حكيم زياش.. الحالة والهالة

الصحراء المغربية
الخميس 10 فبراير 2022 - 16:27

لم يمر تصريح اللاعب المغربي المحترف، حكيم زياش، الذي أعلن فيه الاعتزال دوليا، مر الكرام كما لا ينبغي له أن يكون كذلك. إن الضجة التي أحدثها التصريح تعني بكل بساطة أننا لسنا بصدد لاعب عاد أو قرار شبيه بذلك.

 إن كفاءة اللاعب لا تناقش، لكن مثل هاته القرارات ليست مألوفة بالنسبة لنا في المغرب، ولا نستسيغها، لكن والحالة هاته ينبغي أن نقرأ التصريح الرسالة من كل الجوانب دون تجن. لا خلاف بيننا أن المنتخب الوطني فوق الجميع، وأن الاستجابة لندائه فوق كل اعتبار، وهذا سبق أن فعله زياش حين فضل منتخب المغرب، بلده الأصلي، على هولندا، بلد النشأة والإقامة.

لكن ماذا عن الظلم، الذي يتعرض له هذا اللاعب من طرف المدرب؟ لم تكن هاته المرة الأولى، التي يتعرض فيها زياش للظلم من طرف مدرب المنتخب الوطني، فقبل وحيد خاليلودزيتش سبق أن أبعده هيرفي رونار عن المنتخب الذي شارك في نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017، وكان المبرر الحقيقي والذي لم يفصح عنه أنه لم ينسجم مع المجموعة خارج الملعب ولا يساير موجة الضحك والمزاح وغيرها.

لكن بعد تدخل رئيس الجامعة لصالح زياش ظل يستدعيه رونار ويعتمد عليه وشارك في مونديال 2018 ودورة 2019 لكأس إفريقيا للأمم وكان فاعلا وحاسما في كثير من المباريات، ولما جاء وحيد أعادنا إلى السطر من جديد، وكرر ما فعله سلفه رونار ليس لأنه اكتشف شيئا ما، بل لأنه من عادة هذا المدرب أن يختلق المشاكل مع اللاعبين وهذا حدث معه في كل المنتخبات التي دربها، وآخرها منتخب اليابان الذي كان مسؤولوه مجبرين على إبعاده بعد التأهل إلى مونديال روسيا 2018 مراعاة لمصلحة منتخب بلدهم.

نحن لا ندافع عن تصريحات زياش، لكن لماذا نقبل أن يظل لاعب نجم رهينة أهواء المدربين؟ لماذا لم يمتلك المدرب الشجاعة ليقول لنا بكل صراحة ما اقترفه هذا اللاعب ليصدر في حقه قرار من هذا الشأن ويقنعنا بقبول الأمر الواقع؟ نحن أمام وضع خاص لأن اللاعب أظهر رد فعل غير مألوف بالنسبة لنا، فاللاعبون الذين تعرضوا لتعامل مماثل كثيرون، لكن لم يعلنوا اعتزالهم دوليا، ونسوق على سبيل المثال قصة بودربالة مع المدرب أنطونيو أنجليلو فلانتيني في تصفيات مونديال 1990 ومصطفى الحداوي مع الألماني أولك فيرنر وقبلهما ميري كريمو ومصطفى يغشى مع الفرنسي جوست فونتين قبل المواجهة الفاصلة مع الكاميرون المؤهلة لمونديال 1982، وحتى إن حدث هذا مع القلة القليلة فإنهم يتراجعون عن ما يعتبر رد فعل في حالة غضب.

شهد مسار منتخبنا الكروي، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي تحولات كثيرة وأهمها الاعتماد على لاعبين لم يروا النور في وطنهم الأم ولم يتعلموا فيه أبجديات كرة القدم، لكن هذا التحول لم يواكبه تحول فكري، إذ واصلنا التعامل بشيء أقرب إلى فكرنا القديم.

صحيح أن تغيير الفكر يتطلب أجيالا، لكن الإرهاصات تبدأ مع الجيل المعاصر تمهيدا للقطع مع الماضي. في السابق كان رفض التخلف عن تجمعات المنتخب الوطني دون مبرر يقود إلى التوقيف وكان التطبيق سهلا، لأن جميع اللاعبين كانوا يمارسون في البطولة الوطنية، لكن هذا لا يمكن تطبيقه في الوقت الراهن، لأن اللعب للمنتخب الوطني من طرف لاعب محلي أصبح يشبه بيضة الديك.

لكن هل تعاملنا مع اللاعب الذي يمارس في الخارج بأسلوب يجعله يفهم ما يمثله المنتخب الوطني لنا؟ هل وضحنا له أن اللعب للمنتخب الوطني يتطلب الكثير من الأمور؟ هل نشرح لهم أن قول نعم للمنتخب الوطني يعني نعم للوطن؟ هل قلنا لهم العكس؟ هل وهل وهل... نحن لسنا بصدد قاعدة لا يعذر أحد بجهله للقانون، زياش مواطن مغربي والوطنية كما نؤكد ليست فيها درجات، وسيظل كذلك وأكيد أن المدرب الحالي سيرحل يوما وتطوى صفحته.

لا نقاش حول مغربية اللاعب. وقبل أن ننقلب عليه ونحاكمه أو نلتمس له العذر ينبغي أن نحيط بالموضوع من كل جوانبه. نحن أمام حالة بكل هذه الهالة لكن الذي يدعو إلى الاستغراب هو استسلام الجامعة أمام موقف المدرب الذي يحتاج إلى تبريرات مقنعة وصمتها حتى الآن أمام المنعطف الجديد. لا تقولوا لنا إنه اختار فالاختيار الوحيد الذي نعرفه هو تفضيله للمنتخب المغربي على الهولندي.




تابعونا على فيسبوك