استعادت ساحة جامع الفنا القلب النابض لمدينة مراكش، نشاطها السياحي الاعتيادي، وزوارها من السياح الأجانب، وعاد مروضوا الثعابين والقردة إلى مزاولة أنشطتهم الترفيهية بمعية أصحاب عربات العصائر والمطاعم المتنقلة، وذلك.بعد الهزة الأرضية القوية التي ضربت إقليم الحوز ليلة الجمعة 8 شتنبر الجاري، وكانت لها تداعيات على مستوى المدينة العتيقة.
واستأنف المرشدون جولاتهم رفقة السياح الأجانب في الساحة العجائبية الاستثنائية، التي تستأثر باهتمام أي زائر للمدينة الحمراء سواء المغاربة أو الأجانب، وفي أزقة المدينة العتيقة.
وشكلت ساحة جامع الفنا، على مدى العقود الماضية، القلب النابض لمراكش على المستوى السياحي، بحيث لا يمكن لمن يقصد المدينة الحمراء للسياحة والاستجمام أن يعطي لزيارته معنى وقيمة دون النزول ضيفاً عليها، وهي الزيارة التي لا تتوقف عند حدود الساحة بمطاعمها ومنشطيها الحكواتيين والفكاهيين ومروضي الأفاعي وغيرهم، بل تمتد إلى عمق المدينة القديمة، حيث الأسواق على غرار سوق السمارين، والمآثر التاريخية والمزارات السياحية على غرار مدرسة بن يوسف، والقبة المرابطية.
ووفي هذ الصدد، قال محمد الكنيدري رئيس جمعية الأطلس الكبير في اتصال ب"الصحراء المغربية"، إن مدينة مراكش التي يفوح منها عبق التاريخ وغنى تراثها المادي واللامادي، لا يمكن أن تستقيم الحياة فيها إلا بهرج ومرج ساحتها التاريخية التراثية التي تشكل فضاء مثاليا للتعددية الثقافية.
خلال زيارتها لهذه المعلمة التاريخية التي صنفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تراثا شفيها لاماديا للإنسانية، صادفت "الصحراء المغربية" فوجا من السياح الأجانب بمدخل ساحة جامع الفنا، والابتسامة تعتلي وجوههم وكلهم حماس للاستمتاع بأجواء ساحة جامع الفنا واستكشاف مدينة مراكش الساحرة، التي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على النشاط السياحي والصناعة التقليدية، فضلا عن كونها معروفة بسياحة المؤتمرات والتظاهرات الدولية.
وفي الوقت الذي قرر مجموعة من السياح الأجانب البقاء في مراكش رغم الزلزال الذي دمر محيطها وأيضا مباني في المدينة العتيقة، فضل المئات من السياح تقليص مدة عطلتهم بالمغرب، وبمراكش على وجه الخصوص، لتفقد المدينة الحمراء الكثيرين من زوارها وسط مخاوف من أزمة تضرب النشاط السياحي الرئيسي لاقتصادها.
وبخصوص تداعيات زلزال الحوز على القطاع السياحي بمدينة مراكش، أشار الزوبير بوحوت الخبير في المجال السياحي، الى أن تأثير الزلزال سيكون محدودا، لأن اقتصاد مدينة مراكش يعتمد على السياحة التي من الممكن أن تتعافى في الأشهر المقبلة، مبرزا أنه من الطبيعي أن يلغي أي سائح كان يعتزم القدوم إلى المغرب حجزه الفندقي بعد الزلزال، وهو ما تبين من خلال توصية منظمة متعهدي الأسفار والسياحة أو ما يعرف باتحاد المقاولات والمنعشين السياحيين، التي دعت فيها وكالة الأسفار إلى توعية السياح بتأجيل السفر عوض إلغاء الحجز الفندقي دون مصاريف إضافية، حتى لا تتأثر السياحة في المغرب.
وأكد بوحوت في تصريح ل"الصحراء المغربية، أن مثل هذه الكوارث الطبيعية، تولد نوعا من ردود الفعل الطبيعية المتمثلة في الخوف، وهذا ما حدث بعد الزلزال الذي ضرب اقليم الحوز ليلة 8 شتنبرالجاري، مشيرا إلى أن رحيل السياح الأجانب كان تصرفا أملته الغريزة الإنسانية، وهو ما أدى إلى التقليص من مدة إقامتهم التي كانت مبرمجة.
وأوضح بوحوت، أن أول رد فعل طبيعي لأغلب السياح المتواجدين في المغرب خلال فترة الزلزال هو تقليص المدة والعودة صوب بلدانهم، وهذا يعتبر نوعا من إلغاء الحجز، مبررا ذلك بأن الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية أكدت أن موظفي الوحدات الفندقية قاموا بمساعدة الزبناء الذين اختاروا العودة إلى بلادهم في هذه الفترة الصعبة، حسب ما أكدته الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية، وهو مؤشر على إلغاء حجوزاتهم في المغرب.
وتوقع الخبير في المجال السياحي، بعودة الأحياء المتضررة داخل المدينة العتيقة، لسابق عهدها في أقرب الآجال، وهو ما يمكن تداركه بسرعة، خاصة وأن المدينة الحمراء تشهد أعمال إصلاح كبيرة منذ أسابيع من أجل استقبال اجتماعات مجلس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المقررة في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر المقبل، مشيرا إلى أن هذه الأشغال ستمتد لتشمل ما دمره الزلزال.