افتتح سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح أمس الأربعاء، الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، التي تستقبل هذه السنة، المغرب ضيف شرف، في الفترة من 6 إلى 17 نونبر الجاري، بمركز إكسبو الشارقة، تحت شعار "هكذا نبدأ".
وزار حاكم الشارقة، بعد فعاليات حفل الافتتاح، الرواق المغربي، الممتد على مساحة تقارب 190 متر مربع، حيث اطلع سموه على مجموعة من اللوحات والمخطوطات القديمة والكتب الفاخرة، الدالة على التنوع الثقافي والفني، الذي تزخر به الثقافة المغربية.
ووسط أجواء مغربية تراثية، وتحت سماء رفرف فيها العلم المغربي بقاعة الاحتفالات بمركز الإكسبو، ألقت لطيفة مفتقر، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، كلمة ضيف شرف الدورة الـ 43 من المعرض، عبرت فيها عن بالغ التقدير والامتنان لحاكم الشارقة، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، على تشريف المغرب باختيارها ضيف شرف هذا العام.
وأشارت مفتقر إلى الروابط الراسخة بين دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة المغربية على مدار التاريخ، إذ قالت في الكلمة ذاتها، "تلقينا ببالغ العناية والاعتبار هذا التشريف، الذي يجسد عمق الروابط الأخوية والتاريخية، التي تجمع المملكة المغربية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، والتي لم تكن وليدة اليوم، بل تستمد جذورها الراسخة من الرصيد الزاخر للروابط المتينة، التي وضع أسسها قائدان عظيمان هما الراحلان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما. وقد حمل المشعل بعدهما بكل عنفوان وإيمان راسخ بجدوى التفاهم والتعاون لصالح الشعبين الشقيقين، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وجلالة الملك محمد السادس، حفظهما الله".
ولفتت مدير مؤسسة أرشيف المغرب إلى الدور الثقافي البارز لإمارة الشارقة في تطوير العلاقات وتعزيز حضور الثقافة، مضيفة، "هذا اللقاء المتجدد بين بلدينا الشقيقين، هو تفصيل في منظومة من العلاقات المتميزة، التي تشمل جميع المجالات. وكان دائما للعمل الثقافي ولإمارة الشارقة، حضور متميز ومألوف في الساحة الثقافية المغربية، بعدما تم إرساء بنيات ثقافية مستمرة في الزمان والمكان، نتيجة للتعاون المثمر بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمملكة المغربية، ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، الذي أسفر عن إحداث دار الشعر بتطوان، ودار الشعر بمراكش اللتين تنظمان سنويا تظاهرتين مهمتين هما مهرجان الشعر بتطوان، ومهرجان الشعر المغربي بمراكش".
وألقى سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، كلمة بمناسبة افتتاح المعرض، تناول خلالها جهود نشر اللغة العربية، وآدابها وعلومها وتاريخها، وأهمية المعجم التاريخي للغة العربية في هذا الاتجاه، مشيرا إلى العزم الأكيد على مواصلة مسيرة العلم، ونشر الثقافة والتمكين للسان العربي في مشارق الأرض ومغاربها.
واستعرض سمو الشيخ حاكم الشارقة، فكرة المعجم التاريخي للغة العربية، التي كانت حلما تحقق للأمة العربية جمعاء، مشيرا إلى ما يتضمنه من تراث لغوي وعلمي زاخر، وما يعقبه من مشروعات ثقافية أخرى تعطي اللغة العربية حقها كلغة عظيمة باقية.
وبارك صاحب السمو حاكم الشارقة في كلمته، صدور المعجم التاريخي للغة العربية، مبشرا بمشروع الموسوعة العربية، التي بدأ العمل فيها لتضاف إلى مشروعات الشارقة الثقافية الكبرى في اللغة العربية وتاريخ الأمة وتراثها، قائلا، "أبشر الأمة العربية بمعجمها التاريخي، وأبشرها بأننا بدأنا في مشروع علمي عظيم، لا يقل أهمية عن المعجم التاريخي للغة العربية وهو الموسوعة العربية الشاملة في العلوم والآداب، والفنون والأعلام. هذا المشروع الثقافي الكبير، الذي سيعود بالأمة أيضا إلى علومها وفنونها وآدابها، وإلى دراسة سير وتراجم كبار إعلامها من العلماء والفقهاء والمفسرين والفلاسفة والأدباء والشعراء وغيرهم الكثير، وهذا هو الربط الحقيقي بين حاضر الأمة وماضيها المجيد".
واختتم سموه كلمته مخاطبا أهل الثقافة والعلم والمعرفة بتواصل المشروعات العلمية وبالمستقبل الزاهر للغة العربية، قائلا، "أقول لأبنائي: المستقبل حافل بالمشاريع العلمية الكبرى، وإني تواق بأن مستقبل العربية واعد ومبارك وميمون بإذن الله، والعربية باقية ما بقيت الحياة، ومحفوظة بحفظ القرآن الكريم ".
وكرم حاكم الشارقة، رؤساء المجامع اللغوية العربية الذين أسهموا في إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية، ومنشورات القاسمي التي عملت على تنفيذ وطباعة وإخراج المجلدات كاملةً، وذلك تقديراً لدورهم الجليل في هذا المشروع اللغوي العلمي الكبير. والتقط سموه معهم الصور التذكارية بهذه المناسبة.
كما وقع النسخة الأخيرة وهي المجلد رقم 127 من أجزاء المعجم التاريخي للغة العربية، معلنا بذلك اكتمال هذا المشروع العربي الكبير الذي يؤرخ لألفاظ اللغة العربية وتاريخ استخدامها وتطور دلالاتها عبر العصور، في إنجاز حضاري وثقافي يهدف إلى توثيق ذاكرة الأمة اللغوية. وكتب سموه على النسخة: "تم بحمد الله الانتهاء من مشروع المعجم التاريخي للغة العربية".
وكان حفل افتتاح الدورة 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب قد انطلق بعرض مرئي أبرز شعار المعرض "هكذا نبدأ" تناول أهمية القراءة واستراتيجية إمارة الشارقة في الثقافة ونشر المعرفة، وتطور المشروعات الثقافية والعملية فيها لتكون الإمارة علامة فارقة بين المدن الثقافية العالمية، كما تناول العرض أهمية الكتاب وأهدافه في التقريب بين ثقافات الشعوب وفتح قنوات التحاور وتشكيل الأفكار وتحريكها وصياغة المستقبل.
وألقى أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، كلمة أعلن فيها عن استمرار معرض الشارقة الدولي للكتاب في حصوله على المركز الأول عالميا، وللعام الرابع على التوالي، على مستوى بيع وشراء حقوق النشر، مؤكدا أن إنجازات المعرض على أرض الواقع هي حصيلة إيمان عميق بأن الكتاب ليس مجرد حامل للمعرفة وحسب، بل هو المحرك الأصيل الذي تبنى من خلاله الأمم مكانها في تاريخ الحضارة الإنسانية.