدويرها لإنتاج ملابس جديدة، مما يزيد من مشكلة هدر الموارد.
هذا النموذج التجاري، الذي يعتمد على شراء الملابس واستهلاكها بسرعة ثم التخلص منها، قد تخطى حدود قدرة كوكب الأرض على تحمله. ولذلك، تدعو "غرينبيس" إلى تقليص الاستهلاك والحد من المشتريات غير الضرورية، مشيرة إلى أن الحلول تتطلب تغييرات هيكلية في الصناعة وتنظيمات حكومية صارمة.

المغرب سوق رئيسي للملابس المستعملة

بالنسبة للمغرب، الذي يعتبر سوقًا رئيسيًا في هذه التجارة، تكمن النقطة الحساسة في أن الكثير من هذه الملابس المستعملة قد تصل إلى أسواقنا وتساهم في تلوث بيئتنا، بينما لا يتم التعامل مع النفايات النسيجية بشكل فعال. كما أن هذه التجارة تؤثر على الاقتصاد المحلي والمجتمعات، حيث يعتمدها العديد من الأشخاص على إعادة بيع هذه الملابس المستعملة كمصدر رزق وحيد يعيلون به أسرهم، من هنا، فإن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب حلولًا بيئية واجتماعية عادلة تتضمن رقابة على تصدير الملابس المستعملة، مع توفير برامج إعادة التدوير وتحفيز الصناعة المحلية.




تابعونا على فيسبوك