يعتز المواطنون المغاربة بالسياسة الخارجية لبلدهم أشد الاعتزاز، بالنظر إلى ما حققته وتحققه في السنوات الأخيرة من نجاحات بدت نتائجها واضحة للعيان.
ولعل أبرز نتائجها لا تنحصر فقط في النجاح السياسي، الذي تحقق لمصلحة بلدنا في ما يخص الوحدة الترابية، بل أيضا على المستوى الاستراتيجي، حيث جرى تنويع الشركاء تأمينا لمستقبل أفضل، طالما أن الحاضر خير شاهد في عصرنا هذا الذي يعد عصر الاقتصاد بامتياز. ومن الطبيعي جدا أن يطبع قصر النظر من مازالوا يغطون في أحلام وأوهام عصر السياسة، ويبحثون عن شركاء لا طعم ولا لون ولا أرض لهم، وهذا ينطبق في الواقع على القيادة التونسية التي استعارت ذاكرة السمك ورمت وراء ظهرها الماضي المشترك الجميل وفضل بلدنا بالأمس القريب. إذا اختارت قيادة أي بلد الارتماء بين أحضان المدمرين فذاك اختيارها وعليها وحدها أن تتحمل تبعات ذلك. أما أن تحاول فرض سلوكها الأرعن على الآخرين، فهذا غير مقبول خصوصا حين يتعلق الأمر ببلد اسمه المملكة المغربية، الضاربة في أعماق التاريخ وظلت عصية على أطماع كثيرة.
زلت قدم القيادة التونسية أكثر من مرة ومررها المغرب آخذا بالاعتبار قلة خبرة البعض، ولم ينزح نحو نظرية اللؤم واللعب على حبلين اعتبارا لكثير من الأمور ولتاريخ العلاقات، ولوفاء الكثير من أبناء تونس، لكن مع ما حدث يوم الجمعة واستقبال "رئيس بلا بلد" أو "اعتراف من قبل الأمم المتحدة" كان من الطبيعي أن نؤكد لهم أن الصبر نفد وأن الإساءة لن تمرر. لنذهب في اتجاه ما ذهبت إليها صحافة قيس سعيد، ولنفرض أن البلاغ المغربي كان عدوانيا، أو أن الموقف المغربي مبالغ فيه فبماذا تصفون موقف اليابان، ولما تحرك اليد عساها تخفف حر الصفعة التي طبعها اليابانيون على خدكم؟ التبرير والتهرب لن يجديا نفعا بعد أن افتضح الأمر ونضح الإناء بما فيه، يكفينا شرفا أن غياب بلدنا كان أهم من حضور البعض ومن دسائسه، فاسم المغرب جرى ترديده مرات ومرات وبعدد يليق بحجمه ومكانته. التونسيون الذين اعتذروا للمغرب وتأسفوا للمعاملة إياها يشهدون على أن الخطأ واضح ولا لبس فيه، وأن التمادي في التهجم يشبه البصق في وجه المستقبل.
لسنا عدوانيين ولن نكون كذلك، وما تصفنا به صحافة قيس سعيد، التي اختارت فئة منها التصعيد، يجري الرد عليه أشراف تونس وهذا يثلج صدورنا. صحيح أننا نملك القدرة على الرد كل واحد منا بوسائله، لكن الدعم من قبل أبناء وطنكم يرفع المعنويات ويشحذ العزيمة، ومن شأنه إخراس كل خلفاء مسيلمة في الألفية الثالثة. لاحظ الجميع أننا ومنذ الزلة ظللنا نفصل بين التصرف الأرعن للقيادة، والشعب التونسي الشقيق، الذي لا يد له في ذلك، بل تبرأ منه في حينه ومازال يستنكر "تيكاد8 غيت"، نحن لا نتسرع لكن لا ننسى ولا نستسلم ولا نلدغ من الجحر مرتين.
قولوا ما شئتم للترويح عن النفس أما العالم فيعرف الحقيقة، وتصعيدكم مردود عليه.