منتدى "ميدايز" .. إشادة بالاعترافات الدولية المتتالية بمغربية الصحراء

الصحراء المغربية
الخميس 28 نونبر 2024 - 23:50
تصوير: حسن سرادني

في سياق الدعم الدولي المتزايد لمخطط الحكم الذاتي باعتباره الحل الجدي والواقعي وذي المصداقية لإنهاء النزاع المفتعل، شكل منتدى "ميدايز" في نسخته الـ 16 مناسبة جديدة للإشادة بالاعترافات الدولية المتتالية بمغربية الصحراء، خلال انطلاق فعاليات هذا الحدث الكبير، الأربعاء بطنجة، الذي حضر جلسته الافتتاحية رؤساء دول وحكومات وصناع القرار السياسي.

 

فضمن كلمات نوهت بالتطور والدينامية التي تشهدها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أكد عثمان غزالي، رئيس جمهورية القمر الاتحادية، على موقف بلاده الداعم لوحدة المغرب وسيادته على أقاليمه الجنوبية.
وقال عثمان غزالي، بهذا الخصوص، "جزر القمر الذي دعم دائما الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على الصحراء، يبدي ارتياحه لاعتراف القوى العالمية الكبرى، وآخرها فرنسا، بهذه السيادة التي عبر عنها الرئيس إيمانويل ماكرون أمام البرلمان المغربي".
وافتتحت هذه الدورة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بكلمة لإبراهيم الفاسي الفهري، رئيس معهد "أماديوس"، الذي تناول موضوع "سيادات وقدرات الصمود: نحو توازن عالمي جديد"، وهو الشعار الذي اختير لهذه النسخة من المنتدى.
وفي حديثه عن السيادة، أشار إبراهيم الفاسي الفهري إلى أنها "روح كل أمة تطالب باحترام خصوصيتها ومسارها، بعيدا عن الرؤى والمبادئ المفروضة"، مبرزا أن القدرة على الصمود هي شجاعة الوقوف للتعلم وإعادة اكتشاف الذات والعثور ضمن المحن على أرض خصبة للنهوض من جديد، باختصار، يتعلق الأمر بتغيير الأزمات لاستنباط الفرص".

 


وذكر رئيس معهد "أماديوس" أن السيادة والمرونة كلمات تبدو سهلة الإدراك، لكنها تنطوي على إرادة الشعوب لبناء مصيرها بيدها، وقدرتها على الإصلاح الذاتي والتقدم، مضيفا أن السيادة "ليست مسألة حدود ولكنها قدرة كل أمة على اتخاذ قراراتها بنفسها واختيار تحالفاتها وبناء مستقبلها دون الاعتماد على إرادة الدول الأخرى".
وعن احتضان طنجة لهذا الحدث الدولي، أشار إلى أنها بوابة الجنوب والجسر بين العالمين، مبرزا بأن المدينة "تجمعنا في محاولة لفهم تحديات اليوم، بل أيضا في محاولة لحلها معا بالقوة والجرأة اللتين تحركاننا".
وبين أن موضوع هذه الدورة "سيادات وقدرات الصمود: نحو توازن عالمي جديد" هو عهد وعمل يحركه الإيمان بقدرة الأمم على رسم سبلها الخاصة لرفع التحديات بكرامة، وكذلك لبناء الجسور بين الشعوب لتحويل الرهانات إلى أمل جماعي.
ويهدف المنتدى، المنظم هذه السنة بمشاركة 250 متحدثا رفيع المستوى، إلى تعميق النقاش القاري والعالمي حول تعزيز السيادات الوطنية والإقليمية (مؤسساتية وسياسية وترابية وأمنية واقتصادية وغذائية وطاقية وصحية) وبناء صمود مشترك، للاستجابة للأزمات العالمية المتعددة.

 



تعاون واحترام وتضامن

في مشاركته في النقاش حول موضوع الدورة، قال رئيس جمهورية القمر الاتحادية إنه يشكل فرصة لبحث التحديات التي يواجهها العالم قاطبة، والقارة الإفريقية بوجه خاص، سيما تلك المتعلقة بالجيوسياسية الحالية المتسمة بالتوترات المتزايدة واضطراب النظام الدولي، مشددا على ضرورة البحث عن حلول عاجلة لتمكين البلدان من مواجهة الصدمات والأزمات وحفظ السلام والأمن والاستقرار بالعالم.
وأضاف عثمان غزالي أن "الصمود الذي نحتاجه اليوم هو الذي يمكن بلداننا من التكيف وتجاوز التحديات والحفاظ على سيادتها التي كثيرا ما تصبح على المحك بسبب الاضطرابات التي تهز إفريقيا التي تواجه رهانات داخلية وخارجية".
ونوه بأن المنتدى مناسبة لبدء التفكير في استراتيجيات مشتركة بين بلداننا لمواجهة هذا المشهد الجيوسياسي المتغير، معتبرا "من واجبنا رسم معالم المستقبل حيث يتعين حفظ سيادة الدول، وحيث التحديات العالمية تعالج بطريقة تعاونية وبناءة وإيجابية".
ولدى تناولها الكلمة، جددت الوزيرة الأولى لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوديث سومينوا تولوكا، التأكيد على أن العلاقات بين بلدها والمملكة المغربية، التي تقوم على الروابط الأخوية وقيم التعاون المشتركة والاحترام المتبادل والتضامن، ما فتئت تتعزز، فاسحة المجال أمام آفاق جديدة للتعاون في عدد من المجالات، من أجل بناء مستقبل أفضل للشعبين، مبرزة أن منتدى "ميدايز" صار، على مر السنوات، ملتقى محوريا للتفكير في القضايا العالمية الكبرى التي نواجهها، والتي تتطلب ردودا جريئة ومبتكرة.
وذكرت جوديث سومينوا تولوكا أن السيادة مرتبطة بشكل وثيق بالقدرة على تلبية الحاجات الملحة للبلدان، مستعرضة، في هذا الصدد، الركائز الأساسية الثلاثة للسيادة.
وتتعلق، بحسب الوزيرة الأولى لجمهورية الكونغو الديمقراطية، بالسيادة الغذائية والتنويع الطاقي والابتكار التكنولوجي، موضحة أن "الطريق نحو توازن عالمي جديد يرتكز بالأساس على قدرتنا على العمل معا وتوحيد قوانا وتقاسم المعارف والابتكار من أجل بناء مستقبل، حيث السيادة والمرونة ليسا فقط مجرد قيم مثالية، بل حقائق ملموسة بالنسبة لكل المواطنين".

 



إشادة بالالتزام الملكي بالتعاون جنوب – جنوب

بدوره، شدد الوزير الأول الغيني، أمادو أوري باه، على العلاقات العريقة بين جمهورية غينيا والمملكة المغربية، مشيدا برؤية والتزام صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالتعاون جنوب – جنوب.
وأكد أوري باه على أهمية موضوع هذه الدورة من المنتدى، التي تأتي في سياق حيث السلام أضحى مسعى للشعوب عبر العالم، متوقفا عند ضرورة إعادة التفكير في الدينامية الراهنة للأخذ بالاعتبار الوقائع الجديدة وتطوير شراكات استراتيجية، من أجل إرساء توازن جديد بين القوى الإقليمية.
وبهذا الخصوص، اعتبر أن السيادة الاقتصادية تتطلب تصنيعا شاملا من أجل صمود مستدام، مشيدا، في هذا السياق، بتجربة المغرب في مجال استغلال الفوسفاط مع عمله المتواصل على إحداث اقتصاد متنوع، وهو ما يشكل نموذجا يحتذى بالنسبة للبلدان الإفريقية.
أما الوزير الأول للجمهورية الديمقراطية لساو طومي وبرانسيبي، باتريس بروفادا، فقد أقر بجودة المتدخلين وأهمية المواضيع المثارة وكثافة المناقشة ضمن المنتدى، وهو ما سيمكن من استكشاف التحولات الجيوسياسية الحاصلة والتي تحتل فيها القارة الإفريقية مكانة خاصة، بفضل معدلاتها للنمو الاقتصادي والديموغرافي ومواردها الطبيعية ووزنها المتعاظم في الحكامة العالمية، مشيرا إلى أنه في مواجهة التحديات الراهنة، تعتبر القارة الإفريقية فاعلا مرنا يكتنز العديد من المؤهلات من شأنها بلورة مستقبل يكون فيه دورها أساسيا وليس معترفا به فقط.
وقال إنها "حقبة حيث القارة يجب أن تتحلى بالشجاعة وتغتنم الفرصة من أجل تحديد مكانتها في النظام العالمي"، مشددا على ضرورة عمل البلدان الإفريقية على تنويع شراكاتها التجارية وتقوية عملاتها المحلية واكتشاف آليات تمويل مبتكرة وطرق جديدة للمبادلات وتقوية التعاون الإقليمي وتمتين الأسواق الداخلية وعائداتها المالية، بهدف حماية اقتصادات البلدان الإفريقية من الصدمات الخارجية وإحداث إطار متين لتشجيع المرونة الاقتصادية الإفريقية.

 



طنجة.. اختيار مدروس

في كلمته، بالمناسبة، أكد عمر مورو، رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان- الحسيمة، على أهمية الموضوع المطروح للنقاش، مبديا يقينه بأن الخلاصات التي سيجري الخروج بها، باعتبار وزن الكفاءات والخبراء الذين جرت دعوتهم، ستكون دروسا يحتذى بها في الاتجاه الصحيح من أجل عالم أحسن.
وأبرز عمر مورو أن الربط في هذه الدروة بين السيادة وقدرات الصمود والتوازن العالمي الجديد والتركيز على منظور الاستثمار في إفريقيا كقوة لتحقيق التوازن المنشود فيه حكمة وذكاء كبيرين، مشيرا إلى أن "دروس التاريخ علمتنا أن الاستثمارات الاقتصادية المسؤولة كانت وستظل قوة رافعة للتعاون بين الشعوب والدول وسبيل لتقارب الحضارات ولتعزيز الروابط وتجاوز الخلافات من أجل تحقيق الاستقرار والسلام والاستدامة والعدالة".
وأوضح أن "الاستثمار المسؤول وحده كدبلوماسية اقتصادية قادر على تحقيق الاستدامة والصمود في إطار السيادة والاحترام المتبادل عوض الصراعات العسكرية"، مضيفا أن هذا النوع من الاستثمار "هو الذي لا يغفل الصحة والتعليم والبيئة لبناء أسس الاستدامة على أسس العدل والمساواة والاعتراف".
من جانبه، قال أكد رئيس مجلس جماعة طنجة، منير ليموري، إن اختيار مدينة طنجة لاحتضان الدورة السادسة عشرة لمنتدى "ميدايز" الدولي ليس مجرد اختيار عرضي، بل هو اختيار مدروس ومؤسس على مكانة المدينة كبوابة للتلاقي والانفتاح بين مختلف الثقافات والحضارات.
وأوضح أن المنتدى يمثل فرصة لتبادل الآراء وصياغة الحلول للتحديات المتزايدة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والبيئية التي يمر بها العالم، مشيرا إلى أهمية التركيز على بناء سياسات تعزز الصمود وتدعم التكامل الإقليمي والدولي.
وأضاف أن "الصمود الذي نحتاجه اليوم هو الذي يمكن بلداننا من التكيف وتجاوز التحديات والحفاظ على سيادتها التي كثيرا ما تصبح على المحك بسبب الاضطرابات التي تهز إفريقيا التي تواجه رهانات داخلية وخارجية".
ونوه بأن المنتدى مناسبة لبدء التفكير في استراتيجيات مشتركة بين بلداننا لمواجهة هذا المشهد الجيوسياسي المتغير، ليزيد على ذلك قائلا "من واجبنا رسم معالم المستقبل حيث يتعين حفظ سيادة الدول، وحيث التحديات العالمية تعالج بطريقة تعاونية وبناءة وإيجابية".

 




"ميدايز 2024".. في أرقام

تمتد الدورة السادسة عشرة لمنتدى "ميدايز" ما بين 27 و30 نونبر الجاري،. وتعرف إلى جانب مشاركة أكثر من 250 متحدثا رفيع المستوى، من بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع القرار السياسي، حائزون على جوائز نوبل، ورؤساء شركات دولية كبرى وشخصيات مؤثرة، أمام جمهور يفوق 6000 مشارك من أكثر من مائة دولة.
ويتناول المنتدى هذه السنة مجموعة واسعة من المواضيع الجيواستراتيجية، من خلال حوالي خمسين جلسة نقاش مبرمجة، مع إيلاء اهتمام خاص بالتحديات والفرص التي تواجه إفريقيا وبلدان الجنوب.
وتتميز هذه النسخة ببرمجة الدورة الثالثة لقمة (MEDays) للاستثمار (MIS) التي ستركز على النهوض بالاستثمارات في إفريقيا، لتؤكد بالتالي التزام المنتدى من أجل التنمية المستدامة والشاملة.
وهذه هي المرة الأولى التي ينعقد المنتدى بقصر الثقافة والفنون بمدينة طنجة (الكائن بشارع محمد السادس، كورنيش مالاباطا).
و"ميدايز" فرض نفسه منذ إحداثه في 2008، كأداة "للقوة الناعمة"، تعكس السياسة الخارجية الطموحة والاستباقية للمملكة والتي ترمز إليها رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حسب ما يؤكده المنظمون.
كما يوضحون أن علامة المنتدى ووزنه وتأثيره تعززوا مع مرور السنين، مما جعل من "منتدى الجنوب" ملتقى للتبادل غير الرسمي والمهم بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين رفيعي المستوى، وعزز مكانته كحدث عالمي رائد يحمل تطلعات البلدان الإفريقية وكذا بلدان الجنوب.

 

 

تصوير: حسن سرادني 




تابعونا على فيسبوك