انتقلت النساء في العقود الأخيرة إلى العمل خارج المنزل لتوفير حاجياتهن وحاجيات أسرتهن بحكم التطور الكبير الذي شهدته المجتمعات الإنسانية، ومتطلبات الحياة التي ما فتئت تزداد يوما بعد يوم، فأصبحت المرأة تعيش صراعا داخليا كبيرا بين مسؤوليات المنزل خاصة الأمهات ومسؤوليات عملها خارجه، ما شكل ضغطا كبيرا على نفسيتها وأثقل كاهلها وجعلها تدور في رحى لا تنتهي بين تحقيق رغبتها في إنجاح حياتها الشخصية والتوفيق في مسيرتها المهنية.
في هذا الصدد، قالت نبيلة بن أحد، الأستاذة الجامعية والمدربة المعتمدة، إن الإرث الثقافي الذي يسوق أن المرأة هي الوحيدة المسؤولة عن نجاح العلاقة الزوجية أو الحياة العائلية والاهتمام بكل تفاصيل البيت من ترتيب وطهو وتربية للأبناء، هو ما يعيق النساء اليوم ويجعلهن يعشن صراعا داخليا وتأنيبا للضمير ما ينعكس سلبا على نفسيتهن ويدخلهن في دوامة من التوتر والقلق بخصوص عدم قيامهن بالدور المنوط بهن على أكمل وجه.
واعتبرت في تصريح لـ»الصحراء المغربية» أن الثقافة السائدة في المجتمعات وخصت بالذكر المجتمع المغربي لا تعطي المرأة المساحة الكافية حتى تحقق أهدافها الشخصية باعتبارها شخصا مستقلا بذاته لهذا السبب تبقى حبيسة الإرث الثقافي، وتبدأ مسيرة معاناتها إلى جانب الفكرة المترسخة لدى الرجال أن مكان المرأة الاعتباري هو المنزل، ما يجعلهم يطالبون زوجاتهم بإيلاء اهتمامهن الكامل للبيت وحاجياته وتخصيص معظم وقتهن لأعباء الزوج والأطفال ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم دون أن تنبس بكلمة، مضيفة أن أي خلل في هذه المنظومة تحاسب فيه المرأة أولا، من هنا تأتي الضغوطات النفسية التي تعيش على وقعها النساء العاملات وحتى ربات البيوت.
وأشارت مدربة الحياة إلى أن الإحساس بالضغوطات يؤثر على جودة حياة النساء اللواتي يقمن بمهامهن اليومية بشكل أوتوماتيكي في انتظار التنقيط الإيجابي من قبل المحيطين بهن من المجتمع والأسرة الصغيرة والكبيرة وزملاء العمل، ويتحتم عليهن بذل مزيد من المجهودات المضاعفة ليسمعن كلمة «أنتن ناجحات»، وتابعت أنه في العديد من الأحيان وفي خضم الأحداث المتسارعة تنسى النساء أنفسهن ومتطلباتهن الشخصية ويبقين محصورات في خدمة العالم المحيط بهن، دون تلبية رغباتهن الدفينة في تحقيق ذواتهن وفقا للأهداف التي رسمنها مسبقا، ما يخلق نوعا من الإحباط والاكتئاب ويدخلن في دوامة القلق والتوتر المستمرين ما يؤجج الإحساس الداخلي بالخوف من عدم القدرة على تلبية كل المتطلبات المحيطة بهن وخاصة ما يردنه لأنفسهن.
من هذا المنطلق تدعو نبيلة بن أحد النساء اللواتي يعشن حربا نفسية نتيجة العبء الفكري والنفسي أن يضعن السلاح لفترة من الزمن والتوقف للتأمل والوعي أن لهن الحق في الخطأ والاعتراف أنهن مجرد إنسان له مكامن القوة والضعف، والمعرفة الحقة بذواتهن، واللجوء إلى فتح الحوار والنقاش مع باقي أفراد العائلة من زوج وأطفال أو إخوة واطلاعهم على أنهن لسن الوحيدات المسؤولات عن أعباء المنزل وأن كل فرد من الأسرة له حقوق وواجبات، ولكل دوره ومهمته في تلبية حاجيات البيت ومتطلباته، وبهذا الشكل ستخفف من الضغوطات التي يعشنها يوميا داخل البيوت وتنعكس على حياتهن العملية والشخصية.
ولفتت في حديثها أنه لا توجد «امرأة أو أم مثالية» كل النساء رائعات ولا يجب تكليف أنفسهن ما لا طاقة لهن به، وأشارت إلى أن السبيل لتحقيق التوازن في حياتهن العملية والشخصية يبدأ أولا بحب الذات والمعرفة الحقة بالحاجيات الخاصة وتلبيتها، وتنظيم الأولويات وإدارة الانفعالات بشكل آمن وسليم، حيث دعت النساء إلى التواصل بشكل فعال مع محيطهن وتوضيح ما يخالجهن للمقربين وتوعيتهم بالحالة النفسية التي يمررن بها وأن لهن الحق في قول «سطوب»، مشددة على أن أولوية الأولويات بالنسبة للنساء هي ذواتهن وتلبية مطالبهن واحتياجاتهن الشخصية حتى تكون لديهن القابلية والقدرة والشجاعة والطاقة الكافية لمساعدة الآخرين والقيام بالدور المنوط بهن على أحسن وجه.
أسماء إزووان