زيد بلباجي: قوة العلاقة الفرنسية المغربية تكمن في قدرة الطرفين على تجاوز الأزمات

الصحراء المغربية
الجمعة 08 نونبر 2024 - 12:09

يرى زيد بلباجي، الخبير في الجغرافيا السياسية (الجيوسياسية)، أن التقارب بين باريس والرباط يصب في مصلحة البلدين ومطلب لشعبيهما.

 واعتبر الخبير في مقال للرأي صدر بمجلة "ليكسبريس" الفرنسية، أن توجه الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرباط يعد بادرة ودية تنهي سنتين من التوترات، وأضاف أن العلاقة بين فرنسا والمغرب مليئة بلحظات من القرب تتخللها فترات من البرود، مشيرا في هذا السياق إلى أن التفاعلات الودية الأخيرة بين الرئيس الفرنسي وصاحب الجلالة الملك محمد السادس تمثل حلقة جديدة، تعكس بشكل واضح أهمية العلاقة الثنائية الفريدة، المتميزة بجذورها الضاربة في التاريخ.

وأكد زيد بلباجي، مستشار سياسي للعديد من الحكومات العربية، مغربي- بريطاني، ورئيس شركة "هارد كاسل" للاستشارات الاستراتيجية، مقرها في لندن، أنه من منظور المغرب، يظهر أن الخلاف الأخير كان غير مبرر، نظرا لأنه بدا منفصلا عن الواقع اليومي. واستطرد مؤكدا، أنه في الرباط، كما في باريس، لم تتوقف التبادلات الثقافية والاقتصادية والإنسانية بين البلدين، وقال "المراكز الثقافية الفرنسية في المملكة ما تزال تجذب الحشود.

واللغة الفرنسية، رغم تحديات اللغة الإنجليزية، ما تزال منتشرة في الشوارع والمدارس. وبالنسبة إلى العديد من المغاربة، تظل فرنسا أفقا مألوفا، والذي رغم الاضطرابات الدبلوماسية، لم يبتعد كثيرا".

ولفت قائلا "على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، ما يزال المغرب، بحيويته وتنوعه، حاضرا في أذهان الفرنسيين. السياحة، التي تشكل حجر الزاوية في الاقتصاد المغربي، لم تتراجع. حتى بعد الزلزال المأساوي في الحوز، الذي كان يعتقد أنه سيحد من تدفق الزوار، سرعان ما استعادت مراكش، وطنجة، والداخلة زوارها المعتادين.

الفرنسيون، يصعب ثنيهم عن شيء، حيث عادوا من جديد، مشيرين بحضورهم إلى تضامن صامت، لكنه حقيقي".

من جانب آخر، أبرز الخبير، أن الروابط التي تجمع المغرب بدول القارة الإفريقية تعد حيوية لفرنسا في إفريقيا، حيث تحتاج إلى حليف قوي وموثوق في مواجهة تراجع نفوذها في غرب القارة والساحل.

وأكد أن انسحاب القوات الفرنسية من مالي والنيجر، وتشكيل تحالف دول الساحل الذي يرفض الأطر التقليدية للتعاون الإقليمي، يظهر رغبة متزايدة في الاستقلال عن التبعية الفرنسية. في هذا السياق، يرى أن هذه التحولات والتغيرات التي تعيش على إيقاعها القارة الإفريقية، أملت توجه باريس نحو الرباط، وقال "يعتبر نفوذ المغرب في إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال استثماراته الاستراتيجية وشبكته الدبلوماسية المتميزة، رافعة لا غنى عنها".

وأفاد بلباجي أن توقيع العديد من الاتفاقيات خلال زيارة إيمانويل ماكرون، واتخاذ قرارات مهمة تأتي في مصلحة البلدين، خاصة بعد تبني فرنسا، عبر رئيسها، موقفا داعما للمغرب في قضية الصحراء، معتبرة أن خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الوحيد القابل للتطبيق لنزاع طال أمده.

وقال "بتعديل مواقفهما كما جرت العادة، تحافظ فرنسا والمغرب على تحالف فريد في المنطقة. قوة هذه العلاقة تكمن في قدرة البلدين على تجاوز لحظات التوتر دون قطع الحوار. وبعيدا عن الخطابات الدبلوماسية التقليدية، تكشف هذه التوترات عن حقيقة أساسية: الرباط وباريس تعلمان أنهما أقوى عندما يعملان معا".

وأشار إلى أن المصالح المشتركة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو ثقافية أو بيئية، تتطلب حوارا دائما، بعيدا عن سوء الفهم والخلافات المؤقتة، وشدد بلباجي على أن سر العلاقة الفرنسية المغربية يكمن في قدرة الطرفين على تجاوز الأزمات ليعودا أقرب من ذي قبل.
 




تابعونا على فيسبوك