العمل على النفس أمر ضروري، ذلك أن لا شيء يحدث بالصدفة وأن النجاح يرتكز بالخصوص على الأفكار والمواقف والمعتقدات. ولكن كيف تقوم بهذا العمل على نفسك؟ الكتاب الذي يحمل عنوان «درب حياتك: كن أفضل نسخة من نفسك» يتضمن بالفعل بعض الإجابات. في هذا الإطار، استضاف «نادي الكتاب Le Matin» مؤلف هذا الكتاب، المحاضر والمدرب لحسن رزوكي، لتقديم أسلوبه الذي يعتمد على تقنيات المسرح والتنمية الذاتية.
من خلال هذه الجلسة الجديدة، يفتح نادي الكتاب «لوماتان» صفحة جديدة في تاريخه. فبعد أكثر من عامين من النجاح، قرر القائمون على «النادي» ولوج العالم الجامعي بهدف توعية الشباب بثقافة القراءة. وقد تم تنظيم اللقاء الأول في هذا الإطار يوم 24 أبريل المنصرم بالدارالبيضاء بمكتبة محمد السقاط بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء. وحسب رأي الجمهور، فإن خصوصية اللقاء تكمن بشكل أساسي في اختيار المؤَلَّف الذي يشكل اليوم أحد المراجع في مجال التنمية الذاتية. المقصود هنا هو كتاب «درب حياتك: كن أفضل نسخة من نفسك»، لمؤلفه لحسن رزوكي، الفاعل والمدرب المحترف، والأستاذ والمحاضر. وقد تم نشر الكتاب من قبل دار النشر «Editions Nationaux».
التغييـــر من خـلال نظريـة 21 يومــا
«هذا العمل هو ثمرة سنوات من التساؤلات والبحث والعمل على الآخرين وعلى نفسي. إنه يشكل منهجية تدريب ذاتي أردت أن أجعلها متاحة لأي شخص يرغب في العمل على تطوير نفسه»، يوضح لحسن رزوكي. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد العمل على سلسلة من التمارين التي يمكن لأي شخص القيام بها بمفرده دون أن يكون برفقة خبير في المجال. ويوضح قائلاً: «إنه دليل لمعرفة نفسك، وإجراء تغييرات جديدة، وأن تصبح أفضل نسخة من نفسك».
وعند سؤاله عن الاستراتيجية المعتمدة في هذا العمل، أجاب المؤلف أن منهجيته تعتمد، من بين أمور أخرى، على نظرية الـ 21 يوما. ويوضح قائلا: «كما يوحي اسمها، تنص هذه النظرية على أن الجسم والدماغ سيحتاجان إلى 21 يوما للتعود على تغيير جديد مثل ممارسة الرياضة أو تناول الطعام بشكل أفضل أو القراءة بشكل أكثر انتظاما». وبهذا المعنى، لا بد من الاعتراف بأن هذه النظرية، مثل كل نظريات التنمية الشخصية في أماكن أخرى، تقسم المتخصصين. وبين من يدافع عنها ومن يرفضها رفضا قاطعا، فإن بعض المدربين مثل لحسن رزوكي مقتنعون بأن الطريقة تؤتي ثمارها إذا طبقناها بجدية مع اقتناعنا بالنتيجة. “إن الإيمان بها يسمح للعقل اللاواعي، الذي يهيمن علينا أكثر من العقل الواعي، بالتأكد من تحقيق النتيجة المتوقعة. في نهاية المطاف، الأمر برمته هو مسألة قناعة»، كما يشير ضيف نادي الكتاب.
الحديث الداخلي، هذا العامل الذي يغير كل شيء!
«أنت ما تؤمن به. إذا كنت تعتقد أنك محدود، فاعلم أنك كذلك أو على الأقل سوف تصبح كذلك». من خلال هذه الكلمات، يشرح المدرب لحسن رزوكي فائدة تغيير الحديث الداخلي من خلال تعديل الأفكار السلبية مع الآخرين لتكون إيجابية إلى حد ما. ويحذر هذا الخبير من العبارات التي نرددها طيلة اليوم مثل: «مهما فعلت لن أنجح أبدا”، “عليك أن تكون مسنودا لتنجح أو تعثر على عمل”، “لا أستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك في مسيرتي المهنية»، أو العبارة المتداولة «أنا سيئ الحظ». ويؤكد أن «هذه الجمل خطيرة لأنها تكيف عقلنا اللاواعي وتمنع الانتقال إلى العمل، وهذا يفسر، من بين أمور أخرى، كيف يتمكن بعض الأشخاص من النجاح في حياتهم المهنية بينما لا ينجح الآخرون أبدا». بالنسبة للحسن رزوكي، من الضروري القيام بهذا العمل على النفس من خلال تجنب الأفكار السلبية بأي ثمن، واستبدالها بأفكار إيجابية إلى حد ما. لكنه يدرك أن هذا العمل ليس بهذه البساطة كما يبدو. «لقد تلقينا جميعا رسائل مقيدة عندما كنا أطفالا، مثل إرضاء الناس أو عدم التعبير عن المشاعر. هذه الرسائل ترافقنا طيلة حياتنا وتحدد سلوكنا في مرحلة البلوغ، وهذا ما يجعل التغيير صعبا بعض الشيء»، قبل أن يؤكد على أن الأمر كله يتعلق بالمثابرة. ومن ناحية أخرى، يعتقد المدرب أنه يوصى باللجوء إلى أخصائي إذا تمكنا من حل الوضع.
العواطف والعلاقات... احذروا من أعداء النجاح
لحسن رزوكي مقتنع أيضا بأنه يجب علينا التعامل مع عواطفنا كأصدقاء وليس أعداء. «نحن نميل إلى الرغبة في إدارة عواطفنا، وهو أمر لا ينصح به للتنمية الذاتية. يجب الترحيب بالمشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، والاستماع إليها وقبولها قبل التعبير عنها. وهذا يتطلب عملا على الذات يبدأ بالملاحظة. والتأكيد على أهمية إظهار اللطف مع نفسك». وبسؤاله عن أهمية إدارة العلاقات مع الآخرين، أكد المدرب على أن مَن حولنا يؤثرون علينا سواء أحببنا ذلك أم لا، قائلا: «ننتهي دائما بإعادة إنتاج الكلمات والجمل والأفكار وحتى سلوكيات الأشخاص من حولنا، ومن هنا تأتي أهمية اختيارهم. ليست هناك حاجة لإحاطة نفسك بأشخاص سامين أو أشخاص يتبنون وضعية الضحية طيلة الوقت. والمثالي هو اختيار الأصدقاء الذين يشجعوننا». وفي رده على أسئلة الجمهور، أصر لحسن رزوكي على أهمية تنمية الثقة بالنفس، وتعلم كيفية التخلص من الشعور بالذنب والجرأة على قول «لا» عند الضرورة. بالنسبة للحسن رزوكي، أن تصبح أفضل نسخة من نفسك هو طريق يجب اتباعه بالكثير من الصبر والمثابرة.
نبيلة باكاس