تحول مسجد الكتبية التاريخي خلال شهر رمضان المبارك، إلى مزار ديني، من خلال جلبه للمصلين، فهو المسجد الذي يؤنس الوحدة، ويبث السكينة في النفوس من خلال عمرانه وسقوفه التي تساعد على التأمل وتدعو إلى رهبة الخشوع.
التوافد الكبير لمجموعة من المصلين بالفضاءات والساحات المجاورة لمسجد الكتبية التاريخي، لأداء صلاة العشاء والتراويح خلف المقرئ الحبيب اعنينش ذو الصوت الشجي، واغتنام لحظات للتمعن والتدبر في آيات القرآن الكريم والسمو بالنفوس البشرية إلى مراتب الصفاء والطهر من الشوائب، أثارفضول السياح الأجانب من جنسيات مختلفة زوار المدينة الحمراء الذين فضلوا متابعة جموع المصلين يؤدون صلا ة التراويح من الجنبات القريبة للمسجد، والتقاط صور وفيديوهات تذكارية لهذا المشهد الروحي الذي يعبر عن تماسك المسلمين في ربوع العالم وتأدية واجبهم الديني بكل إيمان و خشوع خلال شهر رمضان الكريم.
بعد أدان صلاة العشاء يتقاطر آلاف المصلون من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، على مسجد الكتبية التاريخي، المنارة الروحانية التي تزداد توهجا في شهر رمضان الكريم لاسيما في العشر الأواخر منه، لأداء صلاة العشاء والتراويح التي تميز هذا الشهر الفضيل عن باقي شهور السنة، لينعموا بأجواء إيمانية فريدة تملؤها السكينة ويميزها الخشوع.
في المدينة الحمراء تسطع أنوار المساجد في صلاة العشاء والتراويح بحيث تضيق بالمصلين، فأصبح من المعتاد أن تتراص صفوف طويلة خارج المساجد وعلى قارعة الطريق لأداء الشعيرة، ليتفرق الجمع بعد ذلك بين من يعود الى بيته ليعيش أجواء أسرية خاصة، ومن يقصد المقاهي التي تنتقل ذروة نشاطها الى الليل في سهر ممتد الى وقت ما قبل السحور، تتناسل حول طاولاتها نقاشات السياسة والرياضة وأحوال المجتمع أو تحتدم على رقعتها مباريات لعب الورق.
خلال مواكبتها لأجواء صلاة التراويح بمسجد الكتبية التاريخي، عاينت "الصحراء المغربية" فئة من رواد المقاهي المتواجدة بمحيط المسجد تحمل في يدها سجادات، علما أنها اقتطفت لها ركعتين أو ثلاث ركعات وراء الإمام الحبيب اعنينش.
رمضان في مراكش يختلف نوعا ما في المدن المغربية، فهناك مصلون رجال ونساء وأطفال من مختلف الأعمار، يحرصون على أخذ مكان لهم في الصفوف الأمامية داخل مسجد الكتبية، الصرح الديني العريق حتى إن بعضهم يفضل تناول وجبة الإفطار داخل
المسجد الذي يمتلئ عن آخره، لاغتنام لحظات للتمعن والتدبر في آيات القرآن الكريم والسمو بالنفوس البشرية إلى مراتب الصفاء والطهر من الشوائب.
في ما مضى كانت الفضاءات والساحات المجاورة لهذه المعلمة الدينية الحضارية، قاعا صفصفا، لا أنس بها، إلا من خيال راجلين قادهم القدر إلى المرور بجانبها، وأحياها رمضان واصبحت تغص كل ليلة بجموع المصلين بعدما باشرت المندوبية الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتنسيق مع السلطات المحلية، تهيئة جميع فضاءات المسجد وجهزتها بمكبرات الصوت، والزرابي، والإنارة الخارجية، لتمكين المصلين من الصلاة في سلام و طمأنينة، كما تم تثبيت حواجز لتيسير حركة السير والجولان حول المسجد، إضافة إلى تسخير سيارة إسعاف وطاقم طبي طوال شهر رمضان تحسبا لأي تدخل عاجل.
وحسب اللجنة التنظيمية، فإن مسجد الكتبية، الذي يجمع بين التصاميم الهندسية الفريدة والفخامة العمرانية اللافتة، يستقطب كل مساء خلال شهر رمضان المبارك ما بين 8 آلاف و 10 آلاف مصل يحجون من مختلف الأحياء المحاذية لأداء صلاة العشاء وصلاة التراويح،غالبيتهم من الشباب والنساء، فيما يتوقع أن يصل هذا العدد إلى ما يقارب 20 ألف خلال ليلة الختم وليلة القدر.
وأعرب الحبيب اعنينيش إمام مسجد الكتبية، في تصريح لـ "الصحراء المغربية" عن اعتزازه بإمامة صلاة التراويح في هذا الصرح الديني، لافتا إلى فضائل هذا الشهر المبارك، أحد أركان الإسلام الخمسة، وصلوات التراويح التي لها مكانة خاصة في قلوب المغاربة.
وأشاد اعنينيش، بالرعاية السامية التي يحيطها بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، الشأن الديني، متضرعا إلى المولى عز وجل أن يحفظ جلالة الملك، أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين.
من جانبهم، أكد العديد من المصلين في تصريحات متفرقة لـ "الصحراء المغربية" أن الصلاة في هذا المكان الذي تهوى إليه أفئدتهم والمحفوف بالبركة والتدبر حقيق بأن يتم التنقل إليه، ويرجع الفضل في ذلك بشكل خاص إلى القراءة المحبّرة وصوت الإمام الشجي، إضافة إلى التنظيم المحكم الذي تتولاه المندوبية الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والسلطات المحلية.
وأوضحوا أن تحمل أعباء التنقل إلى مسجد الكتبية القريب من ساحة جامع الفناء، قصد أداء صلاتي العشاء والتراويح بهذه المعلمة، يعتبر شيء هين بالنظر إلى الراحة النفسية والخشوع الذي يحس به المصلي خلف المقرئ وديع شاكر، الذي يتميز بصوت شجي ومؤثر.